أصبحت منصات التواصل الاجتماعى منبرا قوياً من منابر الإعلام وإبداء الرأى فى العصر الحديث.
يعتبرها الكثيرون تطورا هائلاً فى التكنولوجيا العصرية ويشيدون بها ويضعون لها قدرا كبيرا من حياتهم وأوقاتهم، ويعتبرها الآخرون سبيلاً خفياً للتفكك الاجتماعى عكس ما يحمله الاسم لتلك المنصات الاجتماعية التكنولوجية، وما نراه فى بيوتنا من انشغال أفراد الأسرة عن بعضهم بمنصاتهم وعلاقاتهم الافتراضية رغم تواجدهم فى نفس المكان الجغرافى أو قل فى نفس الغرفة.
ويرها الاقتصاديون أنها تهدر من الوقت الذى هو أغلى ما يمكن أن يقدر بثمن إن أمكن ذلك من الأساس، فيما لا يثمن ولا يغنى من جوع، خاصة فى مناطقنا العربية التى لا تكاد تدرك الفصل بين العمل وبين وقت الترفيه أو الفراغ.
بينما يراها النفسيون أنها منصات للهروب من الواقع وعرض الأفاضل من الخصال والسمات والصفات وإخفاء كل النواقص والعيوب، وكأن الجميع قد خلوا بلا عيوب وهذا عكس الطبيعة التى خلق الله عز وجل عليها عباده دون المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأدلتهم فى ذلك هو اتشاح صفحات تلك المنصات بوشاح الصفات الحميدة والوعظ والإرشاد وإنكار الأخطاء والجرائم وغيرها وكأن من يرتكبونها هم أناس أو أقوام ليسوا من بيننا ولا نعرفهم أو يعرفوننا.
ويحللون ذلك بأن تلك المنصات أصبحت عوضاً عن الطبيب النفسى الذى يحاول مخاطبة النفس البشرية بأسلوب راق ليوقظ بداخلهم ما بهم من صفات حميدة لتطرد ما دونها وعكسها من صفات سيئة أو غير أخلاقية.
والعكس أيضا موجود فنجد الكثيرين ممن لا يجدون فرصة للتعبير عن ما يريدون البوح به، لكن يمنعهم الكثير من الأسباب فقد تكون أساليب التربية فى الصغر أو عادات المجتمع أو غيرها تمنع ذلك وهو بداخله يصارع نفسه لكبت ما تود البوح أو تقمصه ولو لدقائق كنوع من التجريب أو التقليد أو لأسلوب فى التربية فى الصغر أو ما شابه.
فنجد من يكتب ويعبر وينتقد ويقدح ويسب مستترا وراء اسم مستعاراً أو صورة رمزية.
إنها سمات العصر التى فرضت على أهله وعليهم أن يتعايشوا معه كما تتعايش معه المجتمعات التى تقدمت ولا تهجر تلك المنصات بل تستخدمها ولكن بعقلانية وفى الأشياء المفيدة والاستغلال الأمثل لها بل والاستمتاع أيضا بقضاء أوقات الفراغ أو بعض من أوقات العمل عليها وبها.
فلنربى أبناءنا على الاستفادة منها والإضافة إليها وعدم الانسياق وراء سلبياتها وتعظيم الإيجابيات منها فى البحث والدراسة والتواصل الفعلى والحقيقى عند اللزوم والاحتياج إلى ذلك بحيث لا تطغى على بقية مكونات اليوم للإنسان، واعتبارها كغيرها سلعة مستوردة أو قل مفروضة علينا، نأخذ منها ما يضيف إلينا ولا تأخذ منا أو يضر بمصالحنا ومصالح أمتنا الحبيبة حفظ الله مصر وأبناءها الشرفاء الذين علم أجدادهم العالم تحيا مصر - تحيا مصر - تحيا مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة