ترامب على الطريق الصحيح.. كيف يمثل انتصار جونسون بانتخابات بريطانيا انعكاسا للداخل الأمريكى؟.. الانقسامات تضرب المعارضة والانشقاقات تمتد من "العمال" للديمقراطيين.. والقادة يراهنون على الشعبوية بعيدا عن الخطابات

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019 02:10 م
ترامب على الطريق الصحيح.. كيف يمثل انتصار جونسون بانتخابات بريطانيا انعكاسا للداخل الأمريكى؟.. الانقسامات تضرب المعارضة والانشقاقات تمتد من "العمال" للديمقراطيين.. والقادة يراهنون على الشعبوية بعيدا عن الخطابات بوريس جونسون ودونالد ترامب
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"انتصار عظيم".. هكذا وصف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الفوز الكبير، وغير المتوقع لحزب المحافظين، بزعامة رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، فى الانتخابات البرلمانية المبكرة، تمثل انعكاسا صريحا لقوة العلاقة بين الرجلين، فى ظل توجهاتهما المشتركة، خاصة فيما يتعلق بمسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى "بريكست"، حيث يرى كلا منهما أن هناك حاجة ملحة لخروج حقيقى وقوى من الكيان القارى المشترك، على عكس النهج الذى تبنته رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى، والذى اعتبره قطاع كبير من الساسة، سواء داخل بريطانيا أو خارجها، محاولة للالتفاف على نتيجة الاستفتاء الذى اختار فيه البريطانيون الانفصال عن أوروبا الموحدة، فى عام 2016.

إلا أن احتفاء ترامب بانتصار جونسون، يحمل فى طياته أبعادا أخرى، تحمل فى طياتها انعكاسا للداخل الأمريكى، مع احتدام الصراع مع الديمقراطيون، والذين يسعون بقوة نحو عزله، على خلفية اتهامات حول محاولاته استدعاء التدخل الدولى فى الانتخابات الأمريكية القادمة، وهى نفس التهمة التى لاحقت الرئيس الأمريكى منذ صعوده إلى البيت الأبيض، حيث كانت البداية مع انتصاره فى انتخابات الرئاسة 2016، على حساب غريمته الديمقراطية هيلارى كلينتون، حيث ادعوا أن فوزه جاء بدعم من روسيا، إلا أن تلك الادعاءات ذهبت أدراج الرياح مع نهاية التحقيقات التى أجراها القاضى روبرت مولر، والذى برأ ساحة الرئيس وحزبه فى صفعة قوية للحملات الديمقراطية، والتى استهدفت الإدارة الحالية.

 

تشابهات كبيرة.. ترامب على الطريق الصحيح

التشابهات الكبيرة بين الحالتين البريطانية والأمريكية، تعد بمثابة السبب الرئيسى وراء الاحتفاء الكبير للرئيس ترامب، فى ظل الجدل المثار حول شخصية رئيس الوزراء البريطانى من جانب، بالإضافة إلى حالة الانقسام التى تضرب المجتمع، جراء مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى، فى ظل مخاوف قطاع كبير من المواطنين جراء التداعيات المترتبة على الخطوة البريطانية، التى ربما تتم بدون اتفاق مع قيادات أوروبا الموحدة، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادى، بل وتمتد كذلك إلى النتائج التى توصلت لها استطلاعات الرأى، والتى دارت فى معظمها حول حصول المحافظين على أكثرية طفيفة لن تمكنهم من السلطة، على عكس ما حدث فعليا فى ظل الأغلبية المطلقة التى حصل عليها حزب جونسون فى نهاية المطاف.

ترامب وجونسون
ترامب وجونسون

فلو نظرنا إلى الأوضاع فى الولايات المتحدة، ربما نجد أن الأمور لا تختلف كثيرا عن نظيرتها فى بريطانيا، فى ظل الجدل حول ترامب، أو الانقسام جراء دعوات عزل الرئيس الأمريكى، أو حتى ما يتعلق باستطلاعات الرأى التى تنشرها العديد من الصحف والمنابر الإعلامية، والتى لا تصب نتائجها فى معظمها فى صالح ترامب، وبالتالى يبقى فوز جونسون الساحق ليس فقط "فأل" حسن للإدارة الأمريكية، وإنما يمتد إلى كونه إشارة صريحة بأن الإدارة الأمريكية الحالية تبقى على الطريق الصحيح، للاحتفاظ بإدارة البلاد لفترة جديدة، بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمقررة فى نوفمبر 2020، وذلك بالرغم من شراسة المنافسة، وحرب تكسير العظام التى يخوضها الديمقراطيون فى مواجهة الرئيس الأمريكى، والحزب الجمهورى.

 

انقسام المعارضة.. الانشقاقات تمتد من "العمال" إلى الديمقراطيين

ولعل الفوز الكبير الذى حققه جونسون لا يمثل انعكاسا لشعبيته الكبيرة، بقدر اعتباره نتيجة مباشرة لحالة الانقسام الذى ضرب المعارضة، وعلى رأسها حزب العمال البريطانى، وهو ما بدا واضحا تجاه انشقاق قطاع من أعضاءه، حيث بقت أهلية زعيم الحزب جيريمى كوربين، لمنصب رئيس الوزراء، محل شك من أعضاء الحزب أنفسهم، على خلفية اتهامه بمعاداة السامية تارة، والحديث المتواتر عن صحته تارة أخرى، وهو الأمر الذى ساهم فى تقويض الحملات المناوئة لجونسون، خاصة أمام المواطن البريطانى غير المسيس، والذى يمكنه ترجيح كفة أى فريق فى الأحداث الانتخابية، وهو الأمر الذى ترجمته الانتخابات الأخيرة، وهو الأمر الذى ينطبق إلى حد كبير على الحالة الأمريكية، فى ظل الانقسامات التى تضرب الديمقراطيين.

هزيمة ساندرز أمام كلينتون وضعت البذرة الأولى فى انقسام الديمقراطيين
هزيمة ساندرز أمام كلينتون وضعت البذرة الأولى فى انقسام الديمقراطيين

فعلى الرغم من الانقسامات بين أعضاء الحزب الديمقراطى ليست بالأمر الجديد تماما، حيث أنها ترجع إلى منذ هزيمة كلينتون أمام ترامب، بسبب تفاقم فجوة الخلاف بين شباب الحزب المؤيدين لرؤية السياسى بيرنى ساندرز، ومن يمكننا تسميتهم بـ"الحرس القديم"، وعلى رأسهم نائب الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن، ورئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى، وغيرهم، إلا أن الأمور تفاقمت مؤخرا بسبب اعتراض جانب من أعضاء الحزب على حملة "عزل الرئيس"، والتى تقودها بيلوسى، والتى تسعى لاستغلال الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب لتمريرها، وهى المحاولة التى سيكون مصيرها الفشل فى ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، والذى يملك كلمة الفصل فى القضية فى نهاية المطاف.

الانقسام الديمقراطى تجلى فى أبهى صوره، فى انشقاق عضو بمجلس النواب، وهو جيف فان درو، عن الحزب، وإعلانه الانضمام للحزب الجمهورى، فى خطوة تعد بمثابة صفعة قوية فى ذروة الجهود التى تهدف إلى حصار الرئيس ترامب، وهو ما قد يراه البعض بداية لمسلسل من الانشقاقات داخل الحزب فى المرحلة المقبلة، سوف تصب حتما فى صالح الرئيس ترامب، والذى ربما لا يحظى بإجماع كبير بين الأمريكيين، ولكنه سيبقى الخيار الأفضل لهم.

الرئيس ترامب حرص على تقديم الشكر للنائب الديمقراطى المنشق، معتبرا أنه واحدا من الكثير من الديمقراطيين الذين يحملون نفس التوجهات المناوئة لسياسات حزبهم، إلا أن الآخرين مازالوا لا يمتلكون الجرأة الكافية للسير على خطاه، فى المرحلة الحالية.

 

التجربة البريطانية.. الشعبوية رهان القادة بعيدا عن السياسة التقليدية

وهنا يمكننا القول بأن التجربة البريطانية مرشحة للتكرار فى الداخل الأمريكى، خلال الانتخابات المقبلة، خاصة وأن الفشل يبدو حليفا مؤكدا لحملات الديمقراطيين لعزل الرئيس من جانب، بالإضافة إلى الخلاف الكبير داخل أروقة الحزب على شخصية المرشح القادم لمواجهة ترامب، فى الانتخابات المقبلة، من جانب أخر، وهو ما يمثل تكرارا يصل إلى حد التطابق للظروف التى أحاطت بالانتخابات البريطانية الأخيرة، فى الوقت الذى يحقق فيه الرئيس الأمريكى نجاحات كبيرة على الصعيد الاقتصادى، والأمنى، ولكن يبقى نجاحه الأكبر فى التواصل مع المواطنين، على عكس الديمقراطيين، والذين يتحركون بآليات قديمة داخل ما يمكننا تسميته بـ"معلبات" السياسة.

معركة بيلوسى أمام ترامب لم تصب فى صالح الديمقراطيني
معركة بيلوسى أمام ترامب لم تصب فى صالح الديمقراطيين

يبدو أن جونسون نجح باقتدار فى استلهام نهج التواصل المباشر مع المواطنين، فى بريطانيا، إلى الحد الذى تفوق فيه على ترامب نفسه، عبر الابتعاد عن الخطابات السياسية إلى حد ما خلال حملته الانتخابية، بينما اتجه إلى تقديم خطته عبر صور، ركز فيها على طمأنتهم تجاه العديد من القطاعات الاقتصادية التى يثير مستقبلها جدلا كبيرا فى مرحلة ما بعد "بريكست"، حيث ظهر فى المطاعم تارة، ومزارع الدواجن تارة أخرى، بل وكذلك فى بعض الملاعب، التى تحظى بشعبية كبيرة، فى محاولة لاستقطاب جماهيرها، وهو ما نجح فى تحقيق الهدف منه فى النهاية عبر تحقيق الأغلبية المطلقة فى البرلمان.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة