قضية "ختان الإناث" لا تزال تسيطر على عدد كبير من القرى خاصة فى مجتمعات الصعيد رغم انخفاض نسبتها، والتى تعانى فيها الفتيات فى سن مبكرة من الختان، ومواجهة العادات والتقاليد والموروثات التى كان عليها أهالى هذه المناطق منذ سنوات مضت.
"اليوم السابع" استمع إلى أنين بعض الحالات داخل محافظة أسوان، والتى تعرضن لهذا الموقف المحرج وتسبب لها فى مشاكل صحية وأسرية، بجانب الجهود التى يبذلها فرع المجلس القومى للمرأة بمحافظة أسوان، بالتنسيق والتعاون مع مديرية الصحة بأسوان.
"فاطمة" امرأة متزوجة ولكنها تعرضت للختان وهى صغيرة وتسبب لها ذلك فى مشاكل مع زوجها الذى يتهمها بـ"البرود الجنسى" – على حد وصفها – فهى لا تستطيع إشباع رغباته الزوجية ومع أنها تعطيه حقوقه كزوج إلا أنها ليست بالقدر الكافى، وعلقت قائلةً: "زوجى يشتكى من عدم ميلى له كثيراً، وأعتقد أن سبب ذلك هو الختان".
وأضافت الزوجة الأسوانية، أنها أنجبت بنتين ولكن لن تعرضهما للختان كما حدث لها سابقاً وتسبب لها فى مشاكل مع زوجها، مشيرة إلى أن ذلك الأمر كان متبعا فى قريتها منذ قديم الأزل، ولكن مؤخراً بدأت السلوكيات تتغير مع الوقت فى ظل انتشار وسائل التوعية والتثقيف.
"غ.ح" واحدة من السيدات اللاتى تعرضن للختان "السودانى" كما هو مشهور بين أهالى محافظة أسوان، وفيه يتم بتر "الشفرتان" داخلياً وخارجياً وهو ما يسبب مشاكل صحية كبيرة تظل تعانى منها المرأة طيلة حياتها.
الدكتورة هدى مصطفى مقرر المجلس القومى للمرأة بأسوان
وقالت "غ.ح": مررت بأصعب يوم فى حياتى لا زلت أتذكره حتى اليوم بالرغم من مرور 15 سنة على هذا الموقف وكنت وقتها طفلة صغيرة ذات 5 سنوات، وهو السن الذى يعتبره أهل المختونة مناسباً للختان قبل دخول المدارس، وكان وقتها البيت مملوء بالسيدات لأن "الداية" أو "الممرض" يختار بيت واحد من بيوت النجع ليجرى فيه عملية الختان لعدد من الأطفال.
وتابعت: "البيت كان مملوءاً بصراخ الأطفال وكنت أنتظر دورى لينكشف لى حقيقة هذا الصراخ من صديقاتى الصغار، وبعد مرور وقت دخلت لأخذ دورى، ووجدت الرجل الذى يقوم بالختان وقد امتلأت ملابسه بالدماء وهو ما زاد الخوف بداخلى وارتجفت من المشهد ولم أشعر بنفسى إلا بعد ساعات من الإغماء وجدت بعدها أمى والسيدات ملتفين حولى، ولم أكن أعلم ماذا سبب لى هذا الرجل إلا بعد أن كبرت فى السن وعلمت أنه تسبب فى استئصال جزء كبير من جسدى الأسفل وأننى نجوت من الموت بأعجوبة".
توعية السيدات
من جانبها، أوضحت الدكتورة هدى مصطفى، مقرر المجلس القومى للمرأة بأسوان، أن هناك حملة بعنوان "احميها من الختان" ضمن المبادرة القومية لمناهضة العنف ضد المرأة، والتى استهدفت 156 ألف و441 سيدة ورجل وفتاة بمختلف مدن وقرى المحافظة خلال 16 يوماً، وتهدف إلى نشر التوعية والرسائل الخاصة بالقضاء على ظاهرة ختان الإناث، وإبراز مخاطرها الصحية والنفسية وغيرها من التأثيرات السلبية على الفتاة، بالإضافة إلى مواجهة الأفكار والعادات والموروثات الخاطئة التى تتنافى مع مبادئ وتعاليم الأديان السماوية، علاوة على التركيز على أهمية تحقيق التكامل والدمج بين مختلف الجهات المعنية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة.
فى المقابل، أشار الدكتور إيهاب حنفى، وكيل وزارة الصحة بأسوان، إلى أن الشكل الأساسى من أشكال العنف ضد المرأة هو ختان الإناث، وتبذل الدولة بكافة مؤسساتها ووزارة الصحة مجهوداً كبيراً للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها، وفى محافظة أسوان انخفضت هذه النسبة إلى 40%، لافتاً إلى أن هناك 13 عيادة داخل محافظة أسوان للكشف عن المرأة واستقبال الحالات الخاصة بأمراض النساء، ويتم العمل على تتبع البلاغات والشكاوى فى قضية ختان الإناث عبر مكتب الشكاوى داخل المجلس القومى للمرأة فرع أسوان، أو عن طريق الشكل القانونى من تحرير محاضر أو رفع دعاوى قضائية، موضحاً أن هناك تجريم طبى لهذه العادة ويعرض الطبيب الذى يمارس هذه العادة للشطب من جدول الأطباء وعقوبة الحبس التى تصل إلى 7 سنوات.
فى السياق ذاته، أكد اللواء أشرف عطية، محافظ أسوان، أن المرأة المصرية تشهد خلال الفترة الحالية اهتماماً ملحوظاً من كافة مؤسسات الدولة وفى مقدمتها الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أعلن أن عام 2017 عاماً للمرأة المصرية، وهو الذى يتوازى مع خطوات عديدة قامت بها الدولة ولا زالت مستمرة لدعم المرأة وتمكنيها فى كافة المجالات، مشيراً إلى حرص محافظة أسوان المتواصل لاستكمال جهودها والتعامل الحاسم مع ظاهرة العنف ضد المرأة بالتكاتف مع جميع قوى المجتمع المدنى من أجل تلبية احتياجات المرأة الأسوانية ومطالبها المشروعة وفقاً للإمكانيات المتاحة ولمساعدتها على الاستمرار فى أداء رسالتها السامية من أجل خدمة وطنها ومجتمعها وأسرتها على أكمل وجه، لافتاً إلى ضرورة تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق مع الجمعيات الأهلية ودور العبادة لتكثيف جهود التوعية وغيرها من الأنشطة التى تهتم بقضايا مناهضة العنف ضد المرأة بكافة أشكاله وتساهم فى استثمار إمكانياتها ومشاركتها الإيجابية لمساندة عمليات التقدم والتنمية الجارية بالمجتمع على كافة المستويات.
سيدات أسوان
محافظ أسوان ومقرر المجلس القومى للمرأة
وحدة صحة الأعقاب
