تدعى الجماعات اليهودية، على مدى التاريخ، أنهم حافظوا على نقائهم العرقي وأنهم لم يختلطوا بالأجناس والشعوب الأخرى، لكن العلماء يؤكدون كذب هذه المقولة.
وأكد عدد كبير من العلماء بينهم الراحل الدكتور جمال حمدان، أن هذا الادعاء لا محل له من الحقيقة أو العلم على الإطلاق، واليهود لم يعرفوا الوحدة العرقية تمامًا كما أنهم لم يعرفوا الوحدة الجغرافية.
والمعروف أن البشر قديمًا عاشوا شعوبًا وقبائل، لكل منهم سمات خاصة، لكن بفعل الهجرة اختلطت السلالات البشرية المختلفة وأصبحت هناك سمات جديدة، لا تقف عن حدود السلالات القديمة مثل القوقاز والسلاف والمغول والزنوج والساميين.
وقسم علماء جينولوجيا الحمض النووى، البشر إلى مجموعات عرقية تسمى بالمجموعات الفردانية، وهى مجموعة من الجينات في كائن حي يتم توارثها معًا من أب واحد، وتم تسمية المجموعات من الحرف A إلى T، وعلى هذا قامت العديد من الأبحاث والدراسات للتوصل إلى نتائج حول وجود مشترك بين المجموعات الفردانية أو العرقية عند اليهود والعرب، في محاولة للتوصل لصحة نسب اليهود أرض كنعان "فلسطين" لهم، وادعائهم بأنهم السلالة النقية على وجه الأرض.
وقد أثار البروفيسور الروسى أناتولي كليوسوف، واضع مبدأ جينولوجيا الحمض النووى فى الكيمياء العضوية، فى لقاء على قناة "روسيا اليوم"، الكثير من الأطروحات حول أصل اليهود الموجودين الآن فى فلسطين المحتلة، وذلك بالبحث فى أصولهم الجينية، موكدًا أن اليهود جنس غير نقى، حيث التقوا مع العرب في أصل واحد منذ 4 آلاف سنة، وبذلك فند كلامه مزاعم اليهود بأنهم سلالة نقية لا تشوبها شائبة وقال إن اليهود هم حملة الجينات "ج 1" أو ما تعرف باسم مجموعة الكوهنيين الفردانيين، لافتًا إلى أن أصلهم يعود إلى النبي إبراهيم، وهو عامل مشترك مع العرب.
ولفت الباحث الروسى إلى أن المجموعة "1J" تكونت قبل المجموعة "J" وذلك قبل 42 ألف سنة، وأكد أن المجموعة الفردانية "العرقية" الأكثر أنتشارًا عند العرب هي "J1"، في الدول العربية من العراق إلى المغرب، حيث تتواجد بنسبة 43%، وفى مقابل المجموعة "E" والتي تأتى في المرتبة الثانية بنسبة 15%، أما المجموعة الثالثة هي "R1A"، بنسبة 12%، وهو ما يدعو للاستغراب لأن هذه المجموعة أغلب ما تصادف نسب أغلب سكان أوروبا الشرقية لها، أي أنها يمكن أن يطلق عليه سلافية شرقية.
ولفت إلى أن المجموعة "J1" تتواجد بشكل مكثف في الجزيرة العربية، بالتحديد 81% فى العراق، 73% في اليمن، 30 – 40% في كل من السعودية، الأردن، الإمارات، فلسطين، و20% في لبنان، وهو ما يؤكد أن الساميين من العرب واليهود كانت بدايتهم فى تلك المناطق، ومع ذلك فإن عنصر "R1A" أيضًا متواجدة نسبة كبيرة أيضا، إذا يمثل 12% عند العرب و10% عند اليهود، لذا فإنهم يتشابهون في الملامح بين بعضهم البعض، على أن مجموعتهم تفرقت منذ 4 آلاف سنة، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حاملي جينات المجموعة R1A ولا يرى حرجًا في ذلك، والمقصود من ذلك أن هذه المجموعة هي مجموعة آرية وليست يهودية، ولذلك نجد بعض اليهود يفتخرون بأنهم من الآريين، وهى أصلاً مجموعة أوروبية.
وتحدث البروفيسور الروسي، حول قيام علماء يهود بمحاولة إقناع الجميع أن اليهود هم الورثة الوحيدون للنبي إبراهيم، لكن تبين خطأ ذلك.
ولفت البروفيسور كليوسوف، إلى أن المجموعات العرقية في القدم كانت تعيش بشكل منفرد في زمن السلم وتدبر حالها منفردة، وبالتالي كانوا يعرفون من هو قريب منهم أو غريب عنهم، لكن عندما تحدث فاجعة طبيعية أو دينية او اجتماعية يبدأ عصر الهجرات والاختلاط، ومن هنا ظهر الاختلاط بين الأجناس والأعراق البشرية المختلفة.
وأكد أناتولى كليوسوف، أن الانقسام العرقي بين اليهود والعرب ليس الوحيد الذى حدث، انقسام وقع بين الروس والبولنديين فهم من أسلاف سلافية مشتركة، لكن بعضهم تدين بالأرثوذكسية والآخر بالكاثوليكية، وحل بينهم انقسام وعداوة، وهو نفس الشيء بين الصرب والكروات، مشددًا على أن الحضارات أدت إلى انقسام لاحقا، وكان الدين السبب الرئيسي فى هذا الانقسام رغم أن عرقهم واحد، ولذلك فأن الدين يعتبر عامل تفكيك بالغ القوة.
وشرح البروفيسور الروسى، ما حدث بأنه بعدما فرق النبي إبراهيم بين ابنيه إسماعيل وإسحاق، وزوج كل منهم زوجة من عشائر مختلفة، بدأت كل ذرية تأخذ أنماط مختلفة، وإذا قسمنا أفرع المجموعات الفردانية التي يأتي منها اليهود والعرب وجدناها حوالى 25 فرعًا يمكن تقسيمهم إلى 12 وهو عدد الأسباط اليهود، و13 فرعًا عربيًا.
وأكدت البروفيسور أنه لم يقم بعمل تحاليل للحمض النووى لليهود "سابرا" (المولودون في فلسطين)، وذلك كون دراسات الحمض النووى ممنوعة في إسرائيل، مفسرًا ذلك بأن هذا النوع من الدراسات يضايق البيزنس الذي يمارسه المحامون والحقوقيون الذين يتولون قضايا متعلقة بإثبات الأبوية وقضايا لم الشمل لأفراد أسر يهودية، لذا هذه الدراسات تحرمهم رزقهم.
وتطرق "كليوسوف" إلى الحديث حول ادعاء إسرائيل قيامها على أساس عرقى، وبالتالي لا تمنح أى يهودى بطاقة الهوية الإسرائيلية، إلا إذا أثبت ذلك، لكن على الرغم من فإن دراسات جينولوجيا الحمض النووي، أثبتت أن يهود الفلاشة جينيًا ليست لهم علاقة باليهود، فالقادمون من إثيوبيا حصلوا على الجنسية الإسرائيلية، رغم إنهم ليسوا يهودًا من الناحية الإثنية، وذلك لأن العلم فى هذه الزاوية يضر بمصالح إسرائيل، كاشفًا عن أنه تلقى رسالة من سيدة تعيش فى إسرائيل منذ ولادتها أكدت له رفض هذه الدراسات في إسرائيل لأنها تهدد التصور الديني عن نقاء الشعب اليهودى.
وأكد "أناتولى" أن تحديد القومية عند اليهود يكون بناء على نسب الأم، بمعنى إن شخصية اليهودي على حسب إذا كانت الأم يهودية أم لا، وذلك مخالف لعلم جينولوجيا الحمض النووى الذى يتعامل فى الأساس مع كروموسوم y الذكرى، أما في إسرائيل فتحدد القومية وفق سلالة الإناث، فموجب القانون اليهودى إذا كانت الأم يهودية فالأبناء يهود.
ووفقًا لدراسة "أناتولى" فإنه يتبين أن اليهود خليط من القوميات والأجناس، وأشار إلى أنه كثيرًا ما يقوم بزيارة المواقع الإسرائيلية المخصصة لعلم الوراثة، وما يحظى باهتمامه هو معرفة موقف اليهود أنفسهم من كل هذا، وبالتمعن في مناقشاتهم فهم أن اليهود أنفسهم لا يعرفون من هم اليهود، ويرى البعض منهم أن البت فى هذه المسألة يجب أن يتم بناء على القومية، وآخرون يرون القومية بناء على الجنسية، وأن العرق لم يعد يؤخذ في الاعتبار.
وقال العالم الروسى، لو توقفنا عند تعريفات القومية مثلاً بأنها وحدة الأرض ووحدة اللغة، فإن ذلك لا يتوفر عند اليهود، فعلى مدى طويل من السنين لم يعرف اليهود وحدة الأرض، وحتى الآن هم مشتتون، وعدد كبير منهم لا يتكلم العبرية، حتى العامل الديني، فإن كثيرا من اليهود لا يتبعون قوانينهم الدينية وهذا هو سبب الجدل حول تحديد المصير إثنيا.
وفيما يخص نسب الأشكناز والسفارديم، إلى العرق اليهودى، يرى البحاث أن العناصر بينهما ضبابية وليست واضحة، لكن الدين بينهم مشترك، ما يؤكد أنها دولة قائمة على أساس دينى وليس عرقى.
وحول بحث أكد أن أحفاد أسباط بنى اسرائيل لا يتجاوزن ثلث اليهود الأوربيون، وبالتالي فإن اليهود الأوربيون ليسوا من أحفاد أسباط بنى إسرائيل وبالتالي لا يمكن اعتبار استيطانهم لأرض كنعان "فلسطين" شرعيا من الأساس، أكد البروفيسور هذه حجة صحيحة، فلا يوجد معلومات موثقة عن خروج اليهود من مصر ولا ذكر لذلك فى آثار المصريين القدماء إلا فى موقع واحد، وبالنظر أيضا إلى الكتب الدينية المدرسية في إسرائيل، ليس فيها شيئا عن الأسباط الاثني عشر، وعلماء الاثار لم يعثروا عن أي معلومات عنهم.
ولفت البروفيسور الروسي إلى أن أقدم ذكر لليهود جاء عندما عثر الأثريون على شاهدة بمقبرة الفرعون مرنبتاح، تعود إلى عام 1210 قبل الميلاد، وبعد فك رموزها الهيروغليفية، توصل العلماء إلى استنتاج أن هذه الشاهدة تحتوى عبارة: "قضى على بنى إسرائيل ولن يبعثوا مجددا" وفقا للتأريخ المتعارف عليه، هذه أقدم شهادة مكتوبة عن شعب إسرائيل، وأقدم من ذلك لا يوجد شىء آخر من صنع الإنسان تدل على الخروج، أما بحسب الكتاب المقدس "التوراة" فقد حدث كل شيء قبل التاريخ الموجود على الشاهدة، واقعة انشقاق البحر وغرق فرعون وجنوده، مؤكدا أن هذه الشاهدة أثارت سجالات جديدة حول قدم اليهود وتميزهم كشعب مختار، ومستشهدا بمقال لمؤرخ يهودي وصفها بالرصينة، لأنه يؤكد أن المعلومات الموجودة عن الفترة ما قبل العصر الحديدى أى 1200 عام قبل الميلاد، قليلة جدا.
وأكد أن بعض العلماء لا يؤكدون أن اليهود كانوا موجودين في فلسطين، بل أن اليهود وجدوا في أراضي شبه الجزيرة العربية بمنطقة الحجاز، ورغم بحث العلماء الإسرائيلي المستمر إلا أنهم لم يجدوا أي دليل على وجود اليهود في أى من الأزمان القديمة، مشيرا إلى إنه لا يحب الأبحاث التي تأخذ نتائج منحازة مسبقا، مثل قراءه في مجلة علم الآثار التوراتية، وجد فيه خبر حول العثور على أباريق قديمة أثناء الحفريات واعتبروه من الإنجازات الضخمة، بل وصل تفسير البعض إلى أن هذه الأباريق هي التي حول فيها يسوع المسيح الماء خمرا، دون تقديم أدلة، فلا يوجد دليل على وجود تاريخ لليهود أكثر قدما، ومفهوم علم الآثار التوراتى نفسه هو دليل على تحيز اليهود سلفا فى هذا العلم، إذ يرى أنه لا يحمل علما من الأساس، لكن ذلك لا ينفى وجود علماء إسرائيليين ينفون وجود أي دليل عن وجود تاريخي لهم في أرض الميعاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة