"نقطة مياه تساوى حياة" مقولة يفهمها ويدرك معناها بشكل كبير كل من يعمل فى وزارة الموارد المائية والرى، فهم جنود مجهولة يراقبون ويحافظون على كل قطرة مياه حتى تصل إلى مستخدميها، ونظرًا لصعوبة الوضع المائى فى مصر وضرورة الحفاظ على كل قطرة والاستفادة القصوى منها، فقد تم إنشاء مركز للتنبؤ بالفيضان داخل الوزارة .
اليوم السابع يرصد من داخل مركز التنبؤ تفاصيل العمل به، بداية توضح الدكتورة إيمان سيد رئيس قطاع التخطيط بوزارة الرى، أن الهدف من إنشاء المركز، هو تقدير كميات المياه القادمة من أعالى النيل باستخدام أحدث تقنيات للتعامل مع صور الأقمار الاصطناعية التى يتم تحديثها يوميًا مع استخدام النماذج الرياضية المتخصصة لقياس توقيتات، ومعدﻻت سقوط الأمطار بحوض النيل ومواعيد وصولها للبلاد وتحديد حجم الموارد المائية الواردة من أعالى النيل أو المتمثّلة فى مياه الأمطار والسيول لإدارة المنظومة المائية على الوجه الأمثل، ومساعدة متخذى القرار عند تشغيل السد العالى والخزانات الكبرى على طول مجرى النيل، وكذلك توزيع المياه طبقًا للفيضان الوارد واﻻحتياجات المائية للبلاد.
أحيانًا تحدث تناقضات فى التنبؤات بحالة الطقس للأيام نفسها، توضح "سيد"، أن هذه ليست تناقضات ولكنها تحديث لحالة الطقس فنماذج التنبؤ بالطقس تتعامل مع الغلاف الجوى بمجموعة من المعادلات الفيزيائية الصعبة التى تحكم حركة الهواء تندرج تحتها الحركة الديناميكية وتسمى الفيزياء النظرية، وهذه المعادلات شبيهة بمعادلات ديناميكا السوائل fluid dynamics وهى معدلات صعبة جدًا، ومنها ما يصعب وضع حل منتهى لها كما أن حالة الجو فى هذه الفترة سريع التغير.
وتضيف رئيس قطاع التخطيط بوزارة الرى، أنه عندما نأتى للنتائج سنجد أن النموذج يتم تشغيله يوميًا ويبدأ مدة التنبؤ من يوم تشغيله إلى مدة 5 أيام قادمة، ويعتمد النموذج اعتمادا اساسيا على حالة الجو الآن لأنها تعتبر نواة التنبؤ، لذا فمن الوارد جدًا أن تتغير نتائج التنبؤات تغيرات طفيفة لنفس الأيام المتنبأ بها أمس عن اليوم، ولكن الأفضل هى النتائج الأقرب ليوم التنبؤ، ولذا نؤكد على الثلاث أيام الأولى فى التنبؤ وتشغيل النماذج يوميًا وتحديث التنبؤات أولاً بأول لضمان نتائج أفضل، أما عن تنبؤات الأمطار وكمياتها وشدتها فتعتبر من أصعب العمليات داخل نماذج التنبؤات العددية ومن الصعب مناقشتها مع غير المختصين.
وتوضح الدكتورة إيمان سيد، أن "وحدة الإنذار المبكر" بالسيول تعمل من خلال متابعة الظواهر المناخية وخاصة الأمطار باستخدام نظام الاستشعار عن بعد، وتهدف لمساعدة متخذى القرار لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة لتلبية الاحتياجات المختلفة، واتخاذ الإجراءات والتدابير المصاحبة لسقوط الأمطار وحدوث السيول، بتشغيل نماذج التنبؤ بالطقس (Eta-MM5-WRF) على مصر وحوض نهر النيل، وإصدار النشرات الفنية التى تصف حالة الطقس خاصة الأمطار على نهر النيل.
وتوضح رئيس قطاع التخطيط بوزارة الرى، أن المركز يحدد شدة وكمية الأمطار المتوقعة على البلاد بهدف اتخاذ إجراءات تخفيض مناسيب الترع والمصارف حتى ﻻ تحدث مشاكل لمستخدمى شبكة المجارى المائية باعتبار أن الوزارة مسئولة عن توفير كافة الاحتياجات للبلاد من زراعة وشرب وصناعة وملاحة نهرية .
وتضيف، أن البيانات التى تصدر عن المركز تمثل إشارات لمهندسى الإدارات لاستقبال مياه الأمطار وجمع البيانات، ليتمكن مهندسو الوزارة بمحافظات الجمهورية من متابعة أعمالهم بشكل أكثر واقعية، علمًا بأنه يتم متابعة التحديث فى الخرائط والتحقيق والتدقيق بشكل يومى نظرا للتغيرات السريعة فى العوامل المناخية، مشيرة إلى أهمية التعاون بين المركز والهيئة لصالح البلاد ومع ضرورة توفير بيانات محطات رصد الأمطار مجانا للجهات التنفيذية والبحثية حتى تستخدم فى دراسات الحماية المستقبلية من السيول، ويستند المركز فى تقاريره على قياس معدلات سقوط الأمطار وتنبؤات هيئات الأرصاد الدولية والإقليمية .
وتشير الدكتورة إيمان سيد، إلى أنه جرى التنسيق مع المحافظات لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع فترة السيول من تكليف مسئول من قبل كل محافظة، وتشكيل غرفة عمليات مركزية ترتبط بالغرف الفرعية بالمحافظات المؤهلة لسقوط الأمطار بها خلال الفترة المقبلة، لافتة إلى أن كافة المنشآت والمشروعات التى قامت بها هيئات وقطاعات الوزارة خلال الفترة الماضية جاهزة للتعامل مع موسم الامطار والسيول، وبكفاءة عالية دون أى تأثير على المنشآت أو المناطق التى تحميها.
ويضيف محمود جابر مبروك أخصائى أرصاد جوية بالمركز، أن نماذج التنبؤ بالمناخ التى يتم الاعتماد عليها بالمركز يتم تدقيقها أوﻻً بأول، كما تتفق مع المعايير العلمية العالمية، بالإضافة إلى قاعدة المعلومات والبيانات المتوفرة لديه على مدار 150 عامًا وتتعلق بفيضان النيل، علاوة على مراجعة الخرائط بشكل يومى، وعلى مدار 24 ساعة نظرًا لطبيعة التقلبات الجوية وصعوبة ثبات العناصر المناخية، وذلك بفريق من المتخصصين بالمركز فى مجال الأرصاد الجوية حاصلين على دراسات عليا من جامعه القاهرة، ﻻفتة إلى أن المركز يتعاون مع مراكز المناخ العالمية بألمانيا وإنجلترا والوﻻيات المتحدة الأمريكية.
وتوضح المهندسة جين عماد بمركز التنبؤ، أنه يتم إصدار نشرات أمطار تفصيلية لبعض دول حوض النيل مرتين أسبوعيًا، وتحميل بيانات المحطات الأرضية (Synoptic Stations) وإدخال البيانات الهيدرولوجية اللازمة لتشغيل نموذج التنبؤ والمحاكاة لفيضان نهر النيل، والمتابعة الدورية لحالة الفيضان وإصدار النشرات وتحليل المعلومات الخاصة بالأمطار والفيضان، وإعداد سيناريوهات تشغيل السد العالى.