نول خشبى بدائى الصنع تتجمع خلاله خيوط من القطن، لتشكل فيما بينها قطعا مختلفة ذات ألوان وأشكال متعددة جذابة، تسمى هذه القطع "الفركة"، وهى عبارة عن منسوجات من الخيوط القطنية، تمر بمراحل عديدة تبدأ بجمع لفافات من الخيوط مختلفة الألوان وصفها بطريقة هندسية بديعة على النول اليدوى "الفرعونى الأصل" ثم وباستخدام الـ "المكاكى" أو "لفافات "الخيوط، يجلس صانع أو صانعة الفركة أمام النول ليبدأ فى نسج هذه الخيوط ودمجها معًا بطريقة انسيابية ليشكل بها منسوجات مثل رداء سيدات أهل الصعيد أو "شال" و"كوفية"، وهى صناعة قديمة ورثها أهل نقادة بمحافظة قنا عن أجدادهم الفراعنة.
كبار السن مازلوا يحتفظون بمهنة الأجداد
لاقت "الفركة" النقادية شهرة واسعة طول العقود الماضية خاصة فى السودان حيث أقبلت عليها النساء لاعتقادات تتعلق بالحظ أو المكانة الاجتماعية لمن ترتدى هذه "الفركة"، فكانت دول كثيرة فى إفريقيا سوقًا ذهبيًا للفركة النقادية تقبل عليها السيدات وتكون ضمن جهاز العرائس.
فتاة تصنع شال على نول الفركة
مع تقدم الزمن وبسبب قلة العائد الاقتصادى من العمل فى مهنة "الفركة" انصرف عنها الشباب والفتيات إلا قلة قليلة من أهالى مدينة نقادة ما زلوا يحاولون الحفاظ على مهنة أجدادهم غير أن معظمهم من كبار السن ممن لم يطيقوا المكوث لساعات طويلة لصناعة "الفركة".
وأشار اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، إلى أن برنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر بمحافظتى قنا وسوهاج، اعتمد إطلاق 10 مبادرات للتكتلات الاقتصادية بالمحافظتين من بينها "مجمع الحرف البيئية واليديوية بنقادة، ومجمع الأثاث بغرب طهطا فى سوهاج".
اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية
وأوضح شعراوى، أنه تم التعاقد مع شركة استشارية متخصصة لدعم وضع خطط تسويقية ودراسات فنية وبيئية واجتماعية متكاملة للتكتلات الاقتصادية وريادة الأعمال، لدعم محافظتي سوهاج وقنا.
وفى نقادة بدأت جمعية الشابات المسلمات بنقادة، وبدعم من برنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر، فى إعادة إحياء هذه الصناعة من جديد، من خلال تدريب وتوفير فرص عمل للفتيات فى صناعة الفركة.
وأكد حازم حمدى مدير مركز الفركة التابع للجمعية، أن العائد الاقتصادى لهذه الحرفة على مركز نقادة فى الستينيات كان حوالى 2 مليون دولار سنويًا، حيث كان الأهالى يصدرون منتجاتهم لأفريقيا بشكل عام والسودان بشكل خاص وكان معظمهم يمتلكون بطاقة تصدير.
حازم حمدى مدير مركز الفركة التابع لجمعية الشابات المسلمات بنقادة
وأضاف حمدى لـ "اليوم السابع"، أن "الفركة" مثلها مثل كل الحرف عانت بسبب عزوف العاملين عنها، قائلاً:"هنا فى الجمعية بدأنا فى استعادت الصعنة من خلال استقطاب السيدات المعيلات والفتيات خريجى الدبلومات الفنية لتعلم الحرفة والعمل بها على يد مدربين محترفين وبالتعاون مع برنامج تنمية الصعيد فى قنا"، لافتا إلى أنه تم التعاقد مع شركة لتصدير منتجات نقادة للخارج.
وأوضح مدير مركز الفركة فى نقادة أنهم اقترحوا على المسئولين فى المحافظة بأن يتم إضافة قسم لصناعة النسيج اليدوى وخاصة الفركة فى المدارس الصناعية بنقادة وقنا لتخريج جيل جديد يحافظ على مهنة الأجداد من الاندثار.
الدكتور علاء شاكر مسئول برنامج تنمية الصعيد بقنا
فيما أكد الدكتور علاء شاكر، مسئول برنامج تنمية الصعيد فى قنا، أن البرنامج يعمل على إنشاء مشروع التكتلات الاقتصادية بالمحافظات ضمن الاهتمام بالصناعات الصغيرة وتوفير فرص عمل للشباب والفتيات والمرأة المعيلة.
وأضاف شاكر لـ "اليوم السابع"، أن البرنامج يستهدف إنشاء 5 تكتلات اقتصادية فى قنا بدأها بتكتل "الفركة" فى نقادة، وسوف يكون هناك تكتل لصناعة العسل الأسود فى نجع حمادى، آخر لتجفيف البصل والطماطم، لافتا إلى أنه تم رصد مبلغ 575 مليون جنيه لهذه التكتلات الخمس .
إحدى السيدات تجمع الخيوط على البكرات
وتابع مسئول برنامج تنمية الصعيد فى قنا:"لدينا فى تكتل الفركة بنقادة حوالى 150 وحدة إنتاجية سواء داخل المنازل أو فى الأماكن المجهزة مثل الجمعيات وغيرها"، قائلاً:"هدفنا تطوير الصناعة لأن عليها إقبال فى السوق الخارجية، وندرس تخصيص 42 فدان فى نقادة لإقامة معارض ومراكز تدريب وتسويق للفركة قريبًا".
فتاة تنسج الخيوط على النول
هدى كمال مسئولة التدريب فى المركز، تقول :"منذ الخمسينات الفركة تصنع فى نقادة وتصدر للسودان وكانت شئ أساسى فى جهاز العروس السودانية والذى يدل على أنها من عائلة ثرية ومرموقة،والميزة فى صناعة الفركة إن السيدات يعملن بها فى المنزل، حيث تمثل السيدات 60% من العاملين فى الفركة بنقادة".
هدى كمال مسئولة التدريب تتحدث لمحرر اليوم السابع
وأضافت مسئولة التدريب، أن هناك صعوبات واجهت الفركة مثل التصميمات القديمة التى ربما لا تواكب السوق والمنتجات العالمية، وقلة العاملين فى الصنعة، حيث عزف عنها الأبناء، كما أن تسويق المنتجات نجد فيه صعوبة أيضًا.
شال بأكثر من خيط
منتجات الفركة فى قنا
وأكدت مسئولة التدريب، أنهم يحاولون التغلب على هذه الصعوبات، قائلة:"بدأنا بالفعل التواصل مع فنيين لدراسة الأسواق الخارجية والذوق العام بكل سوق وتصميم منتجات تناسب هذه الأسواق".
صناعة الفركة
منتجات أهالى نقادة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة