كنتُ ضئيلةَ الجسمِ باسمةَ الثغرِ عاليةَ الهمةْ...
ألهو هنا وهناك. لى دمية صغيرة أدللها ..وعند النوم يكون حضنى هو الملجأ الوحيد لها .
كنتُ أحلمُ دائماً بالفارس على حصانِه الأبيض وسنعيش معاً بمعزلٍ عن كل شرورِ البشر..
كبرتُ وأصبحتُ في العاشرة وما زال ذلك الحلمُ قائماً في وجدانى..
وفي انتظاره أن يتحقق...
حتى أتى ذاك اليومُ العصيب..
دخلت أمى إلى غرفتى ..
وقالت ستصبحين عروساً يا بنيتى الجميلة...
فتلألأت في عينىَّ دموعُ الفَرَح ...
نعم أتى الفارس إلىَّ وسيأخذنى معه إلى مكان حيث لا بشر وسنأخذ معنا دميتى الصغيرة ...
نعم يا أمى أين هو ؟!
تعالى يا بنيتى !
وإذا بأرجلى الضعيفة ..تتخبط من هولِ الصاعقة..
هل هذا هو ؟!
رجل في الخمسينَ من عمرهِ..كسا الشيبُ لحيتَهُ ورأسَه..
ويسعلُ من السعلاتِ ما ترَجُّ له مدينةٌ بأكملها ..
لا يا أمى لا أريد !!!
لا نملك من المال ما يكفى لتربية ستة أطفال..
لقد كبرتِ وعليكِ الزواج...
وهلَّت المباركات من نساء القرية ..
كانت تقع على أذنىَّ وقعَ التعازي..
وهم يكسوننى الأبيضَ...
يكفنون أحلامى وأمانىَّ...
وكان كل يوم يمُر علىَّ هو بمثابة جحيم ..
الضربة تلو الأخرى والكف يلى الآخر...
حتى ازرقّ جسدي الواهن ...
وصارَ لابد من قرار..
استجمعت قواىَ جلبت تلكَ السكين ..
نعم كان ذلك هو الخلاصُ الوحيد..
وبينما هوَ غارقاً في نومه انهلت عليه طعنة تلوَ الأخرى ..
فباتَ كالثورِ المذبوح في سريره..
غارقاً في دمائه ...
لم أتمالك نفسي...
وطعنت نفسي أيضاً ..
وكانت النهاية !!
زواج القاصرات بالفعل علينا أن نُطلق عليه مأساة القرن ....نحن في القرن الواحد والعشرين وما زلنا نُعانى من هذه الكارثة .
بل ازدادت تفشياُ في المجتمع المصري..
بعدما قلّ منسوبها في أوائل الألفية .
ماذا حدث ؟ هل فقراً أم جهلاَ أم خوفاً؟
سؤال لا يهمنى جوابه كى لا ألتمس العُذر لأهالى هؤلاء الفتية والفتيات ..
نعم لم تصبح المأساة قاصرة على القاصرات فقط بل القاصرين أيضاٌ......
كيف لفتاة في الثانية أو الثالثة عشرة من عُمرها أن تتحمل مسئولية بيت وزوج وابناء ؟
كيف لجسدها الصغير الذي لم يكتمل نموه بعد أن يقوى على أعباء الحمل والولادة ؟
كيف لعقلها الصغير أن يُرشد ويُوجه أولادها إلى الطريق الصائب ؟
كيف لنا أن نَدفن طفولتها كوأدِ البنات حين الجاهلية !
وأدُ الروح أشد بلاء من وأدِ الجسد....
ونقيس على ذلك ما يترتب من جرائم تحدث بسبب ضعف أسلوب التربية وقلة الانتباه من الوالدين .
لأنه باختصار ....أطفال يربون أطفالا !