تستمر الاعتصامات بشوارع بيروت اليوم وسط هدوء حذر، وذلك بعد احتجاجات اتسمت بالعنف استمرت يومين منذ إعلان حسان دياب رئيسا للحكومة الجديدة فى لبنان ، فى الوقت الذى أعلن فيه رئيس الحكومة المكلف لوسائل إعلام ألمانية فى أول تصريح له أنه سيعمل على تشكيل حكومة خلال ستة أسابيع للمساعدة على خروج البلد من أزمة اقتصادية وسياسية عميقة.
وأضاف: "الحكومات السابقة فى العقد الأخير استغرقت سنة لتشكيلها، وأنا أسعى لتأليف حكومة فى غضون أربعة أسابيع أو فى فترة لا تتجاوز ستة أسابيع".
ياتى هذا فى الوقت الذى انطلقت فيه المظاهرات منذ الساعات الأولى لإعلانه رئيسا لحكومة لبنان، حيث خرج المتظاهرون في ساحة الشهداء في بيروت رافضين قرار تكليفه؛ مستخدمين العوائق وصناديق النفايات والإطارات المشتعلة لقطع الأوتوسترادات وطرق السفر الدولية والشوارع الرئيسية، فى حين ازدادت أعداد المتظاهرين فى ساحتى الشهداء ورياض الصلح ومناطق متفرقة من وسط بيروت.
ووصل وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ديفيد هيل إلى لبنان أمس الجمعة لتأكيد دعم واشنطن لاستقرار البلاد، وحث القادة السياسيين على تطبيق إصلاحات اقتصادية سريعة.
وقال هيل بعد اجتماع مع الرئيس اللبنانى ميشال عون فى قصر بعبدا: "جئت إلى هنا لحث القادة السياسيين اللبنانيين على الالتزام بتطبيق إصلاحات مستدامة ومؤثرة يمكنها أن تؤدى إلى لبنان آمن ومستقر وينعم بالرخاء".
وزيرة الداخلية تناشد المواطنين التزام الهدوء
ومن جانبها ناشدت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن، المتظاهرين في وسط العاصمة بيروت وبمدينة طرابلس (شمالي لبنان) إخلاء الطرق والساحات، درءا للأخطار وتجنبا للفتن، وذلك بعد الاشتباكات والمواجهات العنيفة التي وقعت الفترة الماضية لاسيما في مناطق متعددة من العاصمة.
وطالبت وزيرة الداخلية جموع المتظاهرين والمحتجين بالاحتكام إلى دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بترك الشوارع وعدم قطع الطرق، بصورة فورية، حرصا على دولة المؤسسات وحفاظا على السلم الأهلى ومبدأ الاعتدال الذي ينتهجه الحريري.
وأشارت إلى أن دعوتها تأتي في ضوء ما تشهده بعض المناطق، لاسيما منطقة (كورنيش المزرعة) ببيروت وكذلك طرابلس، من اضطرابات ومناوشات تخللها إطلاق مفرقعات ورمي حجارة على نحو كثيف باتجاه الجيش والقوى الأمنية.
وشهدت منطقتا كورنيش المزرعة والطريق الجديدة، وهما من المناطق التي يشكل أبناء الطائفة السُنّية أغلبية سكانية كبيرة فيها، تظاهرات وتجمعات احتجاجية تطورت إلى حد المواجهات والاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين مع القوى الأمنية والعسكرية، على خلفية اعتراضهم على تسمية الدكتور حسان دياب رئيسا للوزراء وتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.
وكان المتظاهرون قد قطعوا الطريق الرئيسي بمنطقة كورنيش المزرعة بعد ظهر الجمعة، حيث افترشوا الطريق، غير أن مواجهات عنيفة اندلعت في فترة المساء، حينما حاولت قوات الجيش فتح الطريق أمام حركة المرور، وهو الأمر الذي لم يلق قبولا لدى المحتجين.
دياب: الأوضاع التي يمر بها لبنان حساسة
قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف الدكتور حسان دياب، إن الأوضاع التي يمر بها لبنان شديدة الحساسية و لا تتحمل إضاعة الوقت، مشيرا إلى أنه سيكثف من وتيرة المشاورات التي يجريها لتشكيل الحكومة الجديدة من أجل الوصول إلى النتيجة التي يتمناها اللبنانيون.
وأكد رئيس الحكومة المكلف – في تصريحات صحفية – أن مسئولية النهوض بلبنان كبيرة، وأن الجميع على علم بالتحدي الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد، داعيا إلى "مسيرة جديدة تشبه إرادة الشعب". ومشددا على أن مطالب المحتجين في انتفاضتهم الشعبية، مُحقة وتشكل قاعدة لبناء دولة جديدة.
قال حسان دياب المكلف برئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة، إنه سيعمل على تشكيل حكومة خلال ستة أسابيع للمساعدة فى إخراج البلاد من نفق أزمة اقتصادية وسياسية عميقة ورفض الاتهامات له بأنه سيكون تحت سطوة حزب الله، وكُلف دياب، وهو أكاديمى ووزير تعليم سابق، أمس الخميس برئاسة الوزراء بدعم من حزب الله وحلفائه.
وقال دياب فى مقابلة مع قناة دويتشه فيله التلفزيونية "الحكومات السابقة فى العقد الأخير استغرقت سنة لتشكيلها، وأنا أسعى لتأليف حكومة فى غضون أربعة أسابيع أو فى فترة لا تتجاوز ستة أسابيع".
الكاردينال: نأمل الحل
من جانبه، أعرب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، عن أمله في حل "العُقد السياسية" التي رافقت تكليف الدكتور حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة، وأن يتمكن المسئولون من إيجاد الحلول اللازمة ووضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، لاسيما وأن الجميع على دراية كافية بالحالة الاقتصادية والسياسية والمالية "التي بلغت حدا مأساويا للغاية". على حد تعبيره.
لبنان يحاول الخروج من أزمته
يسعى لبنان، الذى تعصف به أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التى دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990، لتشكيل حكومة جديدة منذ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريرى فى 29 أكتوبر إثر احتجاجات عارمة ضد النخبة الحاكمة.
وكانت جهود الاتفاق على رئيس جديد للوزراء وتشكيل حكومة شهدت تعثرات بسبب الانقسامات التى تعكس التوتر القائم منذ فترة طويلة بين الحريرى المتحالف مع الغرب ودول عربية خليجية وبين حزب الله المسلح المدرج على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية والواقع تحت عقوبات من واشنطن.
ويهيئ تكليفه مسرح الأحداث لتشكيل حكومة تقصى حلفاء الولايات المتحدة ودول الخليج العربية بينما يبرز نفوذ أصدقاء إيران فى لبنان. ويقول محللون إن هذه الخطوة من شأنها تعقيد الجهود الرامية لتأمين مساعدات مالية غربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة