"أنا حلو ولا أنتوا بتجاملونى".. وأستاذ التمثيل يبدد شكوكه: "أنت بهرتنى بتمثيلك"
تمرد على تقاليد الأسرة
لم يشفع له ولعه بالتمثيل فى سن صغيرة لدى أبويه ليتقبلا التحاقه بـ المعهد العالى للفنون المسرحية، الأب يرفض الفكرة كغيره من أرباب الأسر، ربما لمفهوم استقر عند الآباء يتصور أن الفن صخرة يتحطم عليها كل ثابت، ومصطلح مرادف للابتذال، أما الأم فتخشى على صغيرها عذابات الغربة ومشقة الانتقال من الإسكندرية للعاصمة بعيدًا عن أعينها فى مجتمع لا يتقبل المختلف بسهولة، وهى تدرك فى قرارة نفسها أن علة ابنها "التلعثم" ستعوقه – لا محالة – وسيظل حلمه بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا.
راود حلم الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية مهاب منذ تلك اللحظة التى تذوق فيها حلاوة التحول من شخص لآخر يختلف عنه فى الصفات والمزاج والشعور، استقل القطار المتجه للقاهرة متمردًا على تقاليد أسرته ليصل إلى أكاديمية الفنون بمنطقة الهرم، يسحب ملف التقديم وينتظر موعد وقوفه أمام لجنة من كبار أساتذة التمثيل.
"ما ذنبى وعلتى".. الإحباط يتملك من نفس مهاب
حان موعد الامتحان، استدار ليلتقط أنفاسه ونطق البسملة، وبدأ تقديم مشهد حاول فيه تجنب نطق حروف تفضح تعثره لكن لم يسعفه ذكاؤه فى إخفاء علته، وجاءت قائمة المقبولين للعام الدراسى 2016 \ 2017 خالية من اسم مهاب عصام الدين محمد.
أخذ اليأس يتملك من مهاب وهو يرى حلمه يضيع أمام أعينه، لا يسمع إلا صوت واحد داخله يهمس فى حزن: ما ذنبى وعلتى؟ مر عام حتى جاءه صديق رآه ملاكًا مبعوثًا من السماء أخبره أن إدارة المعهد فتحت بابًا استثنائيًا لقبول ذوى الاحتياجات الخاصة، بدأ الأمل يعاوده وتبدلت نظرته لنفسه من صاحب علة إلى صاحب ميزة لابد من استغلالها.
أكون أو لا أكون تلك هى المسألة
"كان عندى ثقة إنى هدخل المعهد.. اتدربت واشتغلت على نفسى كويس.. وفهمت هلبس إيه يوم الاختبار وهمثل إزاى" لم تكن تلك المرة لدى مهاب مثل سابقتها، وأخذ القول الشكسبيرى يتملكه، فإما أن يكون أو لا يكون، قضى أيامه بين اختيار المشاهد وحفظها والتدريب عليها، ليقف أمام اللجنة للمرة الثانية، كانت وجوههم ثابتة لا تنم عن شىء، لا يعرف إن نال استحسانهم أم لا، على أية حال عليه أن يكمل التجربة لآخرها، انتهى من مشاهده واستقل قطاره للإسكندرية وانتظر ظهور النتيجة، ولم تخذله أمنياته تلك المرة فبعد أيام جاوزت الأسبوع قليلا، تزين كشف المقبولين باسمه، ليبدأ المرحلة الأصعب فى مشوار حجز مقعده داخل أكاديمية الفنون، بدخوله الورشة الإبداعية ومدتها أسبوع لاختيار الأفضل من بين المقبولين.
فى أول أيام الورشة يعيد الطالب تقديم مشهديه مع إعطائه بعض الملاحظات من أحد أساتذة التمثيل لقياس مدى تطوره، جاء دور مهاب وبمجرد أن انتهى من عرضه ضجت القاعة بالتصفيق، "هو أنا حلو ولا أنتوا بتجاملونى" هكذا حادث مهاب نفسه، حتى سمع كلمات بددت ما بداخله من شكوك، حين وقف الدكتور سناء شافع – أستاذ التمثيل – وقال له: "أنت بهرتنى بتمثيلك.. المشهد بتاعك أكتر مشهد صدقته"، بعد ظهور نتيجة القبول لم تسع مهاب الفرحة ليعلم إلى أين تقوده قدماه، وأطلق صرخة رد بها على كل المشككين فى موهبته ومن عايروه بعلته، يكفيهم أن أتفاخر الآن وأقول لهم فى ثقة: "أنا طالب بالمعهد العالى للفنون المسرحية".
"مهاب" ممثل يقتحم المناطق الوعرة
سمح لنا الدكتور مدحت الكاشف رئيس قسم التمثيل والإخراج بدخول قاعات المحاضرات لمراقبة مدى اندماج مهاب مع الطلاب الأصحاء، وكانت المحاضرة لمادة "حرفية الممثل"، طلب من الطلاب بدايةً تقديم تدريب كان قد اتفق معهم على تحضيره، سألهم أستاذهم: من يبدأ ؟ فسارع مهاب برفع يده، ثم قدم عرضًا يتعلق بتكنيك الممثل لم يتوقعه أستاذ التمثيل نفسه الذى قال: "يا مهاب لو طورت الفكرة هتبقى عملت حاجة مهمة جدا لمهاب الممثل"، جلس مهاب مع نفسه لدقائق فى مؤخرة القاعة يفكر ويفكر، ثم عاد ليعلن جاهزيته، ثم فاجئنا بدخوله فى المنطقة الوعرة وابتكر لنفسه تدريبا يتعلق بمشكلته الأساسية، فى المقابل لم يقتحم الأصحاء تلك المنطقة لأنهم يعتقدون أن ليس لديهم مشكلة، لكن مهاب بحث على مشكلته وعالجها – بحسب د.مدحت الكاشف –
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة