نظمت المنظمة العالمية لخريجى الازهر فاعليات الدورة التدريبية لعلماء وأئمة كردستان العراق الذين يبلغ عددهم أربعة وعشرين إماماً و خطيباً، وتستمر الدورة لمدة شهر يتلقون فيها عدة محاضرات عن الأسس بنى عليها الإسلام شريعاه السماء.
والتقى الدارسون بكبار علماء الأزهر الشريف الذين وضحوا لهم ضرورة الأخذ بناصية العلم من علمائه العدول واغتنام هذه الفرصة لصقل مواهبهم والتعامل مع مستجدات العصر بعقل سليم وتعقد المنظمة هذه الدورات لأئمة العالم الإسلامى فى إطار رسالتها لنشر وسطية وسماحة الدين ومقاومة الغلو والتطرف .
الشيخ عبدالله سعيد الويسي رئيس اتحاد علماء الدين الإسلامى بإقليم كردستان العراق، أشاد بالدور العالمى الذى تقوم به المنظمة العالمية لخريجى الأزهر فى نشر منهج الوسطية والاعتدال ونبذ أفكار التطرف والإرهاب، مؤكدا على ضرورة الاستفادة من تجربة المنظمة فى إسلوب إقامة الدورات التدريبية الشرعية وتأهيل أئمة العالم الإسلامى لصقل خبرتهم الدعوية، وكيفية تفنيد أفكار المتطرفين ومناقشتها والاستفادة من علماء الأزهر الاجلاء لدحض فتاوى المتطرفين الشاذة .
وأكد الدكتور عبدالله الويسى، رئيس اتحاد علماء كردستان العراق، فى حواره لـ"اليوم السابع"، على العلاقة القوية بين الأكراد والشعب المصرى عبر التاريخ، متطرقًا لتاريخ العلاقات بين علماء كردستان ومؤسسة الأزهر الشريف.
وقال إن اتحاد علماء الدين الإسلامى فى كردستان مؤسسة مهنية مستقلة تعمل على إدارة شئون علماء الدين فى عموم أنحاء البلاد، وتأسست عام 1970، بمبادرة المرحوم مصطفى البرزانى قائد الحركة التحررية الكردية وإشراف عدد كبير من علماء الدين.
وأشار إلى أن اتحاد علماء الدين الإسلامى فى كردستان يهدف إلى الإشراف على شئون الفتوى فى عموم إقليم كردستان والتواصل مع عموم العالم الإسلامى باعتبار ان الإقليم جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامى والاشراف على ابراز المهارات الدعوية والتربوية والتثقيفية لعلماء الدين من أجل تهيئتهم ليكونوا قادة للدعوة فى المجتمع الكردستانى، مضيفًا أن منهج الاتحاد الوسطية والاعتدال ومحاربة الفكر التطرفى، لأن المجتمع الكردى متسامح وينبذ العنف والتطرف ويميل وينتهج الوسطية والاعتدال.
وعن تاريخ العلاقات بين علماء كردستان والأزهر الشريف، قال إن العلاقة بين الأزهر الشريف وكردستان تاريخية وقديمة واستمرت لعقود بداية من وجود الأكراد والدور التاريخى الذى قام به صلاح الدين الأيوبي وهذه العلاقة بدأت منذ ذلك اليوم، وكان علماء كردستان يتحملون المتاعب ليلتحقوا بالأزهر الشريف ويستفيدوا من علومه وخيراته، مضيفًا :" وعلى الجانب المؤسسى والاكاديمى قمنا بتفعيل هذا الدور وكان لنا الشرف بزيارة وكيل الأزهر الراحل الشيخ محمود عاشور فى 2001 وعقد بروتوكولات ثم قام المرحوم الإمام الأكبر الدكتور محمد طنطاوي شيخ الازهر الراحل، بتفعيل هذه البروتوكول، والآن لدينا معهد أزهرى فى أربيل، وأصبح يمتد لقرابة 12 عاما يتخرج منه الطلاب الذين يلتحقون بالأزهر الشريف، كما أن الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، كان له دور أكبر فى فتح جميع الابواب أمام علماء كردستان ليتلقوا المنهج الأزهرى داخل كليات جامعة الأزهر، بجانب دور المنظمة العالمية لخريجى الأزهر وفتحها دورات لثقل مواهب العلم والخطباء والدعاة فى نشر الوسطية والاعتدال ومحاربة الفكر التطرفى، وتخرج عدد من الطلبة فى كليات الأزهر وكذلك فى الدراسات العليا والآن لهم دور كبير فى إقليم كردستان فى نشر الوسطية والاعتدال".
وواصل: "علماء كردستان بشكل عام لهم انسجام كامل مع الأزهر واستفادوا كثير من نشر الوسطية والاعتدال فى الأزهر الشريف واصبحوا سفراء للأزهر الشريف فى نشر الوسطية والاعتدال، ونحن نعتبر الأزهر الشريف قبلة العلم والمرجعية الدينية والاستفادة من فتاوى الأزهر فى الكثير من المسائل الفقهية والمعاصرة، ونحن نستفيد من مرصد الأزهر الشريف فى محاربة التطرف حيث له دور كبير وخاصة فى الفترة الحرجة التى كانت تشهد الحرب ضد داعش، وحاولنا الوقوف كصد منيع أمام الإرهابيين الذى حاولوا استقطاب الشباب الكردى، ولكن بفضل جهود علماء الدين لم يستطيع الإرهابيين ذلك، بسبب الجهد الكبير لعلماء الدين والاستفادة من الفتاوى الأزهرية فى محاربة الفكر التطرفى".
وحول الزيارات للأزهر، وتنظيم الدورات، قال :" الزيارات لم تتوقف، وآخر دورة مع الرابطة العالمية لخريجى الأزهر كانت فى 2012، ولكن بسبب داعش والحالة السياسية والاقتصادية السيئة والحرب مع داعش انقطعت هذه الدورات التى كانت برعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر ولكن هذا الانقطاع لم يؤثر على تواصلنا مع الأزهر من خلال المؤتمرات والحوارات وكذلك من خلال المقالات والبحوث، والأمور هدأت منذ 2018، ويجب محاربة الفكر التطرفى فكريًا وليس عسكريًا فقط، ولا بد من إقامة هذه الدورات لتثقيف علماء الدين وثقل مواهبهم لاستمرار محاربة هذا الفكر ، الذى لا يمكن القول انه انتهى، حيث يجب اقتلاعه من جذوره وهذا يحتاج لجهد ووقت كبير".
وفى رأيه فيمن صنع داعش، وإذا ما كان صناعة استخباراتية أو قائم على فكر ومناهج متشددة اتبعها البعض، قال الدكتور عبدالله الويسي، رئيس اتحاد علماء كردستان العراق، إن داعش وريث لجماعات وأفكار إرهابية كانت فى الماضى تحمل أسماء مختلفة، وأبرزها القاعدة وجيش أنصار السنة، والنصرة، إلى أن وصلنا لداعش، ومن المحتمل فى المستقبل ظهور جماعات تطرفية بأسماء مختلفة.
وتابع: "الفهم الخاطيء للكثير من المفاهيم الاسلامية يصنع هذه الاشياء ولذا لا بد من تدخلات أخرى.. وبشكل عام داعش وأخواتها نتيجة استغلال الدين لأسباب مختلفة لأجل الوصول لأهداف فاسدة تؤثر سلبًا على المجتمع".
وفيما يتعلق بما يحدث فى سوريا مع الأكراد، قال إن الأكراد فى العالم موزعين على إيران وتركيا وسوريا والعراق، وإقليم كردستان العراق دستوري وقانونى وتم التصويت عليه عام 2005، وهو كيان سياسى إدارى رسمى وليس لديه أى مشاكل سياسية، ويتمتع بالأمن والاستقرار ولكن المحافظات العراقية تشهد نوع من الاضطرابات الامنية والاقتصادية والسياسية.
وأشار إلى أن أقاليم كردستان فى تركيا وسوريا وإيران مختلفة عن بعضها، وكل جزء له خصوصياته طبقًا لتبعيته للحكومات وخاصة الجزء الكردى فى سوريا له خصوصياته الخاصة، وما يحدث هناك عبارة عن صراع سياسى بين الدول وتركيا وغيرها حول الهيمنة والسيطرة على هذه المنطقة.
وأعرب الدكتور عبدالله الويسي، رئيس اتحاد علماء كردستان العراق، عن تقديره لمصر، قائلًا إن مصر لها مكانة قوية وكبيرة عند كل مواطن كردى، بسبب المراحل التاريخية التى مرت بها مصر مع شعب كردستان ابتدءًا بوجود الأمام الشافعى فى مصر، وكبار فقهاء الشافعية موجودين فى مصر، وهذا أحد الروابط التاريخية الدينية القوية وكذلك التاريخ الكبير لصلاح الدين الأيوبى فى مصر وكذلك العلاقات السياسية الحميمة التى يتمتع بها الشعب الكردستانى مع الشعب المصرى، بالإضافة لعلاقة الزعيمين الراحلين مصطفى البرزانى وجمال عبد الناصر، وقبلها فتح أول إذاعة كردية فى بداية القرن العشرين بالقاهرة، وكل هذه روابط قوية، بجانب الأزهر الشريف الذى يمثل رابط كبير.
وأكد الدكتور عبدالله الويسي، أن الشعب الكردى يحترم المصريين ويكن لهم الحب والتقدير بسبب التاريخ، والأكراد يذكرون باعتزاز كبير الاستقبال الرهيب الذى قام به الزعيم جمال عبد الناصر للراحل مصطفى البرزانى.
وتحدث عن أبرز الأماكن التى يقبل عليها الأكراد فى مصر، قائلًا: " كل زائر ومواطن له خصوصيته ولكن نحن كمؤسسات دينية نزور المواقع التاريخية، ونرغب فى زيارة المؤسسات الدينية كدار الافتاء المصرية وهيئة كبار العلماء ومرصد الازهر لمكافحة التطرف، وجامع المشير طنطاوى ومشيخة الازهر والمنظمة العالمية لخريجى الأزهر الشريف".