عادت العنصرية فى ملاعب كرة القدم لتلقى بظلالها بعد الحادثة التى شهدتها مباراة الأحد فى الدورى الإنجليزى بين توتنهام وجاره اللندنى تشيلسى (صفر-2)، وتعرض مدافع الأخير الألمانى أنطونيو روديجر لإهانات عنصرية من الجمهور، ما دفع رابطة اللاعبين المحترفين للمطالبة بتحقيق حكومى.
ورأى مدرب تشلسى فرانك لامبارد، الذى تفوق الأحد على "معلمه" البرتغالى جوزيه مورينيو بإسقاط توتنهام فى معقله، أن "هناك حاجة للتعامل مع المشكلة بحزم"، فيما وعد توتنهام بـ"تحقيق شامل" بعدما وجد الحكم أنتونى تايلور نفسه مجبرا على ايقاف المباراة فى شوطها الثانى عندما اشتكى روديجر من سماع صيحات قردة صادرة من مدرجات جمهور السبيرز.
وبدأت الحادثة بعدما تسبب روديجر نفسه بطرد نجم توتنهام الكورى الجنوبى سون هيونج مين بسبب "سلوك عنيف" أكدتها تقنية الإعادة بالفيديو إثر ركله المدافع الألمانى على صدره بعدما عرقله الأخير دون أن يحتسب خطأ للكورى الجنوبى، ما أثار حفيظته.
وتعرض روديجر، صاحب البشرة السوداء، بعد ذلك للاهانة العنصرية من مدرجات توتنهام ما دفع بالقيمين على الملعب الى اطلاق ثلاثة نداءات على مكبرات الصوت قالوا فيها أن "تصرفا عنصريا من قبل المشجعين يؤثر على المباراة".
وكشف مدافع وقائد تشلسى الإسبانى سيزار أسبيليكويتا أنه لم يتردد فى تبليغ الحكم عما حصل بحق زميله الألماني، موضحا "روديجر جاء الى وقال بأنه سمع أغان عنصرية موجهة ضده، فأبلغت عنها للحكم"، وتابع "علينا جميعا أن نعمل على ايقاف هذا الأمر، هذه مشكلة ليست فى كرة القدم وحسب بل فى الحياة".
ومن جهته، قال روديحر فى حسابه على تويتر "أمر مخز أن تكون العنصرية موجودة حتى الآن فى 2019. متى سيتوقف هذا الهراء؟"، مضيفا "آمل حقا أن يتم العثور على الجناة ومعاقبتهم قريبا. وفى ملعب كرة قدم حديث مثل توتنهام ستاديوم مع عشرات الكاميرات التلفزيونية والأمنية، يجب أن يكون من الممكن العثور عليهم ومعاقبتهم على ذلك"، إذا لم يكن الأمر ممكنا، فيجب أن يكون هناك شهود فى الملعب رأوا الحادث وسمعوه".
وعلقت رابطة اللاعبين المحترفين على ما حصل الأحد فى بيان قالت فيه "نشعر بالاشمئزاز والخوف لأن، مرة أخرى، مباراة فى الدورى الإنكليزى كانت ملوثة بسبب سوء المعاملة من المدرجات تجاه اللاعبين، أصبح جليا بأن لاعبى كرة القدم هم الطرف المتلقى للعنصرية الصارخة التى تنتشر حاليا فى المملكة المتحدة، لكنهم ليسوا وحدهم".
وتابعت "أن الإساءة العنصرية فى كرة القدم ليست مجرد قضية لاعبين من الأقليات السوداء والإثنية، بل إنها قضية كل من يحب اللعبة. تدعو رابطة اللاعبين المحترفين الى تحقيق حكومى فى العنصرية وفى ازدياد جرائم الكراهية داخل كرة القدم".
وقبل أسبوعين، قامت الشرطة الإنجليزية بتوقيف شخص لقيامه بتصرفات عنصرية خلال دربى مدينة مانشستر بين سيتى وضيفه يونايتد.
وظهر أحد مشجعى سيتى وهو يقوم بـ "حركات عنصرية" فى شريط مصور تم تداوله على مواقع التواصل، فى أعقاب المباراة التى انتهت بفوز الضيوف 2-1.
وأعلنت شرطة مدينة مانشستر انها استُدعيت للتحقيق فى "قيام مشجع بما بدا أنها حركات عنصرية وأصوات (صيحات القردة) تجاه اللاعبين خلال دربى مانشستر سيتى ومانشستر يونايتد".
وأضافت "تم توقيف شخص يبلغ من العمر 41 عاما، بشبهة مخالفة قواعد النظام العام بشكل عنصري، ولا يزال قيد التوقيف للاستجواب".
وتوقفت المباراة لبعض الوقت فى الشوط الثاني، عندما تقدم لاعب يونايتد البرازيلى فريد لتنفيذ ركلة ركنية، لكنه تعرض لمقذوفات من المدرجات حيث تواجد مشجعو سيتي، أصابه بعضها بشكل مباشر فى ظهره. وأظهرت أشرطة متداولة عبر مواقع التواصل، أحد المشجعين وهو يقوم بحركات القردة تجاه اللاعب الأسود البشرة.
وقد اجتاحت الملاعب الاوروبية فى الآونة الاخيرة موجة من الحوادث العنصرية بما فيها تعرض لاعبى منتخب انكلترا لهتافات من بعض الجماهير البلغارية خلال مباراة البلدين فى تصفيات كأس أوروبا 2020، وأخرى للبلجيكى روميلو لوكاكو مهاجم انتر ميلان وماريو بالوتيلى مهاجم بريشيا فى ايطاليا.
ووجه رئيس الاتحاد الاوروبى لكرة القدم السلوفينى ألكسندر تشيفيرين فى أوائل الشهر الحالى انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، متهما اياه بتأجيج العنصرية ومؤكدا أن اتحاده يعمل جاهدا لمعالجة هذه المشكلة التى تعانى منها اللعبة.
وأدان جونسون بقوة ما تعرض له لاعبو بلاده فى العاصمة صوفيا فى أكتوبر الفائت، واصفا الهتافات العنصرية بالـ "خسيسة" ودعا الاتحاد الاوروبى لاتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة.
إلا أن رئيس الوزراء أثار جدلا فى الماضى بتعليقات مختلفة، بما فى ذلك حين أشار أن النساء المسلمات اللواتى يرتدين النقاب يشبهن "صناديق البريد".
وقال تشيفيرين فى حديث لصحيفة "ميرور" البريطانية "حين يصف سياسى السيدات اللواتى يرتدين النقاب بصناديق البريد ومن ثم يصرح علنا أنه يدين الاتحاد الاوروبي، فهل ترد على ذلك؟ هل تعتقد أنه صادق؟ بالله عليك".
وتابع "الوضع فى أوروبا يزداد توترا عندما ترى سياسيين ذات مناصب عالية كرؤساء وزراء ورؤساء جمهوريات عنصريين، ويميزون بين الجنسين، تدرك أن هناك خطأ فى مكان ما".
ويبدو الاتحاد الاوروبى عازما على إجراء بعض الاصلاحات والتعديلات حيث أكد تشيفيرين "نريد أن نكون أكثر دقة، لذا نعمل على ذلك، سنغير قوانيننا حول الموضوع فى اجتماع مارس المقبل".