لماذا انخفض الدولار أمام الجنيه؟.. 7 أسباب أهمها اختفاء ظاهرة الاكتناز ونهاية السوق السوداء وتحويلات المصريين بالخارج.. الجنيه سيواصل ارتفاعه بحثا عن سعره العادل.. وحائزو العملة يعززون مكاسبه بموجات بيعية عنيفة

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019 04:00 م
لماذا انخفض الدولار أمام الجنيه؟.. 7 أسباب أهمها اختفاء ظاهرة الاكتناز ونهاية السوق السوداء وتحويلات المصريين بالخارج.. الجنيه سيواصل ارتفاعه بحثا عن سعره العادل.. وحائزو العملة يعززون مكاسبه بموجات بيعية عنيفة البنك المركزى المصرى
تحليل يكتبه محمد أحمد طنطاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نزيف العملات الأجنبية أنهى أسطورة بيع الأراضى والعقارات والمدخرات الخاصة لتوظيفها فى العملة وأنتج ظاهرة "التخلص من الدولار"

الدولة لا يمكنها التحكم فى سعر صرف الدولار ولو كان بمقدروها ما اتجهت لقرار التعويم.. ولا يمكن لمتخذ قرار تحمل مسئولية رفع أو خفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية

الحل الأمثل لأصحاب المدخرات الدولارية البيع لوقف الخسائر.. وهذه قائمة بالفئات المستفيدة من ارتفاع الجنيه

الكل يتساءل لماذا انخفض الدولار أمام الجنيه المصرى؟  وما المبرر الذى دفع الجنيه للصعود المستمر منذ نهاية شهر يناير 2019 حتى الآن؟ وهل فعلا مازال البنك المركزى يتدخل لدعم الجنيه ؟ أم أن ما يشاع يخالف قواعد التحليل الفنى والمبادئ الحاكمة لتداول النقد الأجنبي وما يترتب عليها من تحديد أسعار السلع الاستراتيجية وفاتورة الاستيراد فى الموازنة العامة للدولة وأسعار المواد البترولية وغيرها ؟  هل الأمر مرتبط بوفرة المعروض من الدولار فى الأسواق؟ هل له علاقة بالإصلاح الاقتصادى وتحويلات المصريين فى الخارج والاستثمار الأجنبي المباشر؟

  الموضوع يحتاج إلى المزيد من البحث والتحليل، بصورة مبسطة بعيدا عن التفاصيل الفنية المعقدة، والحقيقة أن جمع المعلومات عن صعود وهبوط الدولار خلال الفترة الماضية لم يكن بالأمر السهل فأغلب ما ينشر عبارة عن أسعار يومية دون تحليلات واضحة أو رؤية فنية يمكن البناء عليها، بالإضافة إلى كثرة الخلفيات التاريخية حول التعويم وأسعار الفائدة التى لم تقدم جديدا للقارئ، فقد كانت إما شديدة السطحية أو شديدة التعقيد وكلاهما لا يناسب جمهور الصحافة.

وقد حاولت أن أبحث عن إجابات لكل الأسئلة المطروحة حول الدولار والجنيه فى 2019، مدعومة قدر المستطاع بأرقام وبيانات رسمية أو تقارير فنية صادرة عن مؤسسات محلية أو دولية.

وقد كانت البداية من السؤال الأصعب والأهم.. لماذا انخفض الدولار؟

الدولار انخفض إلى عدة أسباب رئيسية، أولها زيادة المعروض بنسبة فاقت الطلب عليه فى البنوك المصرية مما دفع إلى انخفاض قيمته من 5 إلى 7 قروش فى يوم واحد "أمس الإثنين".

ثانيا:- هناك أسباب غير مباشرة انعكست على انخفاض سعر الدولار خلال الفترة الماضية تمثلت فى النقاط التالية:-

 1- ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج إلى مستويات قياسية، وصلت إلى 26.4 مليار دولار وفقا لآخر تقرير صادر عن البنك الدولى منذ عدة أيام، لتحتل مصر المرتبة الخامسة عالميا بين المستفيدين من التحويلات على مستوى العالم، وقد سبقتها دول الهند والصين والمكسيك والفلبين.

مصريون فى الخارج

2 – ارتفاع إيرادات قناة السويس فى السنة المالية 2018 – 2019 إلى 5.9 مليار دولار بزيادة قدرها 300 مليون دولار عن العام المالى الماضى، بما ساهم بصورة واضحة فى دعم موقف الاحتياطى النقدى الأجنبى، وعزز من المعروض الدولارى وقدرة الحكومة على تغطية وارداتها.

