يكذب من يدعي أنه يستطيع أن يتخيل مدى الانحطاط الذي يمكن أن يصل إليه الإخوان وأعوانهم من الإرهابيين سواء ارتدوا حزاما ناسفا ليفجروا به الأبرياء أو ارتدوا ربطات عنق أنيقة في استديوهات مكيفة ليقوموا بدور الإعلاميين، وهم في الحقيقة أبدا ما يكونوا عن الإعلام وأقرب ما يكونوا إلى التضليل والتزييف والخيانة، فقد خرق مذيع الجماعة الإرهابية "محمد ناصر" سقف توقعات الانحطاط عبر برنامجه مصر النهاردة في قناة المخابرات التركية "مكملين" في حلقة أمس في سياق تعليقه على تحقيق اليوم السابع عن الأرمن الأتراك الذي فروا من مذابح تركيا وتوجهوا إلى مصر، ليعيشوا فيها أحرارا آمنين متمتعين بكافة حقوق الإنسانية والمواطنة، وسقط المذيع معتاد السقوط "محمد ناصر" في الإعلان عن ميوله الحقيقية كاشفا أجندته الوحيدة التي هي أجندة تركيا من ورائه وإسرائيل من قبلهما، حينما حرض إسرائيل على المطالبة الكاذبة بما يسمى بقضية تعويضات أملاك اليهود.
هنا درس في الوقاحة، وكذلك درس في "الخيبة الإعلامية" فقد دلت حلقة ناصر بالأمس على تفاهته الكبيرة، كما دلت على أنه صفقة خاسرة شربها الأتراك، فقد قال ناصر إنه شاهد فيلما تسجيليا لسيدة يهودية إسرائيلية من أصل مصر وهي تتكلم مصري مثل المصريين وإنها تأكل الملوخية وتحبها وتكره عبد الناصر وتتكلم عن تلك الحقبة بكل مرارة، مدعية أن عبد الناصر أخذ أموالهم، وهي بالطبع ادعاءات لا أصل لها ولا دليل عليها ، مؤكدا في الآن ذاته أن لهؤلاء اليهود الحق في المطالبة بتعويضات كبيرة، وأنه من الممكن أن تتبنى تركيا حملة لمن أجل هذا الأمر، وهنا يجدر بنا أن نسأل: عمرك شفت وقاحة أكتر من كده؟
تلك حلقة جديدة قديمة من حلقات الخيانة، لكنها في الحقيقة حلقة كاشفة فاضحة، فضحت من يتبناها، وفضحت من يرددها وفضحت من يتاجر بها، وفضحت من يتخذ من شعارات "الإسلام" والوطنية ستارا زائفا لممارسة حقارته الخاصة، فلم تكن إثارة تلك القضية من مصادفة كما اجتهدت محمد ناصر في تصويرها، ولكنها في الحقيقة تمثل ركيزة أساسية من ركائز الجماعة الإرهابية وتركيا من قبلها وإسرائيل من ورائهما، فقد اتحدت أهداف الجماعة الإرهابية مع أهداف إسرائيل في العديد من المهام، أولها مهمة إسقاط الدولة المصرية، وثانيها أضعاف الاقتصاد المصري، وثالثها زعزعة استقرار مصر الأدمني وإثارة الخوف والهلع في جميع أنحاء البلاد، ورابعها الاستيلاء على ثروات مصر في البر والبحر، وخامسها وأهمها إضعاف الشخصية المصرية وقتل قوة مصر الناعمة في العالم، ووفقا لهذه التوجهات أتت حلقة محمد ناصر بالأمس التي فضح بها نفسه وفضح بها دوره كمرتزق مأجور رخيص، عارضا مواهبه الشاذة لمن يدفع أكثر.