سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 نوفمبر 1956.. استشهاد البطل السورى جول جمال فى البرلس.. والرئيس القوتلى: «لو ترك البارجة الفرنسية تقهر بورسعيد فإنها ستقهر اللاذقية غدا»

الإثنين، 04 نوفمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 نوفمبر 1956.. استشهاد البطل السورى جول جمال فى البرلس.. والرئيس القوتلى:  «لو ترك البارجة الفرنسية تقهر بورسعيد فإنها ستقهر اللاذقية غدا» جول جمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الحشد كبيرا فى احتفال القداس الذى أقامته الكاتدرائية المريمية للروم الأرثوذكس فى العاصمة السورية دمشق يوم 9 نوفمبر عام 1956 
كان الرئيس السورى شكرى القوتلى يتقدم وزراء ومسؤولين وحزبيين ورجال دين مسلمين ومسيحيين ومواطنين عاديين، جاءوا جميعا لتأبين بطلهم الشهيد الشاب «جول جمال» الذى استشهد فى معركة «البرلس البحرية» يوم 4 نوفمبر، مثل هذا اليوم 1956، وكانت إحدى المعارك البطولية لسلاح البحرية المصرية ضد قوات العدوان الثلاثى «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» على مصر الذى بدأت إسرائيل غاراته يوم 29 أكتوبر1956، وبدأت مصر مقاومتها الباسلة جيشا وشعبا، وسط تضامن عربى شعبى كاسح.
كان لسوريا الكلمة العليا فى هذا التضامن، وكان استشهاد «جول جمال» أحد تجلياته، ووفقا لكتاب «البحرية المصرية من محمد على إلى السادات» تأليف «عبده مباشر»، فإنه فى مساء يوم 3 نوفمبر قام سرب من لنشات الطوربيد من ميناء الإسكندرية بقيادة الصاغ بحرى جلال الدين الدسوقى، وبلغ مشارف بورسعيد فى الساعة الثانية والنصف صباح 4 نوفمبر 1956، واستدار عائدا وعند الفجر وعلى مسافة عشرة أميال شمال شرق فنار البرلس شاهد أبطال السرب تجمعات لأسطول العدو مكونة من حاملة طائرات «جان بارت الفرنسية»، وطراد وبعض المدمرات فوجه قائد السرب اللنشات للهجوم على سفن الأعداء، وأمر بإطلاق مجموعة من الطوربيدات أصابت على الأرجح طردا ومدمرة.
يؤكد «مباشر» أن الهجوم كان سريعا مفاجئا جريئا أعقبه انطلاق اللنشات عائدة، لكن طائرات العدو من فوق حاملة الطائرات هاجمت اللنشات بالصواريخ، وانفجرت واحدة تلو الأخرى، واستشهد جميع أفراد السرب ماعدا ضابط واحد وسبعة أفراد انتشلوا من البحر أحياء.. لم يتم شطر السفينة «جان بارت» نصفين كما هو شائع، لكنها خرجت من الخدمة، وكان شهداء المعركة «جلال دسوقى، جول جمال، إسماعيل عبدالرحمن، صبحى نصر، على صالح صالح، عادل مصطفى، محمد ياقوت عطية، جمال رزق الله، محمد البيومى زكى، مصطفى طبالة».
شارك «جول» (مواليد اللاذقية 1 إبريل 1932) فى المعركة بإلحاح خاص منه، فحسب برنامج «صدى المواطنة» على الفضائية السورية وفى حلقة خاصة عنه، فإنه ألح على قائد السرب الصاغ جلال الدين الدسوقى، لكن القائد رفض لأن اللوائح العسكرية تمنع مشاركة غير المصريين، وأخيرا خضع «الدسوقى» لإلحاح «جول» الذى قال، إنه فى الإسكندرية يشعر بأنه فى اللاذقية.. كان «جول» فى الإسكندرية طالبا فى الكلية البحرية ضمن بعثة تضم 11 سوريا، ليحقق حلمه بأن يكون ضابطا بحريا، ولأجله ترك كلية الآداب فى سوريا عام 1953.. تخرج من «البحرية المصرية» فى مايو 1956، وكان الأول على زملائه السوريين، وقبل تخرجه أرسل إلى والده، طبيب بيطرى ومقاوم للاستعمار الفرنسى وقت احتلاله لسوريا، رسالة قال فيها: «إن شاء الله يابيى بجى لعندكن ومن عيد سوى بعيد الميلاد ورأس السنة لأنى بكون تخرجت»، لكن عودته تأجلت ليتدرب على معدات بحرية حديثة حصلت عليها مصر، غير أن الأقدار كانت تحمله إلى مصير آخر وهو الاستشهاد فى مياه مصر.
يصف «شمس الدين العجلان» فى «الأزمنة–موقع إلكترونى سورى» حال اللاذقية حين تلقت خبر استشهاده: «قامت المدينة عن بكرة أبيها لتقيم احتفالا غير عادى.. فالناس فى هياج وفرح وحزن وغبطة.. أصوات التكبير من المآذن والجوامع تدعو للصلاة على روحه الطاهرة.. أطفال ونساء وشيوخ، مسلمون ومسيحيون يدعون للصلاة على روح الشهيد..وأرسل الرئيس جمال عبدالناصر، قنصل مصر العام فى حلب جمال بركات إلى والده يوسف جمال، ومنحه براءة النجمة العسكرية، ووجه عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية رسالة إلى نظيره السورى اللواء توفيق نظام الدين رسالة قال فيها: «إن مصر التى دافعت عن حريتها واستقلالها تسعى إليك اليوم فأنت فى دوح أمين فى رحاب كريم،لكى تقول إن الفكرة التى عشت من أجلها تزهو والدعوة التى استشهدت فى سبيلها تزدهر وتنتصر». 
تبدو كلمة الرئيس «القوتلى» بالكنيسة المريمية، وكأنها تحدثنا عن حاضرنا العربى المؤلم.. قال: «بين شاطئ اللاذقية وشاطئ بورسعيد أيها الإخوة الأعزاء، استطاع جندى سورى ثاقب بصره وعميق إيمانه وعظيم حبه لوطنه وعروبته أن يرى حقيقة لا تخف ويجب أن لا تخفى على أحد، وهى أن البارجة الفرنسية المعتدية الغادرة لو أتيح لها أن تقهر بالأمس بورسعيد، فإنها غدا ستقهر اللاذقية، وإن العدو واحد وإن الوطن العربى واحد أيضا، وعندما وجد هذا الجندى المغوار نفسه إلى أحضان الخط، كان على يقين كبير بأنه لا يدافع عن مصر وسوريا وحدهما، بل عن العروبة وسلامتها وسيادتها.. ليس جول جمال وحيدا فى تاريخ نضالنا المشترك مسيحيين ومسلمين فى سبيل الدفاع عن أرض هذا الوطن، وفى سبيل الدفاع عن القومية العربية، فتاريخنا البعيد والقريب حافل بذكريات مشتركة سطر فيها السوريون والعرب فى جميع ديارهم مواقع غراء فى محاربة المغيرين الطامعين، والدفاع عن حرية هى للجميع وعن أرض ورزق هما للجميع وعن سيادة وعزة وكرامة هى للجميع».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة