فى أحدث خطوة ضمن حملة مكافحة الفساد التى انطلقت فى تونس عقب فوز الرئيس الجديد قيس سعيد فى الانتخابات الرئاسية، تم حبس قطب الإعلام التونسى، وصاحب قناة الحوار التونسى، سامى الفهري لمدة خمسة أيام على ذمة النيابة فى شبهة تتعلق بتبييض وغسيل الأموال وتهم فساد.
وسامى الفهرى متهم منذ 2011 فى قضايا تتعلق بالفساد، نتيجة بعد دعوى من التلفزيون التونسى الحكومى ضده بتهم الفساد، حيث أطلق عقب الثورة التونسية قناة التونسية، ثم أعيد تسمية القناة فأصبحت "الحوار التونسي"، وقد وضعت حصته فى شركة كاكتوس (51 %) تحت ادارة متصرف قضائى، وهى صوت منتقد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ نحو عام.
وأعلن المتحدث الرسمى باسم القطب القضائى سفيان السليتى، فى ساعة متأخرة من مساء أمس إيقاف أربعة موظفين آخرين بجانب الفهرى فى شركات عامة للنقل بتهم اختلاس أموال، منهم المتصرفة القضائية لشركة " كاكتوس برود "، ووكيل الشركة على ذمة التحقيقات.
وأضاف السليطى أنه تم إيقاف الأشخاص المذكورين على ذمة التحقيق من أجل شبهة فساد مرتكبة من قبل المتصرفة القضائية لشركة " كاكتوس برود "، المصادرة من خلال تعمدها إبرام عقود مخالفة للقوانين والتراتيب الجارى بها العمل.
ونهاية شهر أكتوبر الماضى، منعت السلطات التونسية الفهرى وزوجته، من السفر خارج البلاد، وذلك على خلفية تورطهما فى شبهات فساد فى شركة ”كاكتوس برود“ المصادرة، وقرر القضاء منع 10 أشخاص من السفر خارج البلاد فى القضية، بينهم صاحب قناة الحوار التونسى وزوجته والمتصرفة القضائية للشركة"، وقرر القضاء منذ أسبوع حظر السفر على الفهرى مالك قناة "الحوار التونسي".
قناة الحوار-التونسي
وجاء الإذن بالمنع من السفر على الأشخاص المذكورين بعد تقديم التحريات إثر تعهد النيابة العمومية بالقطب بالشكوى المقدمة من قبل المكلف العام بنزاعات الدولة فى حق وزارة المالية، وبالتحديد اللجنة الوطنية للتصرف فى الأملاك المصادرة.
وقررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى يوم 26 ديسمبر المقبل، بعد أن رأى القاضى أن شهادة وفاة الرئيس التونسى الراحل زين العابدين بن على "أحد المتهمين فى القضية" غير موجودة فى ملف القضية.
اختبار السيستم
قضية الفهرى سيكون لها أبعاد أخرى الأيام المقبلة، نظرا لأن القضية معقدة، وأن مراكز قوى نافذة تعمل خلف الفهرى، حسب التحقيقات التى تسببت من قبل فى الحكم على الفهرى ولكن ما لبث أن خرج من الحبس، ومجريات الأحداث.
ومنذ توقيف الفهرى بدأت المواجهات الكلامية والتلاسن بين عدة جبهات إعلامية واقتصادية فى تونس، وهو ما يشير إليه المراقبون بأنه سيكون هناك معركة كبيرة ظاهرة، وأخرى باطنة طاحنة، تدور خلف الكواليس، والغالب إنها ستكون مفترق طرق للقيادة والنظام الجديد ومدى استمراره فى تنفيذ وعوده بمكافحة الفساد، فإذا ما تمكنت قوى الضغط من اطلاق الفهرى وتسوية المسألة بطرق كالعهود السابقة، حينها يكون حسب توصيف المراقبين التونسيين البيروقراطية القديمة قد نجحت فى العودة من بعيد، وشرع فى استرجاع قواه التى خلخلتها انتخابات 6 و13 أكتوبر، أما إذا اخذ القضاء مجراه بعيدا عن كل الضغوطات، حينها يكون "السيستم القديم" قد سقط فى احد اهم معاركه.
قيس سعيد ومكافحة الفساد
ومنذ اختيار الرئيس التونسي قيس سعيد فى رئاسة تونس ، وملف مكافحة الفساد على رأس أولوياته ، فقد أعلن خلال حملته الانتخابية تعهده بمكافحة الفساد، وأعادت الحكومة بالتنسيق مع الرئاسة إطلاق حملة مكافحة الفساد ، وأعلنت تدقيقا ماليا شمل وزارة الخارجية وشركات عامة.
وفي أول خطاب لسعيد كرئيس جمهورية تونس، قال إنه "لن يتسامح مع تبديد أي مليم من أموال الشعب التونسي".
وبعد تحقيقات شملت العديد من الشخصيات والجهات والموظفين الحكوميين، قالت هيئة مكافحة الفساد، "إن الفساد أصبح وباءا ينخر كل القطاعات خصوصا الصحة، والنقل والأمن والجمارك، ويكلف الدولة خسارة تصل لمليار دولار سنويا".
سر تفوق الفهرى
وسامي الفهري مقدم ومنتج ومخرج، دخل الفهري قطاع الإعلام عبر إذاعة تونس الدولية التي عمل فيها منذ 1998، وانضم بعد ذلك بقناة 21 ، ثم التحق بشركة "كاكتوس للإنتاج" صهر الرئيس بلحسن الطرابلسي.
وبرز نجم الفهرى، بدءا من 2003 ، بتقديمه عدة أعمال تلفزيونية على قناة تونس 7، منها برنامجي "آخر قرار" (2003-2005) و"دليلك ملك" (2005-2007)، وفي رمضان 2008 قام بإخراج مسلسل مكتوب الذي سخرت له ميزانية ضخمة قياسا بالمسلسلات الرمضانية الأخرى، تلاه في رمضان 2009 إخراجه للجزء الثاني.
وفي رمضان 2010، قام بإخراج مسلسل "كاستينج"، الذي ظهر فيه كممثل في دور صغير، وبعدها انتقل إلى امتلاك ورئاسة قناة الحوار التونسية.
تاريخ الملاحقات القضائية
يذكر أن التتبعات القضائية في ما عرف بقضية شركة الإنتاج " كاكتوس برود " كانت قد انطلقت في أواخر سنة 2011، ويتهم فيها كل من الإعلامي سامي الفهري، والوزير المستشار الأسبق برئاسة الجمهورية عبد الوهاب عبد الله ، وخمسة مديرين عامين سابقين بالتلفزيون الوطنى التونسى، الذين أحيلوا بدون حبس احتياطى، إلى جانب بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس الأسبق بن علي غيابيا والذى خرج من تونس مع فرار الراحل بن على.
رحلة سجن الفهرى 2012
وسجن الفهري لأكثر من سنة ما بين عامي 2012 و2013 على ذمة قضايا فساد تتعلق بشركة "كاكتوس برود"، حيث اتهم بالتسبب في خسائر مالية للتلفزيون التونسي.
سامى الفهرى
ودخل في إضراب عن الأكل في 18 ديسمبر 2012، احتجاجا على مواصلة اعتقاله، وعلّق إضرابه لمدة يومين، بعد زيارة نواب المجلس التأسيسي عصام الشابي، وإياد الدهماني له، وفي 20 ديسمبر من ذات العام، نظم سياسيون منهم إياد الدهماني وفنانون وحقوقيون، وزوجة سامي الفهري وبنتاه ووالدته وشقيقته سلمى، وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بتونس العاصمة ، وهو مقر وزارة العدل ورفعوا لافتات تطالب بتطبيق القانون وإطلاق سامي الفهري منها "ديقاج"* لوزير العدل نور الدين البحيري و"طبّق القانون وسيّب** المسجون"، ثم عاد للإضراب في 22 ديسمبر 2012.
كذلك نظمت اللجنة الوطنية لمساندة سامي الفهري التي يترأسها الطاهر بن حسين في 24 ديسمبر 2012 ، وقفة احتجاجية أمام سجن المرناقية الذي يمكث فيه الفهري وقد حضرها إعلاميون وفنانون منهم حسن بن عثمان وآمنة المنيف وعصام الشابي وإياد الدهماني وألفة العياري كاتبة عام نقابة السجون والإصلاح.
ورفعوا شعارات منها "كلنا سامي الفهري" وردّدوا شعارات منها "سَيّبُوا الراجل"، وفي 27 ديسمبر نظّم فنانون من بينهم الممثلون لمين النهدي ومحمد العوني ووجيهة الجندوبي ومحمد علي بن جمعة والمخرج يسري بوعصيدة وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بتونس للمطالبة بالإفراج عنه. ونُقل سامي الفهري مساء 27 ديسمبر إلى مستشفى الحبيب ثامر بتونس العاصمة بعد تعكّر حالته الصحية.
بيانات دعم وتأييد
وفي 28 ديسمبر أصدرت النقابة التونسية للصحفيين التونسيين بيانا بيّنت فيه أن سجن سامي الفهري هو سياسي نتيجة "الجرأة في اللوجيك السياسي القلابس."
وأصدرت منظمة حرية وإنصاف بيانا قالت فيه " إنه يجب إطلاق سامي الفهري، وفي 3 يناير 2013 حكمت المحكمة بالإبقاء على الفهري رهن الإيقاف واصدار بطاقة إيداع بحق خمسة رؤساء مديرين عامين لمؤسسة التلفزيون التونسى، وغادره في 12 مارس 2013 .
بسبب سكاتش هزلي وربط بين الشاهد وحركة النهضة
توعد الإعلامي بوبكر بن عكاشة بسجن سامي الفهري في أكتوبر 2019 لمدة 5 سنوات، إثر سكاتش هزلي في برنامج أمور جدية عن رئيس الحكومة، وصدق بن عكاشة في الرسالة التى أرسلها الى الكوميدي وسيم ميقالو، وذلك على خلفية بث سكاتش هزلي، يجمع بين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
و مما لا شك فيه أن بوبكر بن عكاشة كان على علم بإيقاف سامي الفهري لارتباط هذا الأخير بعلاقة وطيدة مع رئاسة الحكومة.
رسائل تضامن
رد الاعلامي سمير الوافي على الشماتين في إيقاف الفهري، و قال الوافي في تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك ، وكذلك علّق عدد من الاعلاميين والفنانين برسائل تأييد ودعم للفهرى .
وقال الوافى :
الشماتة نذالة...والحبس ساهل وقريب مهما بعدت عن الشر وتجنبت الخطأ...لن تكون ملاكا مهما تطهرت...ستبقى بشرا يزل ويخطئ ويضعف...في جرة عشرة الاف تمدها لموظف في إدارة أو في طريق...في جرة علاقة عابرة مع طفلة...في جرة حادث مرور...لحظة ضعف إنساني...إستسلام لشيطان رجيم...لحظة غضب خارج السيطرة...شيك بسبب أزمة مالية...تصفية حسابات وإنتقام...ظلم وقهر وتسلط...يجيك البلاء يا غافل...!!
لا أحد محصن من ذلك...لا أحد فيكم ملاك...لا أحد أقوى من القدر...الأيام تدور يا صاحبي...لا تشمت ولا تتشفى...قل للسجين والمريض ربي يفرج عليه...وللميت الله يرحمو...حتى لو كانوا ألد أعدائك...ولا تنسى أيضا : المتهم بريء حتى تثبت إدانته...الشماتة نذالة...!!!
سيقول لي البعض كما في الميساجات :
" لقد تشمتوا فيك سابقا وخانوا الماء الملح والعشرة "...!!
أجيبهم " أنا أعامل الناس بأخلاقي وليس بأخلاقهم " !!
...أنا لا أنسى لكنني لا أشمت ولا أكره ولا أتشفى...ولا أنتقم سوى بالنجاح...ربي يفرج عليهم...!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة