يبدو أن روسيا فى طريقها لتدشين نظام موازي للنظام العالمي، فبخلاف التنافس السياسي ومعارك النفوذ فى مناطق النزاعات داخل وخارج الشرق الأوسط، تقترب روسيا من تدشين ما أسمته بـ"الإنترنت السيادي" ليكون نظاماً إلكترونياً موازياً خارج نظم الإنترنت العالمية التى تسيطر عليها الولايات المتحدة.
وفى تصريحات للصحفيين، قال أليكسى سوكولوف نائب وزير الاتصالات الروسى أمس الإثنين، إن بلاده استكملت سلسلة اختبارات، للتأكد من قدرتها على إبقاء خدمات الإنترنت فى حال الاضطرار إلى الانفصال عن الشبكة العالمية.
ويأتى الفحص الذي أجرى على مدى عدة أيام للشبكات المصممة خصيصا لهذا الغرض بعد مشروع قانون "الإنترنت السيادى" الذي قدم فى نوفمبر الماضى، ردا على ما تسميه روسيا "الطبيعة العدوانية" لاستراتيجية الأمن الإلكترونى الوطنية الأمريكية.
ويلزم هذا القانون مشاركة المؤسسات التى تديرها الدولة والأجهزة الأمنية وكذلك شركات الاتصالات ومشغلى تطبيقات التراسل والبريد الإلكترونى فى الاختبارات التى لا أثر لها على مستخدمى الإنترنت المنتظمين.
التحرك الروسي الجديد يفاقم من مخاوف الغرب من احتمالات تكرار موسكو هجماتها الإلكترونية واستهدافها شركات ومؤسسات على غرار ما تعتقده الولايات المتحدة من وجود حملة تدخل روسي ممنهجة فى الانتخابات الأمريكية 2016، والتى فاز بها الرئيس الحالي دونالد ترامب، أو ما أعلنته حملة الرئيس الفرنسي الحالى إيمانويل ماكرون من رصدها محاولات قرصنة روسية خلال الانتخابات التى كان ينافس فيها ماكرون المرشحة اليمينة المتطرفة مارين لوبان.
وقالت وزارة الاتصالات الروسية إن الهدف من الاجراء ليس عزل روسيا من الأنترنت كما أشاع بعض نشطاء الحقوق الفكرية والحريات، مركدة أن المستخدمين لن يشعروا بالفرق ولن يلاحظوا الاختبارات.
وقال نائب وزير الاتصالات اليكسي سوكولوف في تصريحات نقلها التلفزيون : "الهدف من المهمة هو ضمان التشغيل الموثوق للأنترنت في روسيا في أي ظروف وفي أي وقت" مشيراً إلى أن الهدف من اختبارات يوم الاثنين هو التأكد من أن كل شيء يعمل بصورة صحيحة.
القانون الذي وقعه الرئيس فلاديمير بوتين في شهر مايو يلزم مزودي الإنترنت الروس تثبيت المعدات التي توفرها السلطات لتتمكن الحكومة من السيطرة المركزية على حركة البيانات.
ودافع بوتين عن سياسات الإنترنت الروسية خلال مؤتمر صحفي الاسبوع الماضي ووعد بأن البلاد لا تتجه نحو إغلاق الإنترنت وقال "الإنترنت المجاني والإنترنت السيادي مفهومان لا يلغي أحدهما الآخر".
ومن المقرر العمل بما يعرف بـ"الانترنت السيادي" بدءً من عام 2021، ويقول مؤيدو التشريع إن الهدف هو ضمان استمرار عمل المواقع الروسية إذا لم يتمكنوا من الاتصال بالسيرفرات الدولية أو في حالة التهديدات القادمة من الخارج مثل الهجمات الإلكترونية.
لكن الناشطين الحقوقيين يقولون إنه محاولة رقابة أخرى في أعقاب الجهود السابقة في روسيا لحجب الخدمات مثل موقع LinkedIn للشبكات المهنية وخدمة Telegram messenger، فيما ترى تقارير غربية أن تلك الخطوة من شأنها ضمان شن هجمات إلكترونية خارج رقابة الدول المستهدفة، كما جرى فى الانتخابات الأمريكية 2016، وغيرها من العمليات السياسية فى الدول الأوروبية.