طالب الشاعر الدكتور علاء عبد الهادى، رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، ورئيس الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، قبل بدء أعمال مؤتمر "التفكير النقدى وآليات التلقى"، الوقوف دقيقةً حدادًا على شهدائنا الأبرار في معارك التطرف الفكري والعقدي كل.
وفى البداية طرح الدكتور علاء عبد الهادى، سؤالاً وهو هل يوجد ما يسمى بهوية نقدية قومية؟، وأجاب في ظل هذا يمكن الإشارة إلى خمس ملاحظات أساسية: أن رفض الاجتهادات الفكرية والإبداعية الجديدة من التيارين الإبداعي والنقدي التقليديين، أدى إلى دعم الثنائيات المتعارضة، التي قامت بتسييس الخطاب النقدي العربي المعاصر على نحو سطحي وساذج من جهة، وأنتجت اجتهادات نقدية- لا يعوزها التلفيق- ربطت على نحو تعسفي مقولات تراثية اقتطعت من سياقاتها التاريخية والمفهومية بنظريات حديثة، لها أسئلتها الجديدة، وسياقاتها المعرفية والثقافية والفلسفية المختلفة، من جهة أخري، وذلك في ظل أرثوذكسية سلفية نقدية على مستوى النقد الأكاديمي، كما أن عَجْز المناهج التراثية العربية عن التعامل النقدي مع النصوص الحديثة المتوافرة في بيئتنا الثقافية المعاصرة، تلك النصوص التي تخاصم حدود الأنواع الأدبية التقليدية بخاصة، ويظل النقد العربي بتراثيه القديم والتنويري عاجزًا عن تحليل النظام النّوعي، والبنائي، للنصوص الإبداعية الجديدة في انطلاقاتها المعاصرة.
وتابع الدكتور علاء عبد الهادي، خفوت الصوت النقدي وارتفاع أصوات ما يسمى الآن بالأدب النقدي، بدلاً من الممارسة النقدية، وهذا ما فصلَ النظرية عن محيطها الإبداعي اللازم لحياتها! وهو المحيط الذي نراه ضروريًّا لخلق الصلة بين النظرية وصلاحيتها التطبيقية؛ الأمر الذي أبعد النظرية عن الأسئلة الفاعلة والضرورية في ثقافتنا العربية المعيشة، وفي مجتمعاتنا، فقد انتصر –في الواقع الثقافي العربي- الجانب التعليمي القائم على اختزال النظرية النقدية إلى خطوطها العريضة، فضلاً عن تبسيطها المخل، دون فهم سياقها النظري العام، ودون الالتفات إلى شروط إنتاجها، ومحيطها الثقافي؛ وهذا ما أدى إلى الاحتماء بخطاب نظري نقدي جاهز.
وأشار الدكتور علاء عبد الهادي، إلى أنه لا نستطيع في هذا الخصوص أن نغض الطرف عما راكمه التعليم الرسمي بمراحله المختلفة في المخيلة الجمعية الأدبية من أعمال نقدية قليلة الأهمية، وأعمال إبداعية متهافتة، دون أدنى فاصل أو تفرقة بين الأهمية التاريخية، والأهمية الجمالية للعمل الإبداعي، وهذا ما أضعف الارتباط بين المقررات التعليمية، وما تمور به الحياة الثقافية من أعمال ونصوص.
وأضاف رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر قائلا: أثر تأخُّرُ البحث العلمي بعامة على قوة العقل النظري العربي، ذلك لأن النقد الأدبي نقد مشروط ببيئته الثقافية والعلمية، أي أنه تابع في الحقيقة أكثر من كونه رائدًا؛ لذا يرتبط بتطور علوم أُخَر مثل علوم النفس، واللغة، والأنثربولوجيا، والاجتماع، والفلسفة... إلخ. ذلك لأن حيوية العمل النقدي هي التي تخلق له فاعلية في الواقع الإبداعي المعيش، وهي فاعلية ثقافية في مقامها الأول، لا تسير إلا بأقدام علوم كثيرة آخرى.
وأكد أن كل تأجيل في التناول النقدي لكتاب إبداعي متميز هو خلقُ فجوة جمالية في فضاء الاستقبال الأدبي، وتركُ مساحة فارغة، تضع جزءًا مهمًا من إنتاج إبداعي موضع التجاهل، أما الممارسة النقدية المستمرة فهي التي تفتح الانساق المغلقة للمعرفة، ويقدمُ الأدبُ المقارنُ وحقل الشعريات المقارنة هذا الدرسَ الذي يتقضٌ فكرةَ الأصل، لصالح مشترك إنساني أشمل، ربما تُسهم دراساتُ الأدبِ المقارن في إيضاح أن الهُويةَ النقدية في أقوى تجلياتها هي نسخةٌ ثقافية في بعدها المعرفي تناسلت من نسخ سبقتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة