إذا كنت مهتما بتفسير الأحلام، فقد يقترح عليك البعض كتاب ابن سيرين الشهير "تفسير الأحلام"، وهو الكتاب الشهير فى هذا المجال، وربما شهرته تعددت الأقطار العربية والإسلامية.
لكن هل تعلم أن كتاب "تفسير الأحلام" المتداول ليس من تأليف ابن سيرين، ولم يذكر أن العالم المسلم الراحل ألف مثل هذا الكتاب، فمع كثرة ثناء العلماء على ابن سيرين وفى تراجمهم له لم يذكر أحد منهم قط انه ألف كتابا لتفسير الأحلام، وجميع من ترجموا له خلال القرون الثلاثة الأولى من الهجرة لم يذكروا إطلاقا أن لابن سيرين كتابا فى التعبير مع أنهم ذكروا براعته فيه .
وذكر ابن مقصد العبدالى، فى كتابه "الرؤيا: عالم غريب وتأويل عجيب" أن كتاب منتخب الأحلام أو تفسير الأحلام الكبير لابن سيرين أو الجوامع، فهذا الكتاب ليس من تأليف ابن سيرين، والذين نشروا الكتاب بعناوين مختلفة لم يظهروا أى مخطوط تدل على نسبته إليه، والدليل على أن الكتاب ليس لابن سيرين، بحسب وصف الكاتب هو الكتاب نفسه، لأن فيه ذكر أسماء بعض الصالحين ولدوا بعد ابن سيرين بمائة سنة أو مائتين، أمثال بشر بن الحارث الحافى، الذى ولد سنة 152 ومات سنة 227هـ، وسهل بن عبدالله التسترى الذى ولد سنة 283 هـ، وكذلك ذكر الخراز، سفيان الثورى، عبدالله بن المبارك، وابن أبى الدنيا، والشافعى، وكل هؤلاء جاءوا بعد موت ابن سيرين، الذى ولد سنة 33 هجريا، ورحل سنة 110 هـ.
وأرجع الكتاب سالف الذكر كتاب تفسير الأحلام إلى أبو سعيد الواعظ، مشيرا إلى أن الأخير جمع ما تناقل عن ابن سيرين ونسبه إليه، إلا أن الكتاب فيه الصحيح والضعيف والخطأ والصواب.
ويذكر الشيخ على أحمد عبد العال الطهطاوى فى كتابه " تعبير الرؤى والأحلام عند الأئمة الأعلام" أن بعض الباحثين والمختصين ذهبوا إلى أن تفسير الأحلام ليس من وضع ابن سيرين، وربما كله أو بعض أبوابه وضعت من طرف أناس تتلمذوا على يده أو يد غيره، وتم نسب الكتاب لابن سيرين لاغراض غير معروفة.
وأوضح الكتاب إلى أن بعض الباحثين أن من جمع ورتب تفسير الأحلام رجل يدعى "أبو سعيد الواعظ" لأن اسمه تردد مرارا وتكرارا فى مختلف الأبواب والفصول.
وفى سيرة ابن سيرين التى جاءت فى كتاب " تاريخ الأدب العربى - المجلد الأول - الجزء 4" تأليف الدكتور فؤاد سزكين، ذكر الأخير أن ابن سيرين كان حجة فى تفسير الأحلام، غير أنه لا يوجد دليل على أنه هو من ألف تفسير الأحلام، أو حتى له رسائل فى هذا أم لا.
وأشار "سزكين" إلى أن الجاحظ فى كتابه "الحيوان" وابن قتيبة فى "المختلف" جعلاه صاحب القول الفصل فى هذا، ولعل دراسة الكتاب لابن قتيبة فى الأحلام تسهم فى تبيان القضية، وغير بعيد أن يكون قسم من الكتب التى تنسب إليه، إنما هو فى حقيقة الأمر من تأليفه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة