تاريخ النفاق الإخوانى لأردوغان تعدى كل الحدود، فلم يقتصر على تجاهل الانتهاكات التى يمارسها ضد شعبه وتزايد أعداد المعتقلين فى السجون التركية، وعمليات القتل والإبادة الجماعية التى يمارسها ضد الأكراد سواء فى بلاده أو فى سوريا، بل أيضا سعت الجماعة لتزوير التاريخ ومحاولة تجميل صورة الدولة العثمانية وتاريخها الدموى.
الإخوانى حمزة زوبع، خرج على قناة مكملين الإخوانية ليستضيف مؤرخ تركى يدعى محمد مقصود أوغلو، الحلقة بالكامل كانت محاولة لتزوير التاريخ، ومحاولة تصوير الدولة العثمانية بأنها خلافة إسلامية تطبق شرع الله، بل أن المؤرخ التركى شن هجوم على مسلسل "ممالك النار" الذى يكشف فيه تاريخ العثمانيين الدموى واعتمادهم على القتل والظلم لبسط سيطرتهم على الدول العربية.
"اليوم السابع" يرد بالوقائع والأرقام على ادعاءات حمزة زوبع والمؤرخ التركى، وتكشف حقيقة التاريخ الدموى..
السلطان سليم الأول.. قتل شقيقه طعمًا فى السلطة
الحقيقة المؤرخة تقول، إن عدد الأمراء العثمانيين الذين قُتلوا على أيدى آبائهم وأشقائهم وأبنائهم قد وصل إلى 121، مقابل 44 رئيساً للوزراء الذين أعدمهم السلاطين العثمانيون، لكن سليم الأول هو علامة بارزة فى التاريخ الدموى لتلك الحقبة التى أثارت جدلا لم ينته حتى وقتنا هذا.
لعلك تذكر عام 2018 عندما قررت محافظة القاهرة بتغيير اسم شارع "سليم الأول" بمنطقة الزيتون، بناء على ما تقدم به الدكتور محمد صبرى الدالى، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان، بأنه لا يصح إطلاق اسم مستعمر على أحد شوارع مصر، حيث أفقدها استقلالها وحولها لمجرد ولاية من ولايات الدولة العثمانية إلى جانب قيامه بقتل آلاف المصريين خلال دفاعهم عنها، وأعدم آخر سلطان مملوكى (طومان باى).
قرار محافظة القاهرة بتغيير اسم "سليم الأول" مادة للحديث، وتساءل وقتها البعض ما هى حقيقة "سليم الأول" وما الأسباب التى أدت إلى تغيير أسم الشارع، ووفقًا للدكتور محمد عبد الستار صبرى، تبدأ قصة سليم الأول من خلال نسبه إلى والده السلطان بايزيد الثانى ابن السلطان محمد الثانى «الفاتح»، والآفة السياسية للسلاطين العثمانيين الخلافات التى نشبت داخل البيت الواحد لوراثة السلطنة، وهو ما دفع بايزيد إلى صراع عنيف مع أخيه جيم، إلى أن انتهت الحروب بينهما بتولى بايزيد الحكم، بعدما ضمن لنفسه مساندة فيالق الإنكشارية، فهرب جيم إلى بابا الفاتيكان، حيث تولى الأخير كل تكاليف إقامته مقابل مبلغ من المال دفعه أخوه السلطان لضمان إبقائه هناك بعيدًا عن الحكم، ولكن سرعان ما جرى التخلّص منه، إذ قتل مسمومًا، ويقال أن بايزيد كان له دور فى هذا الأمر.
دخول مصر وشنق طومان باى على باب زويلة
فى كتابه الشهير "بدائع الزهور فى وقائع الدهور" دوّن المؤرخ المصرى محمد بن إياس الحنفى وقائع دخول القوات العثمانية مصر-بقيادة السلطان سليم الأول- واصطدامها أكثر من مرة بمقاومة المماليك والمصريين بقيادة السلطان المملوكى طومان باى، ثم فرض العثمانيين سيطرتهم على هذا البلد وضمه رسميًا لدولتهم الكبرى فى العام 1517م.
وعندما وجه قواته جنوبًا، فإن قنصوة الغورى تحرّك بالجيش المصرى صوب الشام، حيث دارت معركة مرج دابق الشهيرة، قرب مدينة حلب، فى عام 1516، وكانت هذه المعركة فاصلة، وسمتها الأساسية الخلل الواضح فى ميزان القوى لصالح الجيش العثمانى، الذى اعتمد خلال المعركة بالأساس على المدفعية فى مواجهة جيش المماليك الذى اعتمد على الفرسان ورماة السهام.
بعد دخول مصر قرر سليم الأول شنق طومان باى على باب زويلة، وترك جثته معلقة وهكذا، انتهت بموته دولة المماليك فى مصر، ودخلت مصر حظيرة حكم الدولة العثمانية لقرون مقبلة.
ليلة إعدام طومان باى
فى يوم الحادى من والعشرين من شهر ربيع الأول هجريًا الموافق 13 أبريل 1517 "جرى استشهاد الملك العادل السلطان الأشرف طومان باى أخر سلاطين المماليك فى مصر.. لتخرج من مصر من عصر المماليك إلى عصر الولاية العثمانية.
جرت المفاوضات بين طومان باى وبين السلطان سليم، حيث رفض طومان الاعتراف لسليم بالزعامة، وقد استطاع العثمانيون دخول القاهرة فى آخر يناير عام 1517، ووقع طومان باى فى يد العثمانيين، ولإعحاب سليم الأول به عرض عليه أن يكون واحداً من رجاله، لكن طومان رفض فقرر سليم إعدامه ونفذ حكم الإعدام يوم الاثنين الثانى والعشرين من ربيع الأول سنة 923 هجرية، الموافق للثالث عشر من أبريل سنة 1517 ميلادية
فى ذلك اليوم تحرك موكب الأشرف طومان باى للمرة الأخيرة من معسكر سليم العثمانى فى بر إمبابة عابرا إلى بولاق مخترقا القاهرة إلى باب زويلة، انتهى الموكب الأخير لـ"طومان باى" عند باب زويلة، شق شوارع القاهرة من الشرق إلى الغرب، وهو يسلم على أهل القاهرة المصطفين على جانبى الطريق، ولم يعلم "طومان باى" أنه سوف يُشنق إلا عندما وصل إليه، فوقف على قدميه وقال للناس من حوله:
"اقرأوا سورة الفاتحة ثلاث مرات"، وقرأ الناس معه، ثم قال للمشاعلى: "اعمل شغلك" حيث شنق هناك وسط صراخ الناس وعويلهم فلما شنق وطلعت روحه صرخت عليه الناس صرخة عظيمة وكثر عليه الحزن والأسف.
محمد الفاتح.. مشرع قوانين الإبادة
وفقا لموقع "عثمانللى"، فإن طفولة محمد الفاتح استرعت الانتباه من سكان القصر، فقد كان حادا وعنيفا مع كل من يتحدث إليه، فتجنبه الجميع ولم يفلت من بطشه العبيد والجوارى الذين كان يتلذذ بركلهم وإلقاء الأوانى الحارقة على وجوههم، وعندما أصبح شابا يجلس بجانب والده كان يوزع أذاه على الحضور، لم يسلم أحد من لسانه السليط، وهو ما أجبر والده على عدم تسميته ولياً للعهد، إلا أن الأمير المتهور باغت والده بما لم يتوقع!
قتل أخويه ليمنعهما من ولاية العرش، ولم يكتف بذلك بل قام بنفى والده إلى ولاية "أيدين"، ونصب نفسه سلطانا على البلاد، ولكن والده مراد استطاع العودة إلى الحكم بمساعدة الإنكشارية، وأصدر فرمانا بتعيين الابن القاتل محمد الثانى ولياً للعهد ليأمن على نفسه من شروره.
ومات الوالد، فاعتلى الابن العاق أمور السلطنة، وأقر تشريعا بقتل الأشقاء تحت اسم "قانون البغي"، ليذبح بقية إخوته وأولادهم، وهو القانون الذى شرعن عملية قتل الأشقاء وحكم صراع العرش فى الدولة العثمانية لمدة قرنين من الزمان، تم فيها سفك دماء عشرات الأمراء.
جلس السلطان محمد الفاتح بدون منازع على العرش، ليبدأ فترة حكمه التى استمرت ثلاثين عاما، انتكست فيها الشريعة الإسلامية، فقد أحل الزنا والشذوذ لنفسه وأباح سفك الدماء ليقضى على كل من يحاول التفكير فى الوقوف أمامه، وتحالف مع الفرق المتشددة وترك الأندلس تضيع من يد المسلمين وأنقذ اليهود وكاد أن يعتنق المسيحية وادعى الألوهية.
القانون البيزنطى
اقتبس محمد الثانى 75 تشريعا من القانون البيزنطى أطلق عليها "فاتح قانون نامه سى"، نبذ فيها أحكام الشريعة الإسلامية واستبدالها بالقوانين الوضعية الغربية، وأجبر الفقهاء تحت السيف على مباركتها والتصريح أمام عامة الشعب بأنها توافق إجماع المذاهب الأربعة.
أهم تلك التشريعات التى حصن بها نفسه، قانون "القتل سياسة" - كان بمثابة تقنين الاغتيالات السياسية - ونص على أنه "إذا تيسرت السلطنة لأى ولد من أولادى فيكون مناسبًا قتل إخوته فى سبيل تأسيس نظام العالم"، فأجاز معظم العلماء القانون البربرى، ووجب العمل به وصدرت الفتوى من شيخ الإسلام فخر الدين عجمى أفندى بجواز قتلهم تحت اسم "فتوى البغي"، والتى نصها: "إن قتل الأخ والابن جائز للسلطان، لأجل المصلحة العامة وحفظ النظام"، وهى الفتوى التى أراد بها تبرير قتله لإخوته.
قانون البغى
وبحسب المنشور على موقع "عثمانللى" جند فقهاء السلطنة للترويج لتشريعاته الدموية، فعكف الفقيه دده أفندى على تأليف كتاب "سياست نامه"، الذى استند فيه على فتاوى ضعيفة لتوسيع مفهوم البغى ليشمل أفراد آل عثمان وأية شخصية سياسية بالسلطنة، فشملت الأمراء والوزراء وقادة الجيش، ومكن القانون السلطان من اعتبار كل متمرد أو طموح فى السلطة مجرما باغيا، عقابه الإعدام بتهمة الخيانة العظمى مهما كانت صلة قرابته أو منصبه فى الدولة أو رتبته فى الجيش.
أول ضحايا القانون كان الصدر الأعظم خليل باشا جاندارلى الذى خشى محمد الثانى من شعبية عائلته التى حكمت إمارة جاندارلى وكانت تضم صفوة سياسية مثقفة من الطراز الأول نافست إمارة عثمان، فاتهمه بالتخابر مع البلاط البيزنطى، وتولى بنفسه عملية اغتياله فى الخيمة السلطانية، لينهى الوجود السياسى لآل جندارلى.
تحريم بالهوى
غزو السلطان محمد الثانى للقسطنطينية وفتحها العام 1453م، أصابه بجنون العظمة والكبر، وهو ما جعله يتشبه بملوك أوروبا فى تخليد نفسه بالصور والتماثيل، ويخالف إجماع الفقهاء على تحريم فن التصوير والتجسيم، ليأتى بكبار الفنانين من الشرق وإيطاليا للبلاط العثماني، ويرسل رجال الدولة ليتفاوضوا مع كبار رسامى أوروبا ليرسموا له "بورتريهات" شخصية، الغريب أن ما حلله السلطان لنفسه حرمه على الرعية ففرض عقوبات صارمة وصلت لحد الإعدام على الخازوق على أى مبدع وموهوب يحاول رسم صورة خارج نطاق القصور العثمانية، مستخدما فى ذلك فتاوى رجال الدين.
قرر السلطان القاتل إلغاء فكرة الزواج الشرعى وأعلى من فكرة الجوارى وملكة اليمين، استصدر فتوى من شيخ الإسلام تؤيد رغباته المارقة، أباحت له معاشرة الجوارى والغلمان لإشباع شهواته، وأجازت له تولى أبناء الجوارى العرش من بعده.
انغمس فى البحث عن الحسان لإشباع نزواته، وأمر الصدر الأعظم باقتياد أجمل الفتيات إليه، وحين سقط حصن بوردو تم أسر 704 فتيات، ألحقهن جميعا كجوارى للسلطان، وطلب من جامعى ضريبة الدوشرمة، وهى ضريبة تبيح خطف أطفال العائلات المسيحية للتجنيد فى صفوف الانكشارية، فضلا عن خطف الفتيات القاصرات، باعتبارها جزءًا من الضريبة السنوية على الشعوب المحتلة، ليتخذ المئات منهن محظيات ويقضى معهن لياليه الحمراء، وينشغل بهن عن متابعة شئون الحكم.
خيانة الفاتح
لن ينسى التاريخ استنجاد أهل غرناطة بالسلطان محمد الثانى، أرسلوا إليه وفدا فى العام 1477، ليلفت نظره إلى تدهور أوضاع المسلمين فى الأندلس، وناشدوه التدخل لإنقاذهم من العدوان الصليبي، إلا أن الفاتح استقبل المبعوثين بلا اهتمام، وتملص من نصرتهم، وتركهم فريسة للأوروبيين، وأرسل جيوشه لمهاجمة السواحل الإيطالية، وسيطر على مدينة لاترانتوا، ثم توجه للتوسع شرقا.
وعلى العكس فقد استقبل بحفاوة الآلاف من المهاجرين اليهود، وفتح لهم أبواب السلطنة وتقرب منهم وجعلهم وزراءه ورجال دولته، فعين يعقوب باشا وزيرا له، والذى كان على علاقة وطيدة بجمهورية البندقية ورجل أوروبا بالبلاط العثماني، مما جلب انتقاد معاصريه، فيقول المؤرخ التركى عاشق باشا زاده فى كتابه: "لقد أصبح الطبيب يعقوب باشا وزيرا، حتى بدأ كل سافل يهودى وجائع يتدخل فى أمور السلطان".
مذبحة الأرمن
وفى وقت سابق، أكدت الدكتورة فيرا يعقوبيان، مدير الهيئة الوطنية الأرمنية بالشرق الأوسط، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك ما يقارب 30 دولة غربية اعترفت بالإبادة الجماعية للأرمن.
وقالت مدير الهيئة الوطنية الأرمنية بالشرق الأوسط: نحن نتحدث عن أمة أرمنية كان تعدادها مليونين و400 ألف وعن منطقة شرق الأناضول التى تعرف بأرمينيا الغربية وهى كانت الموطن الأساسى للشعب الأرمني، فى حين كان يعيش فى أرمينيا الشرقية جمهورية، وهى أرمينيا الحالية، ما يقارب 600 ألف أرمني، وبعد الإبادة لم يبقى فى الأناضول سوى 27 ألف أرمنى بحسب إحصاءات بطريركية الأرمن الأرثوذكس فى عام 1927