يشهد الجميع أن العراق عانى كثيرا فى عصره الحديث، بعد حصار مرير استمر طوال عقد التسعينيات من القرن العشرين، واحتلاله من جيش الولايات المتحدة الأمريكية والذى خلف فيه كوارث متعددة، وأثار فتنة كبرى بين السنة والشيعة، وجعله أرضا خصبة لظهور جماعات متطرفة، كما أنه استولى على تاريخه ووثائقه، ومن ذلك الأرشيف اليهودى الذى يبلغ نحو 27 ألف وثيقة.
الأرشيف اليهودى العراقى خرج ولم يعد، قصة خروجه بها حكايات مختلفة ومتعددة، لكن لها نتيجة واحدة، أن هذا الأرشيف المهم الذى هو جزء من الدولة العراقية من المحتمل ألا تراه مرة ثانية.
كيف خرج الأرشيف اليهودى العراقى؟
بالبحث عن كيفية خروج هذا الأرشيف من بغداد، تكاثرت الروايات، ومن هنا سنقدم بعض ما أثير حول هذا الموضوع.
الرواية الأولى:
فى أعقاب الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، الذى شهد الإطاحة بالرئيس العراقى الراحل صدام حسين، اقترب رجل من وحدة تابعة للجيش الأمريكى قائلا: إن معه قصة يريد أن يخبرهم بها، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع thejc.com.
وقال الرجل ويدعى "شاكر" أنه رئيس وحدة بالمخابرات العراقية مختصة بكل ما يتعلق بإسرائيل واليهودية، وأنه يريد أن يبرم صفقة مع أمريكا، على أساس أن يمنحوه الأمان مقابل كنز من المحفوظات والوثائق اليهودية.
تقول الرواية إنه ضمن الوحدة العسكرية الأمريكية، وجد شخص اسمه "هارولد" يعمل، فى الأصل، باحثا فى اللغات السامية والفارسية والعربية والعبرية، هو الذى تفاوض مع العراقى "شاكر" وقال له "خذنى إلى كنز المحفوظات، وسأقرر أنا هل يستحق الأمر، وإن استحق فإنهم سيفكرون فى منحك لجوءا آمنا".
وأخذ الرجل العراقى "هارولد"، وزملاءه، إلى مبنى ضخم وسط بغداد، كان المبنى قد تعرض للتخريب بعد سقوط قنابل عليه تسببت فى تدمير نظام المياه بالمبنى، وكان المكان ممتلئا بالوثائق، ضمنها أوراق توراتية.
وبعد محاولات عديدة تم استخراج الوثائق الأرشيفية من المياه، وتم نقلها فى طائرة بوينج 747، معدة للتعامل مع الوثائق، وبهذه الخطوة خرج أكثر من 27000 وثيقة إلى منشأة فى ولاية ماريلاند، تتعلق الوثائق بشكل أساسى بالمجتمع اليهودى العراقى فى القرن العشرين، وبعضها يعود إلى القرن السادس عشر.
الرواية الثانية
هناك رواية أخرى، تقول إن العثور على الأرشيف اليهودى تم عن طريق الصدفة، فى عام 2003 بعدما اقتحمت القوات الأمريكية بعض القصور الخاصة بصدام حسين.
أمريكا تستولى على التراث
الوثائق العراقية التى وصلت "ماريالاند" متعددة تضم كتبا مقدسة باللغة العبرية على بعضها تعليقات تعود إلى عام 1568، وبها أيضا تلمود بابلى عام 1793، ومن الواضح أن الأرشيف فى خطر، فالمؤشرات تقول إن عودته صعبة، ويكفى أن نتأمل قول "إليوت إنجل" العضو المنتدب فى لجنة الشئون الخارجية فى الكونجرس: "إن الأرشيف يجب أن يبقى أينما كان فى متناول الجمهور، الجالية اليهودية العراقية تحملت منذ آلاف السنين والأرشيف اليهودى العراقى مجموعة مهمة من السجلات الثقافية التى تشهد على وجودهم فى تلك الأرض التاريخية ويجب أن يكون فى متناول أى شخص، وإذا كان أفضل تحقيق لهذا الهدف هو بقاء الأرشيف فى الولايات المتحدة فإن هذا ما يجب أن نفعله".
قصة الخروج نفسها بها روايات، حتى أن البعض يقولون، إنه تم شحن الأرشيف إلى فورت وورث ولاية تكساس، ومن ثم تم إرسال المواد إلى الأرشيف الوطنى فى كوليدج بارك بولاية ماريلاند، وفى عام 2005، وقع "مركز التاريخ اليهودى" اتفاقية من أجل العمل مع الأرشيف الوطنى، وقالت راشيل ميلر، مديرة قسم الأرشيف، نعمل على استعادة باقي الأرشيف.
وأوضح موقع "forward"، أنه تم أخذ المواد الأرشيفية ومعالجتها، وذلك لأن أمريكا تهدف إلى وضع الوثائق والمحفوظات على الإنترنت، و"تم توقيع اتفاقية العراق مع الولايات المتحدة بإنشاء نسخة رقمية متاحة للجمهور من الأرشيف اليهودى العراقى بأكمله، وهو مشروع تم الانتهاء منه فى عام 2014".
معرض فنى
وفى عام 2013 أقامت أمريكا معرضا ظهرت فيه 24 وثيقة - من أصل 27000.
وكانت الوثائق تضم أشياء شخصية وثائق طلاق ووثائق زواج، وبيانات عن مدرسة يهودية فى العراق تسمى مدرسة فرانك إينى.
اتفاقية بلا فائدة
بعدما أفاق العراق بعض الشيء مما فيه، وقع اتفاقية مع أمريكا بمقتضاها يعود الأرشيف إلى بغداد وكان الاتفاق على العودة فى سبتمبر 2018، لكن المثار مؤخرا، أن أمريكا لن تفكر فى عودة الأرشيف قبل 3 سنوات من الآن، هذا إن أعادته فعلا .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة