أعلنت وزارة التربية التونسية، إدراج مادة التربية الجنسية فى المناهج المدرسية بداية من العام الدراسى القادم، وستكون موجهة إلى الأطفال بين سن 5 و15 عاما.
ووفقا لـ"فرانس 24"، يشكل هذا القرار سابقة على مستوى التعليم فى العالم العربى ويهدف إلى مساعدة الأطفال على التعرف على أجسادهم وتعليمهم قيمة احترام الجسد من أى اعتداء ينتهك حرمته.
وتبدأ تونس مطلع العام 2020 فى 13 دائرة محلية تابعة لوزارة التربية فترة تجريبية تتضمن إدراج التربية الجنسية فى المنهج التعليمى فى المدارس.
وقالت ليلى بن ساسى، مديرة المرصد الوطنى للتربية، إنه خلال هذه الفترة التجريبية سيتم إعداد الوسائل التعليمية والنظريات التربوية اللازمة والمصادقة عليها أو تعديلها نهاية العام الدراسى الحالى حتى يتم تعميم التجربة فى كامل المدارس التونسية مطلع العام الدراسى المقبل، وسيتم تقديم هذا المحور الجديد ضمن مواد أخرى سواء تعليمية كاللغات والعلوم والتربية الإسلامية أو ضمن الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية.
ليلى بن ساسى
وصححت مديرة المرصد الوطنى للتربية، المصطلح المعتمد لتسمية هذا المحور الجديد وقالت إنه بالأساس "تربية على الصحة الجنسية"، موضحة أنه يرتكز بالأساس على تدريب الطفل على حماية نفسه واكتساب مهارات حياتية تمكنه من قول "لا" والتصدى لأى تصرف لا أخلاقى.
ومن المقرر إدراج التربية الجنسية مع الأخذ بعين الاعتبار القيم والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية والدينية فى تونس، وفق ما صرحت به بن ساسى فى إشارة منها للجدل الذى أثاره الإعلان عن المشروع التربوى على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث تدعى بعض الأطراف المحافظة أن هذا المشروع سيعلم الأجيال القادمة "الانحطاط الأخلاقى".
الجدير بالذكر، أن فكرة إدراج التربية الجنسية فى المدارس، جاء نتيجة حادثة أثارت صدمة فى تونس خلال فبراير الماضى، عندما كشفت تحقيقات أن معلما قام بالاعتداء الجنسى والتحرش على مجموعة من تلامذته فى مدينة صفاقس الواقعة شرقى تونس، ما أعاد الجدل حول دور الدولة فى حماية الطفل من الاعتداءات الجنسية.
وزير التربية التونسى
وفى نفس السياق، قالت فتحية السعيدى، أستاذة علم النفس الاجتماعى، إن إدراج التربية الجنسية فى المناهج التربوية رفع كمطلب اجتماعى من قبل عدد من النشطاء فى المجتمع المدنى المنتمين لجمعيات ومنظمات حقوقية.
وأشارت السعيدى، إلى أن العديد من الدراسات السيسيولوجية تشير إلى ارتفاع ظاهرة العنف الجنسى الموجه للأطفال وهو عنف يستوجب الحماية كما تنص على ذلك مجلة حماية الطفل الصادرة سنة 1995.
وأكدت السعيدى، أن التربية الجنسية لا علاقة لها بالأفكار المسبقة التى تسوّق من قبل القوى المحافظة والتى تقول إنها تعلم الأطفال "التسيب والانحطاط الأخلاقى"، فهى تمنح النائشة معلومات ضرورية تقيهم وتحميهم من العنف الجنسى ومن آثاره، فالتربية الجنسية تمنحهم الحصانة، فبدل أن يتوجهوا لاكتشاف أجسادهم من خلال قنوات غير رسمية وغير معروفة كالقنوات الإباحية والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى، يتم منحهم معلومات علمية ودقيقة فى سياق تربوى حول العلاقات الإنسانية ووظائف الجسد ووقايته من أى شكل من أشكال العنف، بالإضافة إلى تمكينهم من التعرف على الممارسات غير السوية التى تشكل انتهاكا صارخا لحرماتهم وكرامتهم وتجعلهم ضحايا عنف.
وأشارت السعيدى، إلى أن موضوع العلاقات الجنسية فى الأصل مسكوت عنه فى صلب العائلة والمجتمع، وبالتالى سيكون للتطرق إليه آثارا إيجابية على حياتهم وعلى علاقاتهم المستقبلية، وأضافت أنه من المؤكد أن إدراج التربية الجنسية ضمن المضامين التربوية، ووفق تدرج منهجى يساعد الأطفال على التعرف على أجسادهم ويعلمهم قيمة احترام الجسد من أى اعتداء ينتهك حرمته ويفسر لهم العلاقات الجنسية التى تقوم على الاحترام المتبادل كما تقى الناشئة من إقامة علاقات غير سليمة يمكن أن تعرضهم للأمراض المنقولة جنسيا مثلا.
فتحية السعيدى
من جانبها، قالت أرزاق خنيتش، المديرة التنفيذية للجمعية التونسية للصحة الإنجابية، فى تصريحات لإذاعة "موازييك إف إم" أن "التربية الجنسية" لن تكون مادة منفصلة، بل ستدرج فى مواد العربية والتربية البدنية وعلوم الأرض عبر فتح نقاشات لتصحيح المفاهيم.
وأكدت خنيتش، أن الدروس بالنسبة لأطفال السنة التحضيرية ستكون مبسطة وتحمل رسائل توعية بهدف حمايتهم من التحرش، وستتطور مع تقدم العمر لتكون بأسلوب مناسب ثقافيا ودينيا.
وأضافت خنيتش، أن هذه الخطوة تأتى لتزويد الشباب والمراهقين بالمعلومات الجنسية الصحيحة عمليا، لتكوين القيم الإيجابية واكتساب المهارة لاتخاذ قرارات مستنيرة ومسؤولة ومبنية على المعرفة من أجل عدم ترك الفرصة لاستغلال المراهقين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة