كما يقول أيضا "لقد فَتنَهم جمال علوم الجماد، إنهم لم يدركوا أنَّ أجسامهم ومشاعرَهم تتعرَّض للقوانين الطبيعيَّة، وهى قوانين أكثر غموضًا، وإن كانت تتساوى فى الصَّلابة مع قوانين الدُّنيا، فإنَّ الإنسان يعلو كل شىء فى الدُّنيا، فإذا انحطَّ وتدهور، فإن جمال الحضارة، بل حتى عظَمة الدُّنيا الماديَّة، لن تلبث أن تزول وأن تتلاشى".
والكتاب يحتوى عددا من الفصول ويناقش عدة موضوعات مهمة منها "الحاجة إلى معرفة الإنسان" ويتحدَّث فيها عن تقدُّم علوم الحياة ببطء أكثر ممَّا تقدمت به علوم الجماد، ويرجع كاريل ذلك إلى جهلنا بأنفسنا، وبيَّن أنَّ هذا الجهل ناتجٌ عن "طريقة وجود أَسلافنا، وإلى تعقُّد الإنسان، وإلى تَركيب عقلنا" كما أشار إلى "كيف حورت العلوم الميكانيكية والطبيعية والكيميائية فى بيئتنا، وتحدث عن نتائج هذا التغيير وضرره، لأنه أجرى دون تقدير لطبيعة الإنسان".
وناقش فى أحد الفصول "علم الإنسان" أوضح فيه ملامح علم الإنسان، وأهمها "ضرورة الاختيار بين المعلومات غير المتجانسة التى تتعلق بالإنسان، وبين أن علوم الإنسان تحتاج إلى فحص شامل للإنسان، بحيث تَحصل كل ناحية من الإنسان على قسط من الاهتمام، مع الحرص على عدم إعطاء أى جزء أهمية مبالغا فيها، فالإنسان فى جملته يدخل فى اختصاص العلم.
وأَوضح كاريل أن علم الإنسان أهم بكثير من جميع العلوم الأخرى، لكنه أَوضح بعض المصاعب فى طريق هذا العلم، وأهمها "أن معلوماتنا عن الإنسان معلومات تقديرية، وأن صدق التجارب يحتاج إلى مجهود ضخم، قد يبلغ فى مجال معين مرور جيل، لكى نحكم على صدق تجاربنا".
وتحت عنوان "الجسم ووجوه النشاط الفسيولوجى" يتحدث فيه عن العمليات الفسيولوجية التى تتم داخل هذا الإنسان، فتحدث عن الجوانب الثنائية فى الإنسان، فالإنسان ليس جسدًا فقط، لكنه مادة وروح، وجسد وعقل.
وفى فصل "النشاط العقلى" تحدث عن النشاط العقلى، وتأثير هذا النشاط على الإنسان، وبين عواقب ومخاطر إهمال هذا النشاط، ويؤكد أن الحضارة العصرية أنتجت الآلاف من فاقدى العقل، وأن المصحَّات فى أوروبا وأمريكا مكتظَّة بعدد كبير من المجانين وضِعاف العقول.