على الرغم من التضييق المستمر من قبل السلطات الإيرانية على المواطنين، فى جميع مناحى الحياة، بسبب النهج المتشدد الذى يتبناه النظام الحاكم فى طهران، والذى يمتد من التمييز الصارخ تجاه المرأة وحتى الأقليات الدينية، إلا أن ثمة انفتاحا يبدو فى الأفق فى التعامل مع بعض المناسبات، وخاصة احتفالات الكريسماس، فى ظل انتشار أشجار أعياد الميلاد فى المحال التجارية، وبعض الرموز، وعلى رأسها تماثيل بابا نويل، وغيرها.
ويتواجد فى الأراضى الإيرانية ما يتراوح بين 300 و370 ألف من الأرمن المسيحيين، معظمهم من أجداد جاءوا من أرمينيا، وهى دولة تقع شمال إيران، أو آشور، وهى بلدة قديمة كانت تقع إلى الغرب من الدولة الفارسية.
أشجار الكريسماس تهيمن على المحال التجارية فى إيران
وترتبط مناسبة عيد الميلاد بصورة كبيرة بإيران، حيث ذكر الإنجيل أن ثلاثة أشخاص، أطلق عليهم "المجوس"، كانوا قد علموا بمولد السيد المسيح فى فارس، حيث رأوا نجما يتلألأ فى السماء، عرفوا منه أنه ينبئ بمولد ملك عظيم، فقرروا متابعة هذا النجم، والسير وراءه، حتى وصلوا إلى مكان ميلاد المسيح، فى حظيرة بفلسطين (مزود البقر)، وقدموا له هدايا، تحمل رموزا، وهى الذهب (رمزا لكون المولود ملكا)، ولبان (وهو نوع من البخور والذى يرتبط بالكهنوت فى التوراة)، والمُر (وهو نوع من العطور يرمز إلى الألم الذى يعانيه السيد المسيح).
تغيير النهج
ولكن بعيدا عن التاريخ، تبقى حالة من التضييق استمرت لعقود طويلة، على الاحتفالات بالكريسماس، فى إطار النهج المتشدد الذى يتبناه النظام من جهة، والرغبة فى عدم بالتشبه بالأعداء الغرب، الذين فرضوا حصارا على الحكومة الإيرانية منذ اندلاع الثورة التى أطاحت بالشاه محمد على بهلوى، فى عام 1979، من جانب أخر.
إقبال على التسوق فى الكريسماس
إلا أن ثمة تغيير كبير ربما شهدته طهران فى السنوات الأخيرة، ربما ارتبط إلى حد كبير بالانفتاح الإيرانى على العالم، فى أعقاب الاتفاق النووى، والذى وقعته الحكومة مع القوى الدولية الكبرى، فى يوليو 2015، ربما لتغيير الصورة التى طالما ارتبطت بالنظام الحاكم فى إيران لسنوات طويلة.
الكنيسة الأرمينية فى طهران
ربما كانت التغريدة التى أطلقها الرئيس الإيرانى السابق محمود أحمدى نجاد، والمعروف بانتمائه للتيار المتشدد، للتهنئة بأعياد الميلاد فى العام الماضى، تمثل أحد أهم نقاط التحول، حيث نشر فيديو له يهنئ العالم بالكريسماس، حيث تمنى عيدا سعيدا للجميع وعاما ميلاديا مليئا بالسعادة والازدهار، مستطردا "المسيح أحب الجميع وأراد أن نحب بعضنا بعضا."
تغريدة محمود أحمدى نجاد
لهجة أحمدى نجاد حملت تغييرا جذريا يصل إلى حد التعارض مع النهج الإيرانى المعتاد، والذى تبنى عداء علنيا تجاه الغرب، حيث كانوا يعتبرون أن الاحتفال بهذه المناسبات دربا مما يمكننا تسميته بـ"الاستعمار الثقافى الغربى" لطهران، إلا أنه يمثل رغبة قوية من قبل الحكومة الإيرانية لتصدير صورة مختلفة، بعيدا عن العداء المعتاد للغرب.
بابا نويل فى إيران
ولكن يبقى التساؤل حول الكيفية التى تحتفل بها إيران بأعياد الميلاد
طهران
يتم الاحتفال فى طهران بعيد الميلاد فى النوادى، والتى قد تنطوى على رسوم دخول عالية فى معظم الأحيان، وعلى رأسها نادى أرارات، والذى يعد المركز الأشهر من حيث إقامة الحفلات الخاصة بهذه المناسبة، والتى تكون برعاية قطاع من رجال الأعمال، والذين توغلوا للعمل فى الدولة الفارسية فى سنوات ما بعد الاتفاق النووى.
داخل أحد المحال التجارية
أما العائلات الأرمينية فيقومون بعمل حفلات خيرية فى البازارات التى يمتلكها بعضهم، حيث يقدمون الوجبات اللذيذة، والتى تحظى بإقبال كبير من المواطنين الإيرانيين، وذلك بعد الانتهاء من الاحتفال الدينى فى الكنائس التابعة لهم.
سيدة إيرانية تشاهد بابا نويل معروضا بأحد المحال
أصفهان
تبقى أكثر المناطق التى تشهد احتفالات الكريسماس، حيث يتم تزيين الشوارع بالأضواء، وأشجار الصنوبر المزخرفة، كما يقيم المسيحيون هناك احتفالا فى الكاتدرائية التابعة لهم هناك، والتى تعد أكبر كنيسة أرمينية فى إيران، كما تشهد المناسبة رواجا تجاريا كبيرا فى ظل إقبال ألاف المواطنين على التسوق فى هذا اليوم.
واجهة الكنيسة الأرمينية قبل انطلاق الاحتفال الدينى بأعياد الميلاد فى إيران