منذ 97 عاما، عندما اكتشف العالم الإنجليزى هوارد كارتر، مقبرة الملك الذهبى توت عنخ آمون، لم يكن يتوقع أن يصير اكتشافه هذا هو اكتشاف القرن من بين الاكتشافات الأثرية الأخرى فى العالم أجمع، خلال القرن العشرين، فالمقبرة التى وجدت كاملة وبحالة جيدة، نسجت حولها العديد من الحكايات والأساطير أيضا.
ووفقاً لتقارير صحفية في أوائل عشرينيات القرن العشرين، توفي العديد من الأشخاص الذين كانت لهم علاقة بعالم الآثار البريطاني هوارد كارتر في العام 1922، وضمنهم ممول الحملة الثري اللورد كارنارفون، الذي توفي بسبب لدغة بعوضة مريضة في العام نفسه، ومن هنا صنعت أسطورة لعنة الفراعنة، لكن يبقى السؤال الأهم هل يوجد ما يماثل لعنة الفراعنة فى الحضارات الأخرى، ومن أين جاءت تلك الفكرة؟
وجاء فى كتاب "لعنة الفراعنة.. وأسرار الهرم الأكبر" تأليف صبحي سليمان، أن إحدى الدراسات أكدت أن "لعنة الفراعنة" خيال وهوس خلقته الصحافة البريطانية فى العشرينات من القرن الماضى عند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، موضحا أن الدراسة التى قام بها عالم الآثار الاسترالى مارك نيسلون أظهرت أن كثيرين ممن حضروا اكتشاف المقبرة عاشوا سنوات عديدة وماتوا بشكل طبيعى، موضحا أن الصحافة اللندية هى من خلقت "لعنة الفراعنة" وغذتها فى وجدان البشر بكثير من الروايات.
يرى العديد من الباحثين أن لعنة الفراعنة جاء من وحي الخيال الغربي، خاصة انهم أول ما تحدثوا عن تلك اللعنة، كما أن الأفلام العالمية اهتمت اهتماما غير عادى، وتزينت العديد من دور السينما الأميركية، في عشرينيات القرن الماضي، بزخارف باهظة تقلد الطراز المصري القديم، بحسب تقرير BBC Mundo.
وظهر عقاب نبش القبور فى حضارات أخرى، كما ظهر فى "لعنة الفراعنة" فى الحضارة المصرية القديمة، فوفقا لكتاب "الحضارة الفينيقية" تأليف محمد الخطيب، فإن الفينيقيين كانوا يؤمنون بالحياة بعد الموت، فبالإضافة إلى القرابين الجنائزية، كانت هناك التوابيت الباذخة، وكان هناك تحنيط الموتى التى ظهرت فيه آثار إلى النور، وفوق كل ذلك كان هناك الأوعية التى تنقش على التوابيت محذرة من ينتهك حرمة الميت من أن تحل عليه لعنة الآلهة، إذا كان يقول أحيرام الصوري ملك صور الفينيقي فى إحدى نقوش صيدا: "إذا هجم ملك أو حاكم أو قائد جيش على جبيل وكشف الغطاء عن هذا التابوت، فلينكسر صولجانه ولينقلب عرش ملكه".
وفى الحضارة البابلية، كان هناك لعنة لمن يقوم بنبش المواقع القديمة، فوفقا لكتاب "موسوعة المدن والمواقع في العراق - الجزء الثاني" تأليف بشير يوسف فرنسيس، مسلة الالهة "لاما" وهي نصب من رخام أبعاده (٧٧ع ٢٠ عا٢٥) سم عليه صورة منحوتة بالنحت البارز للالهة الكشية "لاما" وهو منقوش بكتابات مسمارية باللغة الكشية تستجلب اللعنة على من يحطم هذا النصب.
ويذكر كتاب "حضارة مصر و العراق: التاريخ الاقتصادى والاجتماعي والثقافى والسياسى" برهان الدين دلوم، أن بعض النصوص القديمة فى ملحمة جلجامش وهي ملحمة سومرية قديمة، توضح أن الموت فى تصورهم لم يعنى الفناء وإنما انفصال الجسد عن الروح، ورغم هذا الانفصال كانت العلاقة تبقى بين الاثنين، فمثلا تتوقف راحة الروح فى عالم الأرواح على العناية التى يبذلها الأحياء فى دفن الجسد وفق الطرائق والسنن الدينية وعلى ما يودع فى القبر من زاد وأثاث، موضحا أنه إذا أهمل الأحياء العناية بدفن الميت وفن السنن الدينية آنذاك أو لم تفن أو نبش قبره فإن روحه لا تستقر فى عالم الأموات وإنما تخرج على هيئة شبح يحدث بالأحياء بالأذى والضرر.
كما جاء فى كتاب " في الفترة ما بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي" أنه تم ذكر أسماء بعض الآلهة في النقوش الضريحية والاستعانة بلعنتها والغرامة المقدمة إليها في حماية المقابر فى الجزيرة العربية فى العصور القديمة قبل الإسلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة