فى الوقت الذى يسعى فيه الديمقراطيون لتكثيف حصارهم للرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى العام الذى يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية أملا فى أن يكون الفوز لهم، فإن جهودهم لمساءلة ترامب وعزله من قبل الكونجرس تثير حالة من الاستقطاب وتعمق الانقسام بين الأمريكيين، ولا تحظى بدعم أغلبية كبيرة يحتاجونها للمضى قدما فى طريقهم.
فبعد أيام قليلة من موافقة مجلس النواب الأمريكى على بدء إجراءات عزل ترامب رسميا بسبب مكالمته الهاتفية مع رئيس أوكرانيا فى يوليو الماضى والتى طلب منه فيها إجراء تحقيق حول نجل خصمه السياسى جو بايدن، المرشح الأوفر حظا بين الديمقراطيين حتى الآن لمواجهة ترامب فى سباق البيت الأبيض، وجد استطلاع للرأى أن عزل ترامب يعمق حالة الانقسام السياسى للأمريكيين حيث يعارض نصفهم تقريبا تلك المحاولات.
حيث قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن استطلاعا أجرته مع شبكه NBC الأمريكية كشف أن إجراءات مساءلة الرئيس دونالد ترامب من قبل الكونجرس تقسم الأمريكيين حسب الحزب السياسى.
وأوضحت الصحيفة أن أمريكا التى يسودها الاستقطاب تنقسم بشكل أكبر بين الحزبين الرئيسيين فيها، الجمهورى والديمقراطى، حيث يؤكد الجمهوريين معارضتهم لتحقيقات عزل ترامب فى مجلس النواب، بينما يوجد نسبة دعم كبيرة بين الديمقراطيين للإطاحة به من منصبه، بحسب الاستطلاع.
ووجد الاستطلاع أن 49% يؤيدون عزل ترامب والإطاحة به، بينما يعارضه حوالى 46%. وفى الاستطلاع الذى أجرى قبل شهر، كان نسبة من يعارضون الإجراءات 49%، مقابل 43% يفضلونها.
وقالت شبكة "إن بى سى" إن المفارقة هى أن هذا الارتفاع يعكس زيادة حدة الخطوط الحزبية مع تسارع تحقيقات مجلس النواب. وقد تراجع تأييد عزل ترامب والإطاحة به بالفعل إلى 6% بعد أن كان 11% بين الجمهوريين.
وفى حين زادت نسبة التأييد لإجراءات مساءلة ترامب، فإن نسبة الموافقة على أداء الرئيس الأمريكى قد ارتفعت نقطتين مئويتين لتصل إلى 45%، وهو ما وصفه بعض الجمهوريين بأنه إشارة، على الأقل فى الوقت الراهن عن أن التحقيق فى تعاملات الرئيس مع أوكرانيا لم يغير التقييمات العامة له.
وحتى الآن، وبرغم الهجوم الإعلامى المستمر الذى يواجهه ترامب، لا يبدو أنه فى خطر، بل إن البعض يذهب إلى القول بأن المضى قدما فى إجراءات العزل قد يفيد الرئيس الأمريكى.
فى تقرير لموقع إكسيوس، قال إن ترامب يشير إلى أنه يمكنه أن يواجه إجراءات العزل من قبل الكونجرس وينجو منها ويعاد انتخابه لفترة قادمة، وهو الأمر الذى لم يحدث من قبل فى التاريخ الأمريكى.
ويعتقد مسئولو ترامب، بحسب التقرير، أن هناك شيئين يجب أن يتوافرا لحدوث ذلك، الأول أن يبقى الجمهوريون موحدين فى أصواتهم وتصويتاتهم، وأن يظل الاقتصاد قويا من حيث فرص العمل التى يتم توفيرها وعائدات السوق. ويظل الاتجاهين فى كلا الجبهتين فى صعود.
فحتى الآن صوت كل نائب جمهورى بمجلس النواب ضد إجراءات عزل ترامب رسميا، وهو استعراض قوى للوحدة. وفى مجلس الشيوخ لا يوجد مؤشرات قوية بحدوث شق فى الصف.
وعلى القدر نفسه من الأهمية، يناقش الجمهوريون فى مجلس الشيوخ كيفية الدفاع عن ترامب حتى لو استطاع الديمقراطيون أن يثبتوا أنه قايض أوكرانيا بالمساعدات للتحقيق مع جو بايدن.
ونقل الموقع عن مصادر مقربة من قادة الجمهوريين أنهم يتوقعون أن يستقر الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب على نهج واحد فى الحديث، وهو أن تصرفات ترامب غير مناسبة لكنها لا تستحق العزل.
ومن ناحية أخرى، فإن الاقتصاد يزدهر، وتشهد الأسواق صعودا ولا يزال النمو مستمرا، وإن كان بشكل بطىء. وسيصعب القول بأن الاقتصاد فى عهد ترامب غير قوى قبل عام من الانتخابات الرئاسية.