 

سفن تعبر قناة السويس

3 -  استمرار تدفقات الاستثمار الأجنبى إلى مصر خلال الفترة الراهنة، على الرغم من تراجعه مقارنة بالأعوام السابقة، من 7.7 مليار دولار إلى 5.9 مليار دولار، إلا أنه مقارنة بالوضع الاقتصادى العالمى ومايشهده العالم من تراجع مازال الأمر جيدا، وبحسب تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، فقد تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر عالميا بنسبة 13% خلال عام 2018، وانخفضت التدفقات الاستثمارية من 1.5 تريليون دولار في 2017 – 2018 إلى 1.3 تريليون دولار فى 2018 – 2019

 

وزارة الاستثمار والتعاون الدولى

4 – تحسن موقف الاحتياطى النقدى الأجنبى، وقد أعلن البنك المركزى المصرى، أن حجم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى، فى نهاية نوفمبر 2019، ارتفع إلى نحو 45.354 مليار دولار، مقارنة بنحو 45.247 مليار دولار، فى نهاية أكتوبر 2019، بارتفاع قدره نحو 107 ملايين دولار، بما يؤكد أن الاحتياطى قادر على تغطية أعباء الدين الخارجى، وفى نفس الوقت يمكنه تغطية الواردات السلعية لمصر لمدة حوالى 9 أشهر تقريبا، بما يعادل فى المتوسط 5 مليارات دولار شهريا، فى حين أن المتوسط العالمى يجب ألا يقل عن ثلاثة أشهر فقط، وهذا يؤكد أن الدولة قادرة على توفير احتياجاتها من العملة الصعبة ولن تجد أمامها أى أزمات أو عقبات محتملة  بالمستقبل القريب، وهذا يعزز بدوره قوة الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار ووفرة المعروض من الأخير.

البنك المركزى المصرى

5 – اختفاء السوق السوداء للدولار، وقد شهدت مصر موجة من المضاربات عقب التعويم استمرت لعدة أشهر لكنها سرعان ما اختفت نتيجة تدخل البنوك وتحديد السعر وفقا لقوى العرض والطلب، بصورة مؤسسية تخضع للرقابة والمتابعة.

الدولار

6 – اختفاء ظاهرة اكتناز الدولار والعملات الصعبة، فقد شهدنا أن الفترة الماضية كان الكل يسعى لاكتناز الدولار وتخزينه أملا فى ارتفاع سعره، بل إن البعض على غير وعى كان يحول مدخراته الشخصية، بل راتبه الشهرى إلى العملة الخضراء أملا فى تحقيق المكاسب السريعة والسهلة، وأعرف أشخصا باعوا أرضا وعقارات ليوظفوها فى الدولار، ولكن سرعان ما هوت بهم الأمانى واضطروا إلى بيع ما جمعوا بخسائر لم تقل عن 10 إلى 15 %.

 

اليورو

7 – ظهور فكرة " التخلص من الدولار" مع نزيف الخسائر اليومية للدولار أمام الجنيه، بدأ الآلاف يفكرون فى التخلص من الدولار، ببيعه أو حتى التقليل من الكميات الموجودة لديهم حتى يقللوا من حجم الخسائر، فى حين مازال الجنيه فى معدلات فائدة مناسبة لدى البنوك، خاصة الشهادات الإدخارية التى تصل إلى 13.25 % شهريا، بما يجعل التخلص من الدولار هدف استثمارى على المدى القصير والمتوسط.

 

جنيه مصرى معدنى

السؤال : إن كنا نتفق على مبررات انخفاض الدولار خلال الأشهر الماضية بمعدل قرش أو قرشين يوميا ما الذى يدفعه إلى الهبوط بمعدلات من 5 إلى 7 قروش فى يوم واحد ؟

الإجابة على هذا السؤال ستكون فنية بعض الشيئ، وتعتمد على ما يعرف بنقاط الدعم والمقاومة فى سعر العملة، فالأولى عبارة عن السعر الذى يصعب على العملة الانخفاض دونه، حيث تجد تماسك شديد من البائع وترقب لدى المشترى، بمعنى أن العملة عندما تبدأ فى الانخفاض وتستمر بصورة متتالية، وإذا أعقب ذلك  كسر نقاط الدعم القريبة ستبحث عن نقطة دعم أبعد، بما يجعلها تتسارع فى وتيرة الهبوط بمعدلات لم تشهدها من قبل، وهذا ما حدث مع الدولار، فقد كان عند مستويات 16.5 و 16.3 و 16 جنيها فى عدد من البنوك إلا أنه سرعان ما كسر هذه النقاط مرة واحدة ليصل متوسطه فى البنك المركزى إلى 15.97 جنيها، نتيجة أن القنوات التالية لسعر صرف الدولار فارغة، وعليها الكثير والكثير من الطلبات المعلقة، التى غالبا ما يزيد المعروض عندها بصورة تدفع إلى الانخفاض المتوالى.

 

Capture

حركة صرف الدولار خلال الأيام الماضية

 

السؤال : هل يمكن أن يعود الدولار لمستويات فوق الـ 16 جنيه مرة أخرى؟!

بنفس المعايير الفنية السابقة يمكن أن يرتد لنفس النقاط التى هبط منها مرة أخرى، وتعرف بنقاط المقاومة، وهو السعر الذى يصعب على العملة الارتفاع منه، فقد يرتد من مستوى 15.97 مرة أخرى إلى مستويات 16.5 بسهولة وفى يوم واحد، ولكن حال عدم قدرته على كسر نقطة المقاومة التى بدأ منها الهبوط فى المرة السابقة، لن يجد طريقا سوى استكمال الانخفاض مرة أخرى وهذا السيناريو  ممكن جدا.

السؤال: لماذا لم يشهد منحنى الدولار تصحيحا لمسار أسعاره على مدار أكثر من 11 شهرا مضت حتى الآن ؟

سعر أى عملة غالبا ما يرتفع وينخفض وفق قوى العرض أو الطلب كما ذكرنا سابقا، إلا أن هناك ما يسمى بالتصحيح أو جنى الأرباح وهى المنطقة التى تبدأ منها مراحل هبوط محدودة أو متوسطة نتيجة عمليات بيعية، إلا أن الجنيه لم يشهد هذه الحالة وفى صعود مستمر، وهنا يعزى هذا الأمر إلى سببين الأول أن السعر العادل للجنيه ليس 16 أو 15 أو 14 جنيها، بل يدور فى المنطقة من 12 إلى 13 جنيه وفق تقديرات الخبراء، الأمر الثانى أن حائز الدولار لا يبحث عن كميات جديدة، بل يتجه إلى بيع ما يجمع طول الوقت، حتى لا تتضاعف خسائره.

 

55

أسعار صرف الدولار اليوم

 

السؤال: هل تستطيع الدولة من خلال البنك المركزى التدخل فى حركة بيع وشراء الدولار وتحديد سعره والسيطرة عليه؟
 

الإجابة القاطعة لا، فلا يمكن للبنك المركزى القيام بهذه المهمة لعدة أسباب أولها أن قرارات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الدولة كانت تستهدف تحرير سعر الصرف وتقليل العبء عن الدولة والأموال التى تهدر نتيجة دعم سعر الجنيه فى مقابل الدولار لفترات طويلة، بالإضافة إلى عدم قدرة البنك المركزى على تحمل أعباء التعويم المدار، الذى سيسمح بعودة السوق السوداء وسيزيد من أعباء الدولة، التى لن تتمكن بالطبع من وفاء التزامات ديونها الخارجية والقروض التى التزمت بها من ناحية ودعم الجنيه مجددا من ناحية أخرى.

الخلاصة فى إجابة هذا السؤال أن الدولة لن تجن أى مكاسب إن كان ارتفاع الجنيه أو انخفاضه غير حقيقى، فالأمر ليس مقامرة على مقهى، أو قرارات تتخذ فى مكاتب مغلقة، لكنه أمر فنى معقد يخضع للعديد من الإجراءات الرقابية الصارمة، داخليا وخارجيا، ومرآة حقيقية لنوايا الإصلاح الاقتصادى فى مصر.

السؤال من أصحاب المدخرات الدولارية: هل نبيع ما لدينا من مدخرات مقابل توظيفها فى الجنيه المصرى؟

نصيحتى المبنية على قراءة المشهد ومتابعته تؤكد أن الحل الأمثل فى الوقت الراهن هو بيع الدولار لوقف الخسائر، والاستثمار فى الجنيه الذى مازال مغريا إلى حد كبير عند معدلات الفائدة التى تتيحها البنوك الحكومية الكبرى، التى تتحكم فى نحو 80% من الحصة السوقية، وغالبا ما تقدم هذه البنوك أقل سعر لشراء الدولار فلو أن لديك سيولة دولارية بمقدار 50 ألف دولار، ستتعرض لخسائر لن تقل عن 50 ألف جنيه أو أكثر مع منتصف عام 2020.

السؤال : البعض يقول أن التقارير والمؤسسات الدولية تتحدث عن أن الدولار سيعاود الصعود بقوة خلال الفترة المقبلة فهل هذا صحيح؟

ليس كل ما يصدر من شائعات تستخدم اسم المؤسسات الدولية صحيح، بدليل أنه كان يتم الترويج لشائعات منسوبة لمؤسسات دولية عقب التعويم تؤكد أن الدولار سيصل إلى 30 جنيها خلال أشهر، إلا أن هذا لم يحدث، بل إن آخر ما صدر عن المؤسسات الدولية أكد أن الجنيه المصرى ثانى أفضل عملة أداء خلال النصف الأول من 2019 بمعدل 6.5% بعد الروبل الروسى، الذى وصل إلى 9.5% فى نفس الفترة المذكورة.

 

115111-انفوجراف

انفوجراف يوضح قوة أداء الجنيه خلال النصف الأول من 2019

 

السؤال: بعيدا عن المعايير الفنية وقوى العرض والطلب فى الأسواق هل يجب أن نتحيز لعملتنا "الجنيه المصرى" وندعمها أمام أى عملة أخرى؟

الإجابة القاطعة نعم، فالعملة الوطنية جزء من الأمن القومى لأى بلد فى العالم، ومواطن أى دولة يحترم عملة بلده حتى ولو انخفضت قيمتها الشرائية أو هبطت فى الأسواق، وقد كانت لى تجربة فى زيارة العاصمة المجرية بودابيست قبل 5 أعوام، وهذه دولة تتبع قوانين وقواعد الاتحاد الأوروبى وتلتزم بعملته الموحدة " اليورو"، إلا أن المجر لا تبيع ولا تشترى باليورو، فلن يقبل منك أحد يورو واحد، وسينصحك بالذهاب إلى أقرب صرافة لاستبداله بالعملة المحلية المجرية "فورنت"، التى يشترى اليورو الواحد حوالى 350 منها، لكن وعى المواطن والدولة وحرصهما على خفض معدلات التضخم وسداد الديون للاتحاد الأوروبى باليورو، يجعلهم يخلقون طلبا على عملتهم المحلية من خلال السياحة والاستثمار، فلم يتاجروا بالعملة على حساب الاقتصاد الضعيف، ولم يفرحوا بالاتحاد الأوروبى الذى لم يعرفوا منه سوى الديون والأعباء.

سؤال: كيف ينعكس انخفاض الدولار على حياة المواطن ؟ وما المكاسب التى نجنيها من انخفاض سعره

انخفاض الدولار ينعكس بالطبع على جودة حياة المواطن، فأى سلعة مستوردة من الخارج سيقل سعرها كلما كان انخفاض الدولار معقولا، مثل السلع الاستراتيجية القمح والأرز والزيت، واحتياجات الصناعة مثل الحديد ومواد البناء بكل أنواعها بما ينعكس على خفض أسعار العقارات، وأسعار السيارات، التى بدأت بالفعل تشهد انخفاضات كبيرة خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى السلع المعمرة والأدوات المنزلية المستوردة.

 انخفاض الدولار سينعكس إيجابا على خفض الدين العام، وتقليل عجز الموازنة، بما يدعم خطط التنمية نحو القطاعات الخدمية مثل التعليم والصحة، بالإضافة إلى المساهمة فى تخفيض سعر المحروقات والمواد البترولية، التى يتم استيرادها بالعملة الصعبة، وتسعيرها كل ثلاثة أشهر وفقا للأسعار العالمية للوقود، فكل هذه الأمور تدفعنا للتفاؤل بانخفاض الدولار أمام الجنيه.

 

سلع غذائية

 

أخيرا: كيف ندعم قوة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية ؟
 

طريقنا الوحيد أمام تحسين قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية المختلفة يبدأ من زيادة دعم الاستثمارات الأجنبية ودعم السياحة والقطاعات الإنتاجية والصناعية، فبعدما تهدأ وتيرة ارتفاعات الجنيه، ويصل إلى سعره العادل خلال الفترة المقبلة، لن يدعم تحركه للأعلى إلا العمل والإنتاج، فعلينا أن نثق فى قدرة عملتنا الوطنية ونستثمر فيها، ونشجع على الاستثمار فيها، نحن نحتاج إلى المزيد من التفاؤل والدعم لمستقبل الاقتصاد المصرى، الذى بدأ طريقه نحو الانطلاق للأفضل.

 

جنيه مصرى










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة