سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 ديسمبر 1956.. أحمد بن بيلا قائد الثورة الجزائرية فى خطاب سرى من سجنه بفرنسا إلى القاهرة: «القبض علينا جزء من مؤامرة واسعة لتصفية نظام عبدالناصر»

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 ديسمبر 1956.. أحمد بن بيلا قائد الثورة الجزائرية فى خطاب سرى من سجنه بفرنسا إلى القاهرة: «القبض علينا جزء من مؤامرة واسعة لتصفية نظام عبدالناصر» أحمد بن بيلا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اختطفت فرنسا أحمد بن بيلا وزملاؤه من قادة الثورة الجزائرية يوم 22 أكتوبر عام 1956،  فاهتز العالم.. كانت الثورة الجزائرية فى عنفوانها منذ بدء كفاحها المسلح فى أول نوفمبر 1954 بمساعدة مصر التى قدمت كل أنواع الدعم، بتدريب كوادر الثورة على الكفاح المسلح فى معسكر أنشاص، وشحن السلاح بالتهريب عبر سفن تتخفى فى الملاحة التجارية،  والمساندة الإعلامية بقيادة إذاعة صوت العرب،  حسبما يؤكد فتحى الديب مسؤول الشؤون العربية برئاسة الجمهورية فى كتابه «عبد الناصر والثورة الجزائرية».. كان «الديب» هو المنسق بين «عبدالناصر» وزعماء الثورة.. يذكر أن بن بيلا كان فى لقاء مع عبدالناصر بمنزله يوم 15 أكتوبر 1956،  ثم سافر فى اليوم التالى إلى العاصمة الأسبانية «مدريد» للقاء زميليه محمد بوضياف وحسين آيات، ثم يتوجهون منها إلى المغرب للقاء العاهل المغربى السلطان محمد الخامس، ويسافرون معه إلى تونس للقاء رئيسها الحبيب بورقيبة لاطلاعهم على آخر المفاوضات مع فرنسا.. يؤكد الديب، أنه بعد أن أطلع بن بيلا، الرئيس عبدالناصر على خطة سفره: «عقب عبدالناصر بعدم اطمئنانه لهذا اللقاء، وإحساسه بتدبير مؤامرة فى الخفاء، ونصح بن بيلا بتوخى الحذر الشديد قبل وبعد هذا الاجتماع المزمع عقده».
 
وبالفعل وقع الحدث الذى هز العالم فى يوم 22 أكتوبر 1956، وهو اختطاف السلطات الفرنسية لبن بيلا ورفاقه وإنزال الطائرة التى تقلهم فى الجزائر.. كانت الطائرة مغربية وفى طريقها إلى تونس من المغرب، وسبقتها طائرة الملك محمد الخامس، وتم ترحيل القادة الجزائريين إلى فرنسا وإيداعهم السجن، ومن السجن أرسل «بن بيلا» خطابًا باللغة الفرنسية إلى فتحى الديب مؤرخًا بتاريخ 17 ديسمبر، مثل هذا اليوم،  1956.. يؤكد الديب أنه تلقى الخطاب بوساطة أحد الرسل الذى تمكن من تهريبه وتسليمه إليه فى القاهرة، وإطلاع الرئيس جمال عبدالناصر عليه.
 
ينشر «الديب» فى مذكراته نص الخطاب، ويبدأه بن بيلا بتوجيه إلى «شقيقى فتحى وعزت سليمان».. يقول فيه: «إنى استعيد إلى ذهنى كما لو كان يحدث الآن ما أوضحه رئيسنا البطل عند زيارتنا لسيادته، وتمسكه بعدم دخولنا مراكش أو تونس خشية المؤامرات الاستعمارية، وكثيرًا ما أفكر فيما قاله الرئيس فى تلك الليلة، وأدرك كيف كان حرصه يستند على أساس، ولكن سيأتى اليوم القريب إن شاء الله فأستطيع أن أشرح لكم جميعًا الأسباب التى دفعتنى إلى قبول مثل هذه المجازفة الكبيرة، والسفر فى طائرة طاقمها من الفرنسيين بالرغم من ضمان السلطان محمد الخامس سلامتنا».
 
وأضاف بن بيلا أن الضربة التى لحقت بهم نجم عنها نتائج سياسية إيجابية، مؤكدًا: «لم يعد هناك إنسان يعتقد بعد الآن وهذا على الأقل بالنسبة للشعب المراكشى والشعب التونسى، فى صحة أى نوع من أنواع الاستقلال، أوالتآلف مع فرنسا لأن الثقة أصبحت معدومة من الأساس، وكان أبلغ دليل على ذلك ما حدث خلال العدوان الإجرامى الإنجليزى الفرنسى الإسرائيلى» العدوان الثلاثى على مصر» الذى شن قبل مضى أسبوع من القبض علينا، فكان هذا الدليل الساطع على أن عملية القبض علينا هى جزء من مؤامرة واسعة النطاق لتصفية نظام ناصر، توطئة لتصفية حرب العصابات فى الجزائر، وتمهيدًا لإعادة غزو تونس ومراكش فى نفس الوقت الذى يشن فيه عمل ضد سوريا والأردن، وكانت النتيجة المنطقية كذلك هى إحلال أنظمة مثل نظام النورى السعيد «رئيس وزراء العراق» فى جميع أنحاء العالم العربى، بما فيه شمال أفريقيا، وبهذا تخضع لاستغلال العالم الغربى لعشرات السنين، وتتحقق نوايا إسرائيل التى لا تعرف حدودًا لتوسعها».
 
وأوضح بن بيلا موقفهم فى التحقيقات التى أجرتها السلطات الفرنسية معهم، وفند كل ما ذكرته عنهم، مؤكدًا: «أخذوا يعملون دون أن نقول لهم كلمة»، وكشف أنهم ضبطوا معهم وثيقة فيها بعض الكود «كانت تشمل كلمات دون أى جملة، والتى لم يعرف البوليس الفرنسى عنها أكثر مما يعرف قبل القبض علينا، وهناك أيضًا نوتة عناوين وبالطبع كان فيها عنوانكما وعناوين أخرى منها عنوان مكتبنا 32 شارع عبد الخالق ثروت وهذا هو أهم ما عثروا عليه معنا».
 
طلب بن يبلا من الديب، أن ينقل إلى الرئيس جمال عبد الناصر أهم ما فى رسالته، والتهنئة بالموقف الباسل خلال التجربة الرهيبة للعدوان الثلاثى، والتى تمكن الشعب المصرى من إفشالها.. قال الزعيم الجزائرى: «إننا جميعًا وجميع شعب الجزائر الذى ارتبط مصيره بمصير شقيقه الشعب المصرى سيدافعون حتى آخر قطرة من دمائنا عن التراث الروحى المفدى لقائدنا الأعظم جمال عبد الناصر.. أود أن أقول لكما الآن أكثر من أى وقت مضى أن تعبر عن الجميل المقدس الذى تشعر به الجزائر نحو شقيقتها الكبرى مصر التى يرأسها قائدها العظيم، ولن ننسى يومًا مهمًا حدث ما قام به أشقاؤنا المصريون وسأكون فى الجزائر لأشهد على ذلك». 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة