بجدار فصل وقبضة مناضل، أطلقت مؤسسة الفكر العربي تقريرها السنوي الحادي عشر، اليوم الأثنين بعنوان "فلسطين فى مرايا الفكر والثقافة والإبداع"، وذلك بحضور كوكبة من رموز الفكر والإبداع والدبلوماسيين العرب، وبكلمة افتتاحية من مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة، الأمير خالد الفيصل، رئيس المؤسسة، والدكتور هنري العويط، مدير عام المؤسسة.
الأمير خالد الفيصل والدكتور هنري العويط خلال المؤتمر
التقرير الصادر فى جزئين، والذى وصفه صناعه بأنه "ليس نخبوياً" ويمس القضية الفلسطينية من شتى جوانبها، دار حول مسيرة نضال الشعب الفلسطينى على امتداد 7 عقود كاملة، وتطرق إلى دور المثقفين والمبدعين العرب فى هذا النضال، وما ينبغى أن يقدمه المثقفين للقضية فى ذلك الظرف الاستثنائي فى تاريخ العرب.
وخلال مؤتمر إطلاق التقرير السنوي الذى استضافته مدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، تم عرض فيلم وثائقي عن القضية الفلسطينية ودور "المقاومة الثقافية" فى محاولة لتقديم "شهادة عن فلسطين، ولفلسطين"، بحسب كلمة الدكتور هنري العويط، مدير عام مؤسسة الفكر العربي خلال الفيلم.
الحضور خلال مؤتمر إطلاق تقرير فلسطين فى مرايا الفكر والإبداع
وتطرق الفيلم إلى دور طلاب فلسطين، وأولئك الذين اختاروا أن يدرسون فى خارج الأراضى المحتلة، دون التخلي عن هويتهم، لينقلوا دون أن يدروا القضية الفلسطينية إلى خارج حدودها الجغرافية.
كما تطرق إلى دور شعراء فلسطين ومفكريها فى أن يجعلوها "قضية رأي عام عالمي"، ومن بين هؤلاء الشاعر الكبير، الراحل محمود درويش، الذى أرسي حقبة كاملة من نضال الشعب الفلسطيني، بعدما صار ناطقاً ومعرباً عن كيان الأمة "وعرافاً يستبصر أقدارها الماضية والحاضرة، فى السمو والانتصار كما فى الإنكسار والهزيمة"، ليتجاوز بحسب التقرير السنوي "صفة الشاعر ويصبح صوت فلسطين وعاشقها الذى حولها إلى أنثي وأم وحبيبة، ويصبح صوتاً للمقاوم، وللإنسان الفلسطيني والعربي بشكل عام".
وفى كلمته خلال المؤتمر، قال الأمير خالد الفيصل، إن تقرير "فلسطين فى مرايا الفكر والثقافة والإبداع"، من أفضل تقارير مؤسسة الفكر العربي على الإطلاق، فالأشخاص الذين علموا على إعداده لم يكتبوه فحسب، وإنما ذابوا بوجدانهم وعقولهم فى هذا العمل الجاد.
هنرى العويط خلال كلمته
وأضاف الفيصل أن فلسطين فى حاجة إلى نضال ثقافي بجانب معارك السياسة، مشيراً إلى أن المعركة ليست معركة سلاح وسياسة فقط، وإنما تستوجب من العالم العربي أن يكون مستعداً فى مجالات الفكر والثقافة أيضاً، لمكافحة الطغيان والعدوان الصهيوني بشكل كامل.
وأشار الفيصل فى كلمته إلى أن مؤسسة الفكر العربي كانت قد تلقت موافقة من الجامعة العربية على تنظيم قمة عربية ثقافية وهو ما تم بالفعل، إلا أن الموعد والمكان لم يتم تحديدهما حتى الآن.
وتحدث الأمير خالد الفيصل عن تقرير "فلسطين فى مرايا الفكر والثقافة والإبداع"، قائلاً: "التقرير يعيد إلينا الحس الوطني.. ونحن نستقبل في هذه الأيام مستقبلاً جديداً وتحولات جديدة في الفكر والثقافة والاقتصاد والسياسة.. والتقرير هو المقاومة الثقافية للقضية الفلسطينية ومعركة فلسطين هي سياسية وثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية وتتطلب منا العمل معاً على حلها"، واختتم الفيصل كلمته بالتذكير بمقولة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز "فلسطين هي قضيتنا الأولي".
جدار الفصل العنصري وأعلام فلسطين تزين منصة مؤتمر مؤسسة الفكر العربي
بدوره، تحدث الدكتور هنري العويط، مدير عام مؤسسة الفكر العربي، عن الأسباب وراء تخصيص التقرير الحادي عشر للمؤسسة عن فلسطين، مشيراً إلى أن المؤسسة حاولت من خلال التقرير رسم لوحة جامعة بمختلف المحاور المرتبطة بفلسطين وقضيتها كما عالجها نتاج المفكرين والأدباء والفنانين العرب فى مجالات التاريخ والفلسفة والأنثربولوجيا وعلم الاجتماع والشعر والنقد والسينما والفنون المختلفة.
وقال العويط فى كلمته إن التقرير الحادي عشر "فلسطين فى مرايا الفكر والإبداع"، حرص كذلك على تصحيح الروايات المحرفة، وتقديم الأدلة الدامغة على عراقة وأصالة الشعب الفلسطيني وهويته وقضيته، وذلك من خلال سبعة محاور رئيسية تضمنها التقرير.
وتطرق المحور الأول للتقرير إلى فلسطين فى فكر رجالات النهضة العربية، وبدايات المشروع الصهيوني فى الفكر العربي، وبدايات الوعي بالمخططات الصهيونية، فيما يدور المحور الثاني حول فلسطين فى العلوم الإنسانية، ويتطرق إلى دور المفكريين جمال حمدان وإدوارد سعيد وعبدالوهاب المسيري فى التعريف بالقضية الفلسطينية وأبعادها، وأهداف الصهيونية ومخاطرها.
خصصت مؤسسة الفكر العربي تقريرها الـ11 للقضية الفلسطينية
وحمل عنوان المحور الثالث للتقرير "فلسطين التاريخ والهوية"، حيث يتطرق إلى فلسطين فى العصور القديمة وفى الكتب السماوية، وصولاً إلى المراحل المتعاقبة من تاريخ فلسطين بداية من النكبة وحتى تثبيت الاحتلال لأركانه، بخلاف قراءه خاصة فى إصدارات مراكز الدراسات الإسرائيلية خلال عام 2018 ـ 2019.
جانب من الفاعلية
وخصص التقرير المحور الرابع عن فلسطين فى مرايا الأدب والفن والإبداع، وتحدث فى أحد فصوله عن دور الشاعر الكبير، الراحل محمود درويش، وغيره من المفكريين والشعراء الفلسطينيين والعرب، فيما دار المحور الخامس عن فلسطين فى مرايا الثقافة العالمية، فى حين دار المحور السادس عن اللغة والتربية والعلوم فى فلسطين، أما المحور السابع والأخير فتم تخصيصه بشكل كامل عن القدس وكيف تناولت قضيتها الكتب السماوية والتاريخية، والإبداع بشتى ألوانه ما بين الشعر والفنون التشكيلية وغيرها.
الأمير خالد الفيصل وهنري العويط
وأكد الدكتور هنري العويط أن المثقفين العرب لا يمكن أن يقفوا على الحياد فى المعركة التى يخوضها الفلسطينيين ضد الاحتلال والعدوان المستمر منذ عقود، مشيراً إلى أن تقرير المؤسسة والذي يتزامن مع الذكري السبعين لنكبة فلسطين، لم يكن يراد منه التذكير بالنكبة بقدر ما هو تذكير بالأمل والقدرة على البقاء واستمرار النضال حتي يعود فلسطين لأهله.
واختتم العويط كلمته بالتأكيد على أن هذا التقرير هو إهداء إلى فلسطين، واعتراف من الجميع بإنجازات مفكريها ومثقفيها وتقديراً لإبداعات شعبها.