مازالت تسود لبنان حالة من التوتر الشديد فى عدد كبير من المناطق ، اشتدت وطأتها خلال اليومين الماضيين فى ضوء الاحتكاكات والصدامات بين أنصار ومؤيدى حزب الله وحركة أمل من جهة، وتجمعات المتظاهرين والمحتجين فى الساحات والميادين فى الشوارع من جهة أخرى، وشهدت ليلة أمس صدامات واشتباكات عنيفة فى بيروت ومحافظة جبل لبنان وطرابلس (شمالا) وبعلبك (بمحافظة بعلبك الهرمل – شمالى شرق البلاد) كان أطرافها من أنصار ومؤيدى حزب الله وحركة أمل والتيار الوطنى الحر وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية، ومعهم مجموعات من أهالى عدد من المناطق والمدن.
الاشتباكات العنيفة ليلة أمس دفعت القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية المختلفة، إلى الدفع بأعداد غفيرة من الوحدات العسكرية والقوى الأمنية فى مناطق الاشتباك، وتعزيز انتشارها على الطرق والمحاور الرئيسية، وتسيير دوريات بالشوارع كما شاركت وحدات القوات الخاصة فى عمليات إيقاف الاشتباكات والتشنجات والتوتر الشديد.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن سعد الحريرى ـ رئيس الوزراء المستقيل ـ اعتذاره عن تولى رئاسة الحكومة الجديدة ليحسم الجدل الدائر بشأن إعادة توليه هذا المنصب من جديد..
إعلان الحريرى جعل أسماء المترشحين المحتملين تتردد فى الأفق من جديد من بين تلك الأسماء المهندس سمير الخطيب.
قوات الجيش تتدخل
بلغت الاشتباكات والصدامات ذروتها مساء أمس فى مناطق متفرقة منها محافظة جبل لبنان، بدأت أولا بين مؤيدى حزب الله وحركة أمل من جهة، وأهالى منطقة (عين الرمانة) ذات الأغلبية المسيحية ومعهم عدد من مناصرى حزب القوات اللبنانية من جهة أخرى، والتى ارتبطت فى الأذهان باندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990) وذلك حينما حاولت مجموعات حزب الله وحركة أمل الدخول من منطقة الشياح والعبور إلى عين الرمانة.
ودارت اشتباكات عنيفة وعمليات كر وفر فى التقاطعات الرئيسية لعين الرمانة استخدمت فيها كميات كبيرة من الحجارة والمفرقعات النارية وقنابل المولوتوف، على نحو تدخلت معه قوات الجيش اللبنانى مدعومة بآلياتها العسكرية بأعداد كثيفة لإيقاف الاشتباكات والفصل بين مجموعات حزب الله وحركة أمل من جهة وأهالى منطقة عين الرمانة وأنصار حزب القوات اللبنانية من جهة أخرى.
كما وقعت مساء أمس أيضا صدامات عنيفة بين أعضاء وأنصار التيار الوطنى الحر (الذى يرأسه وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل) مع أنصار حزب الكتائب اللبنانية وأهالى مدينة (بكفيا) بمحافظة جبل لبنان، على خلفية مسيرة السيارات التى كانت تقل أعضاء "التيار" وتنتوى التظاهر أمام منزل رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل.
واحتشد أهالى مدينة بكفيا، والتى تعد معقل آل الجميل وأنصار حزب الكتائب اللبنانية، مانعين موكب أنصار وأعضاء التيار الوطنى الحر من المرور، معتبرين أن هذا الموكب يمثل إهانة لهم واستفزازا غير مقبول لأهالى المدينة وافتعالا لمشاكل وبمثابة "فتنة متنقلة" مشددين على أنهم لن يسمحوا بدخول أنصار التيار إلى المدينة والمرور من خلالها.
وقطع أهالى مدينة بكفيا وأنصار حزب الكتائب اللبنانية الطريق الرئيسى عند مدخل المدينة أمام تمثال بيار الجميل (مؤسس حزب الكتائب اللبنانية) مانعين موكب السيارات التى تقل أعضاء التيار الوطنى الحر من الدخول، وسط حالة من التوتر الشديد المصحوبة باشتباكات بالأيدي.
واستقدم الجيش اللبنانى تعزيزات كبيرة من الوحدات العسكرية، من بينها قوات المغاوير حتى يتمكن من فتح الطريق أمام حركة مرور السيارات، حيث تم السماح بمرور مجموعة محدودة من السيارات التى تقل أعضاء التيار الوطنى الحر فى حماية الآليات العسكرية، قبل أن تنسحب معظم سيارات موكب التيار رجوعا إلى الوراء دون المرور من داخل المدينة.
ووقعت بعض الاشتباكات والتدافع مع الجيش اللبنانى فى مدينة بكفيا، بعدما أصر الجيش على فتح الطريق أمام حركة المرور.
من ناحية أخرى، احتشد متظاهرون أمام أحد فروع ومكاتب التيار الوطنى الحر بمدينة طرابلس، وقاموا بترديد الهتافات المناهضة للتيار، على نحو قام معه الجيش بتطويق المنطقة خشية اقتحام المتظاهرين لمكتب التيار.
ودارت بعض المواجهات والصدامات بين المتظاهرين وقوات الجيش فى طرابلس، واضطرت عناصر الجيش إلى إطلاق النيران فى الهواء لحمل المتظاهرين على التفرق والابتعاد عن المنطقة.
مرشح من خارج النخبة السياسية
خلال الساعات الماضية برز اسم المهندس سمير الخطيب كرئيس محتمل للحكومة الجديدة فى لبنان، فمنذ أن أعلن رئيس حكومة لبنان المستقيل سعد الحريرى اعتذاره عن ترأس الحكومة الجديدة ترددت الأنبا عن توافق بين القوى السياسية الأساسية (حزب الله، حركة أمل، وعون والحريري) على تكليف الخطيب لتشكيل الحكومة.
الحريرى والخطيب
سمير الخطيب من خارج النخبة السياسية هو المدير العام ونائب الرئيس التنفيذي في شركة "خطيب وعلمي". هو رجل أعمال مقرب من الحريري، كما أنه كان شريكاً للرئيس الأسبق، رفيق الحريري، في جزء من أعماله.
الخطيب شريك وعضو مجلس الإدارة في شركة "خطيب وعلمي" منذ عام 1983 والمسؤول عن أعمال الشركة في كل من الشرق الأوسط وقطر.
تولّى الخطيب منصب المدير العام الإقليمي لـ"خطيب وعلمي" في عدد من لبلدان العربية هى لبنان والسعودية وسوريا.
ساهم الخطيب فى تأسيس وإدارة مكاتب الشركة في كل من طرابلس عام 2010، ومصر عام 2004، والجزائر عام 2002 ودمشق عام 1998، وجدة عام 1978.
قال الخطيب في أول تعليق له بعد تداول اسمه كرئيس محتمل لحكومة لبنان الجديدة، إنه تم التواصل معه من قبل بعض الجهات المعنية بتشكيل الحكومة وكان جوابه أن التوافق ضروري لأي حل.
أكد الخطيب أنه على مسافة واحدة من الجميع وعلاقته جيدة مع كل الجهات وتربطه بالحريري علاقة شخصية مميزة، لكن القرار النهائي لم يتخذ بعد.