بمناسبة الذكرى المئوية لوفاته أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو الشاعر العُمانى أبو مسلم البهلانى (ناصر بن سالم الرواحى) ضمن الشخصيات المؤثرة عالميا، تقديرا لدوره الثقافى والإصلاحى الرائد.
وأبو مسلم البهلانى (1860- 1921) شاعر عرف بقصائده الوطنية والصوفية وتعد "نونيته" القصيدة الأشهر فى عمان ويبلغ طولها نحو 400 بيت.
عُرِف البهلانى باهتمامه بالشعر منذ طفولته، فقد نظمه فى مرحلة مبكرة من حياته، وكان لظروف نشأته وسط عائلة تحتفى بالأدب والشعر والفقه الأثر البالغ فى تكوينه ونبوغه، ليرحل بعدها إلى زنجبار ويسطع نجمه كمؤسس لصحيفة "النجاح" أول صحيفة عمانية، عام 1911 التى أسهمت فى صنع حراك ثقافى وفكرى للعمانيين فى تلك الجزيرة، مما عمق من التواصل مع إخوانه المفكرين العرب.
وقد اعتبر بعض النقاد أن ديوانه الشعرى المطبوع فى مطلع القرن العشرين هو أول ديوان شعرى عمانى يجد طريقه إلى المطابع الحديثة.
ويعتبر الطول سمة غالبة فى كثير من قصائده، حتى بلغت قصيدته الموسومة بـ"الوادى المقدس" أكثر من 1500 بيت، ولعل ما جمعه وحققه الراحل محمد الحارثى من آثاره الشعرية فيما يزيد على 900 صفحة، ما يدل على نزعة الشاعر إلى المنحى الدينى والقومى لمحاربة الظلم والعدوان وطرد الغزاة المحتلين للأوطان العربية.
وشعر البهلانى لا يخلو من غزلٍ رقيق إلا أن البعد الدينى والسياسى سيطر على الجانب الأكبر من إنتاجه الفكرى.
ومن قصائده
الشكر لله شكرا ليس ينصرم
شكرا يوافق ما يجرى به القلم
يأتى البلاء لتمحيص وتذكرة
كأن كل بلاء نازل نعم
وهذه الدار دار حشوها ضرر
لكن مع الصبر بالغفران يختتم
فارض المقادير فى ضر وعافية
فليس يثبت الا بالرضا قدم
أستغفر الله لا أشكو البلاء ولا
أراه الا احتفاء ساقه كرم
جبلة النفس فيما ساءها هلع
وفى المسرة بالطغيان ترتطم
فاحكم على النفس فى الحالين هل خضعت
لله فالعقل فى أحوالها حكم
وقطرة النفس فى أيدى بصيرتها
فارم البصيرة حيث النفس تقتحم
تبلى وفى نفس من طول البقا أمل
وذاك أنصب مما يفعل الألم
آفات أنفسنا داء يخامرها
بالبؤس يطغى وبالسراء يضطرم
مصائب الدين أنكى ما نصاب به
وما عداهن فيه الأجر يغتنم
