بين جدرانه المرتفعة وتماثيله العملاقة تبدو العظمة المصرية القديمة التى جسدها القدماء المصريون فى تشييد معبد أبوسمبل جنوب مصر والذى استحق أن يكون ضمن أفضل الرحلات التى يمكن القيام بها فى عام 2020، بحسب اختيار موقع ناشيونال جيوجرافيك، وتناقلته شبكة "سى إن إن" الأمريكية.
الأثرى أسامة عبد اللطيف، مدير آثار أبوسمبل، قال إن مزار أبوسمبل هو عبارة عن معبدين يقعان على الضفة الغربية لبحيرة ناصر، وهى معابد مدرجة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمى، والمعبد المزدوج كان أصلا منحوت من الجبال فى عهد الملك رمسيس الثانى فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد كنصب دائم له وللملكة نفرتارى زوجته، للاحتفال بذكرى انتصاره فى معركة قادش، ومع مرور الوقت هجرت المعابد وغطتها الرمال، وخلال القرن السادس قبل الميلاد، كانت الرمال تغطى تماثيل المعبد الرئيسى حتى الركبتين، وكان المعبد منسياً حتى 1813، عندما عثر المستشرق السويسرى جى أل بورخاردت على كورنيش المعبد الرئيسي. وتحدث بورخاردت عن هذا الاكتشاف مع نظيره الإيطالى المستكشف جيوفانى بيلونزي، الذين سافروا معاُ إلى الموقع، لكنهم لم يتمكنوا من حفر مدخل للمعبد، وعاد بيلونزى فى 1817، ولكن هذه المرة نجح فى محاولته لدخول المجمع، وأخذ كل شيء قيم يمكن أن يحمله معه.
وأوضح مدير آثار أبوسمبل، أن المعبد تعرض للغرق فى مياه النيل خلال إنشاء السد العالى وتجمع المياه خلف السد ويرتفع منسوب المياه، وهو ما دفع إلى حملة الإنقاذ الدولية لنقل مجمع معبدى أبوسمبل لمكان آخر على تل اصطناعى من هيكل القبة ليتم تفكيكها وإعادة تركيبها فى موقع جديد على ارتفاع 65 متر، و200 متر أعلى من مستوى النهر، وبدأ إنقاذ معبد أبوسمبل فى عام 1964 تحت إشراف هيئة اليونسكو.
وأشار عبد اللطيف، إلى أن معبد أبو سمبل يشهد ظاهرة فلكية نادرة تجسد قدرة المصريين القدماء فى عظمة البناء التى لا تتوقف عن حجم الهيكل نفسه ولكن على أسرار وتفاصيل التشييد والبناء، وهى ظاهرة "تعامد الشمس على قدس الأقداس" وهى الظاهرة الفلكية النادرة التى تتكرر مرتين كل عام 22 فبراير/أكتوبر، ويحرص على متابعتها آلاف الزائرين سواء من خارج مصر أو داخلها.
وفى تعليق على اختيار أبوسمبل ضمن قائمة أفضل رحلات لعام 2020، أكد الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة، أن اختيار أبوسمبل ضمن قائمة رحلات، متوقع، ويرجع ذلك للجهود الكبيرة التى بذلت خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بإقامة احتفالية خاصة بمرور 200 عام على اكتشاف معبد أبوسمبل، موضحاً بأنه تم إجراء تطوير لمدينة أبوسمبل بالكامل وعلى رأسها منطقة معابد أبوسمبل شملت عمليات رصف للطرق المؤدية للمعبد ورفع كفاءة وصيانة الإضاءة فى الطرق المؤدية للمعبد وداخل المعبد، بجانب رفع كفاءة وصيانة دورات المياه وتطوير المنظومة الأمنية واللاند سكيب للمساحات الخضراء وتطوير القبة الخرسانية، بجانب إضافات أخرى.
وتابع الدكتور عبد المنعم سعيد، أن هذه الإضافات لمنطقة معابد أبوسمبل، أضافت انعكست بالإيجاب على حركة السياحة إلى المعبد حيث شهد إقبالاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن معبد أبوسمبل من المعابد الأثرية الكبيرة التى تشهد إقبال وحرص كبير لدى عدد من السائحين والذى يفضل بعضهم الذهاب إلى مدينة أبوسمبل خصيصاً لزيارة المعبد دون المرور على المعالم السياحية والأثرية بمدينة أسوان.
وقال مدير عام آثار أسوان والنوبة، إن أبوسمبل أصبحت فى دائرة الاهتمام رغم بُعد المسافة بينها وبين مدينة أسوان، ورغم ذلك فهى تشهد زيارة أسبوعية منه للإطلاع على كافة المستجدات وآخر التطورات حتى يصبح معبد أبوسمبل مستعد وجاهز فى أى وقت لاستقبال زائريه.
وفى سياق متصل، أشار علاء الشامى، الخبير السياحى ومدير أحد شركات السياحة، إلى أن أبوسمبل يعد "قبلة السائحين" على مستوى العالم، لأنها واحدة من أبرز المعالم الأثرية والسياحية فى مصر ويأتى إليه السائحين عبر الرحلات النيلية التى تنطلق من السد العالى وصولاً إلى أبوسمبل جنوباً، أو عن طريق رحلات الطيران بمطار أبوسمبل الدولى، أو عن طريق الرحلات البرية التى تنطلق من مدينة أسوان وصولاً إلى مدينة أبوسمبل فى مسافة تصل لنحو 300 كيلو متر، ويسجل المعبد يومياً ما يزيد عن ألفى زائر من مختلف الجنسيات الأجنبية على مستوى العالم.
وكان موقع ناشيونال جيوجرافيك اختار معبد أبوسمبل ضمن أفضل الرحلات التى يمكن القيام بها فى عام 2020، بحسب ما ذكرت شبكة "سى إن إن" الأمريكية، والتى أشارت إلى أن ناشيونال جيوجرافيك اختارت أفضل 25 موقعا، أوصت بزيارتها فى 2020.
وقال جورج ستون، رئيس التحرير التنفيذى للسفر فى ناشيونال جيوجرافيك إن "أفضل الرحلات" هى قائمتهم السنوية للأماكن التى يمكن زيارتها، وما يجب معرفتها عنه وكيف يمكن رؤية العالم فى العام المقبل.
ولفتت إلى أنهم لتحديد القائمة عملوا مع محررى ناشيونال جيوجرافيك حول العالم وأيضا مع المصورين والكتاب والمستكشفين وبالتأكيد المسافرين الذى كتبوا تقارير عن المواقع الرئيسة التى يمكن رؤيتها والأماكن فى قائمة 2020.
وقسمت ناشيونال جيوجرافيك القائمة لأربع فئات، الثقافة والمدينة والطبيعة والمغامرات، وفى فئة الثقافة، اختارت معبد أبو سمبل، إلى جانب أوسترياس بأسبانيا، ومقاطعة جوزيهو بالصين، وجوبيكلى تيب بتركيا، وميندوزا بالأرجنتين، ومايا بجواتيامالا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة