- التوجه نحو أفريقيا مستمر والبعد المتوسطى واضح بإحياء دوائر مصر الاستراتيجية والثقافية واستعادة الدور الفاعل لمنظمات دول البحر المتوسط
- مصر تسعى لإعادة بناء دوائرها السياسية المرتبطة مع أفريقيا والعالم العربى والبحر المتوسط بما تحمله من تنوع ومشتركات
- رسائل داخلية وخارجية للرئيس السيسى تكشف اهتمامه بما يدور فى مناسبة سنوية للشباب والإعلان عن مطالبهم نحو المستقبل
- توصيات المنتدى تتطرق إلى التقنية الحديثة والثورة الصناعية الرابعة وتواجه أمراضا تقود إلى الحروب الأهلية والإرهاب والصراعات البينية
كانت نسخة منتدى شباب العالم الثالثة، تعبيرًا عن تطور نوعى وكمى فى سياق المنتدى، ولهذا فقد جاءت التوصيات بالفعل أكثر تحديدًا وأقل عمومية بشكل يجعلها قابلة للتطبيق. وكان هذا التحديد انعكاسًا لورش العمل والمناقشات التى جرت فى قاعات المنتدى طوال أربعة أيام، وكانت تتعلق بقضايا ونقاط نوعية تعكس حجم ما يمثله عالم اليوم من تحديات مع رغبة فى الالتحاق بالعصر من باب التقدم الواسع. وقد اتجه منتدى شباب العالم فى نسخته الثانية والثالثة ليكون معبرًا عن فكرة عالمية، فضلًا عن تركيز البحث فى قيمة وأشكال مفردات العصر التى تمثل تحديات تتجاوز ما هو سياسى وتتجه إلى ارتباط التكنولوجيا بالتقدم الصناعى والاجتماعى فى وقت واحد.
أصبح المنتدى عالميًا بمعنى أنه يتجاوز القضايا المحلية ويدخل إلى القضايا المشتركة التى تمثل هواجس عالمية. وأكبر انعكاس لاتجاه المنتدى نحو العالمية هو إتاحة المجال لشباب من كل دول العالم للمشاركة فى الفعاليات، وقد كانت النسخة الثانية أفريقية بامتياز، واستمر التوجه المصرى نحو أفريقيا طوال العام الحالى وما قبله، فى تأكيد إلى سعى مصر نحو قارتها الأفريقية والدفع نحو بناء أفق يمثل القارة كلها سواء من حيث التعاون أو التدخل لوقف النزاعات، وأيضًا الاتجاه لبناء رؤى مشتركة حول التنمية والتكامل مع أفريقيا بما يعود بالفائدة على كل الدول وعلى شعوب القارة بأكملها.
وبالرغم من احتفاظ المنتدى بطابعه الأفريقى المصرى فقد اتسعت هذا العام نسبة المشاركة من شباب العالم، بل ومع تركيز واضح على إحياء التوجه المتوسطى لمصر واستعادة الدور الثقافى والاجتماعى لمنظمات دول البحر المتوسط. وتم تخصيص جلسات ومحاور لتأكيد هذا التوجه لأن مصر تسعى لإعادة بناء دوائرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى ترتبط مع أفريقيا والعالم العربى والبحر المتوسط بما يحمله من تنوع مشتركات على حد سواء بما يتيح إقامة تجمعات اقتصادية وتجارية يمكنها لعب دور فى ظل المناسبة العالمية الطاحنة حول الموارد والاستثمارات.
وإذا أردنا النظر إلى ما تمخض عنه المنتدى فإن النظر يتجه إلى حيث انتهى فى التوصيات والقرارات، مع أهمية متابعة الجلسات والورش والمناقشات التى دارت على مدى أيام المنتدى، فضلًا عن الرسائل الداخلية والخارجية التى أرسلها الرئيس عبد الفتاح السيسى، طوال المنتدى أو تلقاها من زعماء العالم والمنظمات الدولية بما يكشف عن اهتمام بما يدور فى منتدى أصبح يمثل مناسبة سنوية لاجتماع الشباب والإعلان عن مطالبهم فيما يتعلق بالمستقبل.
وهى اهتمامات تتجاوز مجرد الحديث عن طموحات فى وظائف أو التعامل مع التقنيات الحديثة إلى توسيع دوائر الحوار نحو التعامل مع ما يجرى فى العالم من نزاعات وتهديدات وتداخلات سياسية وصراعات ومنافسات من شأنها أن تؤثر فى شكل الحاضر وبالطبع فى المستقبل.
فقد تطرقت توصيات المنتدى إلى التقنية الحديثة وما يسمى الثورة الصناعية الرابعة، كما تناولت القرصنة الرقمية والتطرف والكراهية وهى أمراض تقود إلى الحروب الأهلية والإرهاب والصراعات البينية مع تغيب للحوار والتفاهم حول الحاضر والمستقبل. كما تطرقت التوصيات التى أطلقها منتدى شباب العالم من شرم الشيخ إلى قضايا تتعلق بالشباب مثل التوظيف والتعاون الأفريقى الأورومتوسطى.
وركزت التوصيات التى أعلنتها الدكتورة رشا راغب، المدير التنفيذى للأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، على أن تضع الأكاديمية الوطنية للتدريب الآليات التنفيذية لإطلاق البرنامج الرئاسى لتدريب الشباب الأورومتوسطى على القيادة، وتنفيذ مبادرة الاتحاد الأفريقى 2021، لخلق مليون وظيفة، وإطلاق مبادرة بحثية للجامعات الأفريقية للتركيز على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ودعوة الأمم المتحدة لتبنى بروتوكول دولى لمكافحة خطاب الكراهية والتطرف والتنمر عبر التواصل الاجتماعى، وإطلاق مبادرة أفريقيا لمكافحة القرصنة الرقمية، وإطلاق منصة عالمية لاحتضان إبداعات منتدى الشباب عبر إقامة معرض يسعى فيه الفنانون إلى تجسيد الهوية الخاصة لبلادهم المختلفة والقيام بأعمال تشكيل، وأيضًا إنشاء مراكز لتبادل المعلومات بين الدول وإنشاء اللجنة الأورومتوسطية لمكافحة الكراهية على الفضاء السيبرانى، ومبادرة لدعم مطورى تطبيقات Blockchain «بلوكتشين» فى المجالات المختلفة، لدعم أهداف التنمية ومبادرة عالمية باسم «الفن من أجل الإنسانية»، وإنشاء مراكز للتبادل المعلوماتى بين الدول لدعم المبتكرين حول العالم.
وبالطبع فقد كانت توصية منتدى شباب العالم، بإطلاق مبادرة بحثية للجامعات الأفريقية للتركيز على مختلف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ودراسة سبل الاستفادة منها هى توصية تتعلق بالحاضر والمستقبل، فى ظل تحولات اقتصادية ترتبط بالتقدم التقنى والتكنولوجى، وتتماشى هذه التوصية مع جهود مصر والاتحاد الأفريقى أثناء رئاستها للاتحاد نحو رسم رؤية مستقبلية تقوم على العلم والمعرفة والتكنولوجيا، وإقامة شراكات مع العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات الإقليمية، حيث تشكل التنمية أساس المشكلات التى تسعى أفريقيا لعبورها من خلال حسن استغلال الخامات وخلق قيمة مضافة من تصنيعها بدلًا من الاكتفاء بتصدير المواد الخام الأمر الذى يحرم دول القارة من عوائد كبيرة.
وقد انعكست فى توصيات المنتدى رؤية تتوجه نحو أفريقيا بقوة وأيضًا رغبة فى تأكيد ارتباط مصر بشكل كبير من دول حوض المتوسط، وهى دول تتنوع ثقافيًا واجتماعيًا لكنها ترتبط بمشتركات تجعل هناك ارتباط مع هذه الدول وبعضها بما يتيح إمكانية للتقارب وبناء منظمات متوسطية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا فى هذا الاتجاه. فمصر أفريقية وعربية إسلامية، وأيضًا بحر متوسطية، مثلت عبر التاريخ ملتقى للحضارات والأفكار. وقد نادى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، بالتركيز على متوسطية مصر، و كانت جلسة المتوسط حضارات إنسانية عريقة من بين الجلسات المهمة التى عقدت على هامش منتدى شباب العالم، وتمثل جزءًا مهمًا من رسالة المنتدى، بوصفه منصة للتعارف والتحاور وتمازج الثقافة والعادات والمشتركات التى تربط شعوب البحر المتوسط الذى يربط بين دول من أوروبا وآسيا وأفريقيا وتمثل مصر بالفعل مكان التقاء لهذا العالم المتعدد.
ودول البحر المتوسط فى أوروبا هى أسبانيا، وفرنسا، وموناكو، وسلوفينيا، وكرواتيا، والبوسنة والهرسك، والجبل الأسود، وجبل طارق، وإيطاليا، ومالطا، وألبانيا، واليونان، وتركيا، ومن آسيا سوريا وقبرص ولبنان وفلسطين، ومن أفريقيا، مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب.
وكانت مصر المتوسطية محورًا مهمًا فى تبادل وانتقال الحضارات، ولعل أهم من كتبوا فى هذا النطاق، وأفرد، عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر، حديثا عن متوسطية مصر، وأنها دائمًا ملتقى للحضارات ومركزا لتبادل الثقافات. وظهر الاهتمام هذا العام بالبعد المتوسطى لمصر مع الاحتفاظ بالبعد الأفريقى وأيضًا الاتجاه نحو امتداد الأفكار والهموم عبر العالم وقد رأينا بالفعل شباب من أوروبا ومن أمريكا اللاتينية من جواتيمالا وفنزويلا والبرازيل ومن آسيا واليابان وكوريا والصين ومن أوروبا وشباب من إيطاليا واليونان وفرنسا. وكمل هذا منح فرصة مزدوجة من حيث تواصل مصر مع ثقافات العالم من خلال شبابها، وأيضًا الاستماع إلى هؤلاء الشباب بشكل يمنح فرصة للتحاور والتعرف على الآخر صاحب نفس الهموم.
وهناك مكسب مهم وهو توصيل وجهات النظر المصرية من دون وسائط وقد أعرب بعض المشاركين فى المنتدى عن هذا، معترفين بأنهم لا يرون الصورة واضحة وأن قدومهم إلى مصر منحهم الفرصة للتعرف على مصر بشكل أوضح مما هو مطروح فى الإعلام سواء الغربى أو الداخلى، فيما يشير إلى أهمية التواصل المباشر ربما لأن أغلب هؤلاء الشباب يعرفون عن مصر عبر وسطاء غالبًا إما أنهم غير مؤهلين أو أصحاب رؤية مختلفة ومتربصة تتجه نحو التعميم والتشويه المتعمد فى بعض الأحيان.
وإذا انتقلنا من التوصيات إلى القرارات التى أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى، تفاعلًا مع التوصيات والمناقشات التى دارت على مدى أيام المنتدى فإن القرارات ارتبطت بالفعل مع ما دار فى المنتدى فقد أعلن الرئيس تكليف إدارة المنتدى بعقد شراكات مع المنتديات العالمية المهتمة بالشباب بما يثرى حالة الحوار بين شباب العالم، وهذه الخطوة تتماشى مع توجهات منتدى شباب العالم التى أصبحت تميل نحو توسيع دوائر المشاركة والتفاعل مع ما يطرح عالميًا وإقليميًا. ومن القرارات المهمة أن تقوم الأكاديمية الوطنية للتدريب بإنشاء مركز إقليمى للذكاء الاصطناعى يهدف للارتقاء بأساليب استخدام الذكاء الاصطناعى من أجل تحقيق أهداف التنمية وإطلاق مسابقة للأفلام الوثائقية لشباب العالم ترتبط بالتنمية وتعبر عنها، ومبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية، حملة 100 كلمة حول السلام على موقع، والتنسيق بين المنتدى ووزارة الخارجية ومنظمة الاتحاد من أجل المتوسط للعمل على إطلاق ملتقى شباب المتوسط بهدف معالجة التحديات التى تواجه دول المتوسط ودعم أفضل الأفكار والتجارب من أجل المتوسط وبحث إنشاء منطقة أورومتوسطية للتعليم العالى بمدينة العلمين الجديدة.وأن يتبنى المنتدى فى نسخته الرابعة استراتيجية التعامل مع التطورات التكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة، وإنشاء مركز دولى يهدف إلى دمج الشباب والفئات المتضررة فى برامج إعادة إعمار الدول ما بعد النزاعات ومساعدة الدول المتضررة.
ومن القرارات المهمة التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتتعلق بقضايا التنمية والتوظيف كانت قضية الأمن الغذائى فى أفريقيا، حيث تم تكليف وزارة الخارجية المصرية بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة المعنية بالدولة والمنظمات والمؤسسات الأفريقية والدولية لتعزيز العمل الأفريقى المشترك فى مجال الأمن الغذائى بهدف صياغة سياسات محددة لتحقيق الأمن الغذائى فى الدول الأفريقية ورفع درجة الوعى فى المجتمعات الأفريقية فيما يتعلق باستغلال الموارد الغذائية المتاحة وتقليل الفاقد منها، وهذه إحدى القضايا العملية التى خرجت من منتدى شباب العالم لأنها تتعلق بموضوع حيوى ومستقبلى يرتبط بالتنمية ومواجهة الفقر المتمثل فى سوء إدارة وتوظيف الموارد الغذائية، حيث إن أفريقيا من القارات الغنية بمواردها الطبيعية الزراعية والمعدنية ومع هذا فهى أكثر قارات العالم تعرضًا للجوع والفقر ومن هنا فإن وضع قضية الغذاء على موائد البحث والحوار من شأنه أن يساهم فى البحث عن حلول لمواجهة إهدار الموارد الغذائية أو العجز عن تنفيذ برامج من شأنها أن تساهم فى معالجة مشكلة الغذاء.
أما القرار العاشر للرئيس فى ختام منتدى شباب العالم والذى يمثل أهمية قصوى وهو المتعلق بتكليف إدارة منتدى شباب العالم بالتنسيق مع وزارتى الخارجية والرى بتنفيذ محاكاة عن دبلوماسية الدول المشتركة فى حوض نهرى واحد، وكذلك تنفيذ ورش عمل عن الأمن المائى.
وهذه التوصية أو القرار تعنى الدخول إلى قضية المياه من أبواب الحوار والبحث عن حلول وتجاوز الصراع بشكل يجعل من التعاون طريقًا لتحسين الموارد المائية وتنظيم استخدامها، فضلًا عن خلق أرضيات للتفاهم بين دول الأنهار. وبالطبع فإن الاتجاه إلى هذا الأمر ربما يتعلق بسد النهضة ومياه النيل لكن الواقع أن الدول المطلة على الأنهار كلها لديها مشكلات مشتركة أو بينية، فضلًا عن أن هناك توقعات بأن تنشب حروب المياه.
وقد جاءت هذه القرارات من الرئيس تأكيدًا لموقف مصر الواضح من سد النهضة وتعامل أثيوبيا فقد أكد الرئيس على أن مصر تدفع نحو الحوار وتلتزم به وأنها حريصة على تنمية أثيوبيا وأيضًا على مصالحها التى تتعلق بنهر النيل، فضلًا عن الحرص على سلامة السد المقام بما يضمن عدم وقوع أضرار على دول المصب، كل من مصر والسودان.
وكان كلام الرئيس السيسى واضحًا فيما يتعلق بسد النهضة عندما أجاب على سؤال عن الموقف المصرى من قضية سد النهضة، وقال «نحن تعاملنا مع الواقع وبدأنا التحرك من 2015 من الاتفاق الإطارى وقلنا أننا سنتحدث عن ملء وتشغيل السد وإذا اختلفنا يكون هناك طرف رابع، وحينما وجدنا أننا بحاجة لتطوير مسار التفاوض بدأنا فى التعامل مع الطرف الرابع، ونحن ننتظر حتى 15 يناير المقبل للتوصل لاتفاق أو يكون هناك طرف رابع ييسر لنا هذا الأمر».
وحول تصريحات رئيس وزراء أثيوبيا، قال الرئيس «بشأن تصريحات صديقنا وشقيقنا فى أثيوبيا، احنا مش محتاجين نعمل كده مع بعض، نحن نعمر بلادنا وليس ندمر»، مؤكدًا على «أن مصر لم تتحدث مطلقًا عن قدراتها، فلابد من العمل على إيجاد سبيل وأرضية للتفاهم دائمًا، وإيجاد حل بأى شكل آخر»، لافتًا إلى أن خيارات مصر واضحة وتسير فيها حاليًا، موضحًا «أن مواردنا لا تهدر فى اقتتال وإنما تنفق فى البناء والتنمية والتعمير»، مشيرًا إلى أن تجنيد مليون شخص يكلف مليارات الدولارات، قائلًا «أنت بتجور على التنمية.. هتعمل سد وتنمية ولا هتنفق على حرب؟».
وكانت قضية سد النهضة إحدى النقاط التى تتعلق بالأمن القومى المصرى وكان موقف مصر واضحًا من المفاوضات والتوصل إلى حل مرض لكل الأطراف يضمن مصالح الجميع ولا نية للاقتتال مع السير فى سيناريوهات متعددة.
وقد تطرق الرئيس لأكثر من قضية تتعلق بموقف مصر وسياساتها الخارجية التى تقوم على ثوابت عدم التدخل، وأيضًا مع دعم الدولة والوطنية ووحدتها. مع تأكيد موقف واضح مما يجرى فى ليبيا أو السودان من حيث مساندة وحدة الدولة ومواجهة أى محاولات للإضرار بالأمن القومى مع مساندة للأشقاء فى هذه الدول وكانت هناك إشارات متعددة لرفض ما يجرى من اتفاقات خلفية تسعى الميليشيات فى ليبيا إلى عقدها بالمخالفة للقوانين الدولية ومصالح الشعب الليبى. كما أكد الرئيس أن السودان تسير باتجاه الاستقرار الذى يضمن التنمية لمواجهة أى مشكلات اقتصادية.
أما عن المواقف من قطر والحديث عن المصالحة فإن رأى الرئيس هنا أن قطر لم تقدم ما يشير إلى نيتها فى التوقف عن السياسات التى تهدد جيرانها والدول العربية، وبالتالى فإن التغيير هو أساس أى تحرك وهو مالم يحدث حتى الآن.
والواقع أنه بالرغم من أهمية تطرق الرئيس إلى قضايا الأمن القومى وتأكيد مواقف مصر الدائمة تجاه قضايا المنطقة فقد التزم الرئيس عبد الفتاح السيسى، بأجندة المنتدى وتوصياته، وحرص على ألا تستغرق القضايا السياسية الوقت، بينما يفترض أن يركز المنتدى وجلساته على القضايا التى تهم الشباب وتخصهم ومستقبلهم، ومنها قضية الذكاء الاصطناعى والاتجاه لإنشاء جامعات تكنولوجية يمكنها أن تقدم خريجين مؤهلين للتعامل مع أبجديات العصر. من تقنية وتطور فى صناعة الروبوتات والأجهزة وارتباط كل المنتجات الحالية بالذكاء الاصطناعى، ومن هنا فقد كانت التوصية باتجاه تأكيد ذلك أمرًا مهمًا يفترض أن يمهد لخطوات من التعاون والدراسات والأبحاث التى تضع مصر فى قلب التقدم وتمنحها القدرة على المنافسة.
وفى نفس السياق، كان تخصيص محاور وورش لمناقشة التطور التقنى والإلكترونى ومواقع التواصل على الاستثمارات وعلى الإبداع أيضًا، فضلًا عن المشروعات الصغيرة والتصنيع والتقدم بشكل عام.
وكان الإلهام والحلم من بين النقاط التى ارتبطت بمنتدى شباب العالم وحتى بمؤتمرات الشباب التى تعقد دوريًا فى القاهرة ومدن مصر المختلفة، فقد تم اختيار نماذج ملهمة وناجحة فى الافتتاح والختام تأكيد لمبدأ تبنى المواهب وتشجيعها. كان الفنان الإيطالى فاتمير مورا، قدم تجربة للرسم بالرمال، وكان هناك نموذج الثنائى ماريسا وبيوتر، الراقصان اللذان قهرا الإعاقة بالإبداع وكان عرض الكرسى المتحرك الطائر بين أيدى بيوترن، فى رقصة مدهشة أثارت البهجة والدهشة، والتأثر العاطفى.
كما تم تقديم مسرحية المحاكمة بلغات متعددة، وفى الصفوف الأولى جلس شباب صغار السن لكل منهم تجربة إبداع وحلم تم انتقاؤهم ليكونوا رسائل فى الإبداع ملهمة وقادرة على صنع الدهشة، حيث يتجاوز الطفل الأسترالى يوما سوريانتو مع فنانة تنتصر بالفن على سجن المرض والعجز، وسوريانتو يتحدث فى جلسة الذكاء الاصطناعى 13 عامًا، مع صوفيا الروبوت بملامح بشرية التى تشارك فى المنتدى وبجانب الشباب، هناك شخصيات ملهمة على المستوى العالمى مثل الدكتور هانى عازر، خبير الأنفاق العالمى وعضو المجلس الاستشارى الرئاسى، وفى الختام تم تكريم عدد من النماذج الناجحة من الشباب الذى انتصر على ظروفه الجسدية أو المادية ليعبر إلى عالم الخير فتاة تسافر لتعليم الأطفال، ومشروعات تنموية ناجحة بجهود أهلية، وأفراد مبدعون قهروا مشكلاتهم وأمراضهم. كلها كانت نماذج لتقديم الشباب والأفكار والنماذج الملهمة والقادرة على إثارة الدهشة.