مع موافقة هيئة السوق المالية السعودية، اليوم، الأحد، على طرح حصة من رأسمال شركة أرامكو السعودية، تعود للأذهان قصة تأسيس هذه الشركة التي أصبحت بجهود أبناء المملكة، أكبر شركة بترول في العالم، وتشكل أبرز أعمدة التوازن في أسواق النفط، وفي منظومة أمن الطاقة لدول العالم.
ووفقا لما نشرته موقع "العربية" فى بداية التنقيب عن النفط في السعودية، وقبل نحو 99 عاماً كان الملك عبدالعزيز، مؤسس الدولة السعودية، ينوى طرح 60 ألف سهم، لمواطنيه من شركة الزيت، وكان ذلك في خطاب مؤرخ وموجه لأمير بريدة عبدالعزيز بن مساعد، لطلب الدخول من قبل مواطنين في تأسيس شركة الزيت، والتي لم تتضح بعد معالمها في ذلك العام، غير أن المؤسس بحسه الفطرى قرأ المستقبل لدولته التي بناها حديثاً.
ورغم عدم انتشار فكرة التخصيص والمشاركة في الشركات، إلا أن الملك المؤسس يعلم أن التنقيب عن النفط واستخراجه سيكون عاملا مهما في بلاده الوليدة.
وما بين الجد والحفيد قرابة القرن، حيث انطلق حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، عن تحركه نحو طرح عدد من الأسهم في شركة أرامكو السعودية، وأشار قبل نحو أربع سنوات في لقاء تلفزيوني، أن ذلك كان نية الملك المؤسس، حيث أدرك الملك عبدالعزيز في ذلك الوقت، أن بلاده تنام على حقول نفط عملاقة، ستغير وجه التاريخ.
لتعود اليوم إعلانات طرح أرامكو السعودية في سوق الأسهم، وتغدو حديث الناس في مجالسهم، ومحرك للنقاش العام في الفترة الماضية، حيث أعلنت العديد من التفاصيل في طريق الطرح للشركة الأكبر في العالم.
وقد حصلت "العربية.نت" على صورة من الخطاب الذي وجهه الملك عبدالعزيز للأمير عبدالعزيز بن مساعد ، أمير بريدة في ذلك الوقت، مخاطباً فيه كل جماعة أهل بريدة حاضرة منطقة القصيم، وكان الخطاب مؤرخ في 28/1/1342 للهجرة أي قبل 99 عاماً، وقد حث الملك مواطنيه على المساهمة في مشاريع النفط عقب اتفاقية مع شركات البترول، التي حصلت على رخص التنقيب في الدولة الناشئة، كما أورد في خطابه أن المساهمة ستعود على المساهمين بالربح الكبير.
تخصيص 60 ألف سهم للمواطنين
وكانت السعودية حينها لا تمتلك أي مصادر دخل ثابته، لتستطيع الدولة الصرف على التنمية والبناء، والتي كانت لا تزال في بدياتها، رغم أن الدول لم تعرف في ذلك التاريخ أى شكل من أشكال سوق الأسهم، أو أى شكل من أشكال العمل كمساهمة عامة.
وقال الملك عبدالعزيز في خطابه، سيتم تخصيص 60 ألف سهم للمواطنين، معتبراً أن هذا التخصيص سيحقق مصالحهم، وستكون لهم، بدلاً أن تذهب لغيرهم، وأنها فرصة لن تتكرر والتي تشهد منافسة من قبل مستثمرين ومساهمين عرب وأجانب.
الأجانب لهم نصيب من الحصص
وأضاف المؤسس في خطابه، أن الأجانب سيكون لهم نصيب من الحصص، وأنهم يبذلون جهدا للحصول على حصة أكبر من هذه الأسهم، حتى لو دفعوا مبالغ تزيد عن السعر المحدد للسهم.
ويعود من جديد الملك المؤسس ويؤكد أنه في حالة اكتشاف النفط والغاز بشكل تجاري، فإن الأمر سيكون مختلفاً وبلغة بسيطة يشرحها الملك المؤسس لمواطنيه أن الحصة التي قيمتها جنيه واحد ربما تبلغ خمسين جنيها أو تزيد.
وقال الملك في خطابه لمواطنيه ، وهو يشرح آلية التخصيص والمساهمة لتسجيل رغبات الناس في الاكتتاب، وتسجيل عدد الأسهم التي يرغبها كل شخص، سواء سهم أو عشرة أو مائة، وقال فيما نصه: "وإذا اجتمع المجموع عندكم وعرفتموه، فأرسلوه لمن يعتمدون عليه في البحرين، وعرفوه أن يراجع وكيلنا القصيبي، ويروح معه إلى وكيل الشركة، ويسلمان له المبلغ، ويأخذان منه أوراق أسهم بمقدار المبلغ المستلم كل سهم عن جنيه واحد".
وشجع الملك المقتدرين ليساهموا في ذلك، لأنها مناسبة حسبما يراه، وفرصة لن تتكرر فقال: "ولكن احرصوا على هذا الأمر لا يفوتكم تراه ما يحصل لكم فيما بعد، لا تخلوا المصالح تروح لغيركم، بادرونا بالجواب عن مقدار ما يجتمع عندكم من الجماعة، حتى نكون على معلومة منه، ومثلما عرفناكم أرسلوا لمن تحبون من أهل نجد في البحرين، يدفعه لوكيل الشركة وياخذ لكم به أوراق أسهم يرسلها إليكم".
وتابع خطابه: "وأنتم تدرون أن لنا أصحابا من العرب، وكل منهم يطلب منا أن نعطيه من هذه الأسهم، ولا جاوبنا أحد عن ذلك، كله ونحن نحب أن تكون بيد الرعية ومصلحتها لهم ... حيث إن الوقت ضيق والعمل قريب إن شاء الله".
ورغم حرص الملك عبدالعزيز في ذلك الوقت على دخول مواطنيه في الاكتتاب لتأسيس مساهمة للتنقيب عن النفط، إلا أن هذا الطلب لم يجد تجاوباً من مواطنيه في ذلك الوقت، لينطلق العمل بعدها بسنوات، وتعمل الشركة على التنقيب لتصبح السعودية من أكبر الدول المصدرة للنفط، ويصبح البترول مسيطراً على الأسواق العالمية، ويدر دخلاً هائلاً للسعودية كما كان يتوقعه الملك المؤسس.