دراسة: النعت بالألقاب يتصدر أساليب التنمر.. ومطالب بدور إيواء لتأهيل الضحايا

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019 02:39 م
دراسة: النعت بالألقاب يتصدر أساليب التنمر.. ومطالب بدور إيواء لتأهيل الضحايا أرشيفية
وكالات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كشفت شهادات الطلبة وأولياء الأمور، وكذلك آراء الخبراء التربويين والنفسيين، عن ثغرات تعطل معالجة مشكلة التنمر، وهى غياب دور الرعاية المتخصصة لتأهيل أطراف قضايا التنمر وإعادة اندماجهم فى المجتمع بعيداً عن دور رعاية الأحداث الذين أودعوا لسلوكيات إجرامية قد تصل إلى القتل العمد أحياناً، وكذلك ندرة الدراسات الإحصائية فى هذا الخصوص لبيان معرفة حجم القضية والخطوات المطلوبة لحلها.

ووفقا لصحيفة "الرؤية" الإماراتية، يعتبر مشروع "الوقاية من التنمر فى المدارس"، والذى نفذه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بالتعاون مع منظمة اليونيسف ووزارة التربية والتعليم ودائرة التعليم والمعرفة وطبق العامين الدراسيين الماضيين، على مرحلتين شملتا 85 مدرسة، وأكثر من 3 آلاف طالب، من الدراسات الأخيرة فى هذا المجال، حيث تبين أن طالباً واحداً من بين كل 4 يتعرض للنعت بالألقاب شهرياً على الأقل، بينما يتعرض طالب واحد من كل 8 للاعتداء البدنى، أما من يتعرضون للتنمر الإلكترونى فعددهم قليل.

ولفتت النتائج للانخفاض الملحوظ للأشكال الأربعة للتنمر بين الفتيات، وهي: النعت بالألقاب، المضايقات، السخرية والضرب، بينما لم يشهد التنمر الإلكترونى انخفاضاً ملحوظاً، فيما انخفض بين الفتيان تعرضهم للتنمر بكل طريقة من الطرق الخمس، باستثناء الضرب.

من جهتهم، طالب أعضاء مجلس وطنى سابقين وتربويون وقانونيون بتخصيص دور ومراكز إعادة تأهيل للمتنمرين وأيضاً المعتدى عليهم فى وقائع التنمر باعتبار الطرفين ضحايا فاقدي الأهلية ويحتاجون إلى توجيه ودعم لإدخالهم المنظومة المجتمعية، بحيث يصبحوا عناصر فاعلة وذات قيمة بالمجتمع، موضحين أن إيداعهم فى دور رعاية الأحداث أمر غير صحيح ويكسب المتنمرين سلوكاً إجرامياً.

من جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم أن "لائحة إدارة السلوك الطلابى" أدرجت العام الدراسى الماضى "التنمر" بأنواعه وأشكاله المختلفة ضمن مخالفات الدرجة الثالثة "الخطرة"، التى تكون عقوبتها خصم 12 درجة من سلوك الطالب المتنمر، علاوة على إيقاف الطالب فورياً عن الدراسة فى الحرم المدرسى، ثم يلي ذلك خطوات إدارية أخرى لمعالجة المشكلة.

دور إيواء

وشددت عضو المجلس الوطنى الاتحادى، سابقاً، عفراء البسطى على أهمية توفير دور إيواء للأطفال والمراهقين المتنمرين، وأيضاً المعتدى عليهم بهدف توجيههم ودعمهم بحيث يصبحوا عناصر فاعلة وذات قيمة بالمجتمع، موضحة أن هذه المهمة لا بد أن تستند إلى وجود مختصين اجتماعيين ونفسيين لدراسة الحالة وجميع الظروف المحيطة بالمتهمين أو الضحايا، والتي دفعتهم إلى القيام بمثل هذا السلوك، وكذلك توفير برامج توعية وتوجيه في هذه الدور، إلى جانب خدمات الإيواء، وأيضاً تنفيذ برامج صفية متمثلة في عمل دورات تأهيل ودمج بالمجتمع ومحاضرات توعوية، إضافة إلى البرامج اللاصفية التي تشمل أنشطة ترفيهية ورياضية عبر توفير مرافق خدمية في هذه الدور.

وذكر عضو المجلس الوطني الاتحادي، سابقاً، سالم الشحي بأهمية تخصيص مراكز وأقسام لإيواء فئة المتنمرين من الأطفال أو المراهقين، مع التركيز على مضمون التوعية وطريقة التوجيه التي تكون من قبل أشخاص من ذوي الاختصاص والتأثير في المجتمع، مثل كبار المواطنين بحكم حصيلة خبرتهم في الحياة، وأيضاً الطلبة المثاليين في المدارس والكليات والنماذج الناجحة من الشخصيات الفنية والرياضية، مشيراً إلى أن الأسباب الرئيسة للتنمر هو غياب التوجيه من قبل المحيط الأسري للأبناء الذين يصبحون أفراداً ناقمين على المجتمع، ما يولد لديهم سلوكاً إجرامياً مستقبلاً. لذا، من الأهمية تخصيص مراكز خاصة بإيداع المتنمرين فيها وعمل دراسة حالة منفردة لكل شخص.

الدعم اللاحق

وأكد رئيس شؤون وحدة الطلبة بإحدى مدارس الشارقة، علي المهرى، أهمية وجود دور إيواء للأطفال والمراهقين المتنمرين لتقديم الدعم الدائم والمستمر لهم، لا سيما في مرحلة ما بعد العقاب، وهي التأهيل والدمج في المجتمع المحلي، عبر انتقاء وتقدير التدبير الملائم لشخصية المتنمر، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال دراسة العوامل والظروف التي أدت به إلى إتيان سلوك العنف، والعمل على إبعاده عن هذه العوامل مع استمرار متابعة سلوكه بوضعه تحت مجهر الرقابة من قبل أفراد أسرته بالتعاون مع اختصاصيين نفسيين واجتماعيين وتقديم تقارير دورية بهذا الخصوص، متابعاً «من الأهمية عمل دورات توعية للأسر تتعلق بكيفية التعامل الأمثل مع أبنائهم المتنمرين».

وركز على ضرورة منع المراهقين من السهر خارج المنزل لساعات متأخرة من الليل في الأحياء السكنية لما لهذا السلوك من نتائج سلبية تتمثل بظهور "شللية" خطيرة تمارس سلوكيات خاطئة تتسم بالعدائية والعنف، سواء في المدارس أو الأحياء السكنية، موضحاً أن هؤلاء المراهقين يشكلون مجموعات بمسميات غريبة مثل "عبود سكين" ونصور سبايسى و"عمار دبوس"، يتفاخرون بقوتهم بين أقرانهم وأيضاً المجموعات الأخرى المنافسة لهم في ممارسة التنمر والعنف داخل المدرسة وخارجها.

استثمار طاقات

من جانبه، قال المحامى والمستشار القانونى خالد المازمى إن وجود جهة مختصة فى تأهيل المتنمرين وإعادة دمجهم بالمجتمع، ستساعد في توظيف واستثمار طاقاتهم فيما يعود بالنفع على مجتمعهم وأنفسهم، ولن يتحقق هذا الأمر إلا بتعلمهم الانضباط والالتزام وتحمل المسؤولية.

وقال «وجود مراكز إيواء المتنمرين سيكون داعماً لقانون الأحداث الذين يقعون في الفئة العمرية من 7 إلى 18 عاماً، والذين ينطبق عليهم قانون الأحداث وليس العقوبات الذي ينص على أن العقوبات المطبقة على هذه الفئة تأديبية أكثر منها عقابية، وتتمثل في توجيه توبيخ وتنبيه أو تسليم لولي الأمر أو رقابة قضائية، لكون الأصل في التنمر هو الاعتداء على سلامة الجسد بالضرب بأنواعه المختلفة أو بأسلوب ولفظ الكلام الذي يحمل عنفاً».

لائحة السلوك

بدورها، أكدت وزارة التربية والتعليم أن "لائحة إدارة السلوك الطلابي" أدرجت خلال العام الدراسي الماضي "التنمر" بأنواعه وأشكاله المختلفة ضمن مخالفات الدرجة الثالثة "الخطرة" التي تكون عقوبتها خصم 12 درجة من سلوك الطالب المتنمر، علاوة على إيقاف الطالب المتنمر فورياً عن الدراسة في الحرم المدرسي ثم يليه انعقاد مباشر لـ"لجنة إدارة السلوك واتخاذ القرارات المناسبة"، وبعدها يصدر قرار بتحويل الطالب لجهات تقويم السلوك للمرة الأولى لمدة لا تزيد على ثلاثة أسابيع، ويعقبه استدعاء ولي الأمر وتوقيعه على الإنذار ونص القرار، كما تتم متابعة واستلام التقارير المتعلقة بحالة الطالب من قبل جهات تقويم السلوك.

وأوضحت أنه في حال رصدت واقعة تنمر بأي مدرسة فإن لجنة «إدارة السلوك» تعقد اجتماعها بإيعاز من مقرر اللجنة بالإيقاف وحسم الدرجة ومخاطبة جهة تقويم السلوك وإصدار قرار النقل، فيما يتولى نائب المدير لشؤون الطلبة أو المرشد الأكاديمي أو الاختصاصي الاجتماعي تحمل مسؤولية متابعة الطالب المتنمر أثناء إيقافه داخل المدرسة، أما نقل الطالب من المدرسة فيتم بمتابعة مديري النطاق.

وتابعت «وفي حال قام الطالب بتكرار مخالفة التنمر فتخصم منه 12 درجة أخرى من السلوك، كما أن لجنة «إدارة السلوك اتخاذ القرار المناسب» تصدر بعد انعقادها قراراً بإيقاف الطالب حتى نهاية الفصل الدراسي وتحويله لجهات تقويم السلوك واستدعاء فوري لولي الأمر وتسليمه قرار اللجنة، كذلك يتم تحويل الطالب لجهات مختصة في تقويم السلوك للمرة الثانية والأخيرة، في حال عدم اعتدال السلوك، يتم نقل الطالب لمدرسة أخرى نقلاً تأديبياً بقرار من الوكيل المساعد للعمليات المدرسية بالنسبة للمدارس الحكومية، أما النقل للمدارس الخاصة فيكون بقرار من الوكيل المساعد للرقابة».

وأضافت «على الرغم من عدم احتواء المناهج الدراسية على ثقافة القانون التي تلزم بموجبها كل طالب بمعرفة حقوقه وواجباته تجاه البيئة التعليمية التي ينتمي إليها، إلا أن الوزارة اعتمدت مادة التربية الأخلاقية التي تتضمن مبادئ التعامل القائمة على القيم الأصيلة والقوانين المعمول بها في الدولة».

ولفتت وزارة التربية إلى أنها خصصت في كل مدرسة لجنة «إدارة السلوك» لتطبيق قوانين اللائحة، وراعت أن تضم اللجنة 5 أعضاء، وهم: مدير أو مقرر اللجنة ونائبه، وكذلك تخصيص رئيس وحدة شؤون الطلبة مرشد الأكاديمية لكل 200 طالب بالمدرسة يتوليان رصد حوادث التنمر وتطبيق اللوائح المعمول بها حيالها».

وقاية من التنمر

خلص مشروع "الوقاية من التنمر في المدارس"، الذى نفذه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بالتعاون مع منظمة اليونيسف ووزارة التربية والتعليم ودائرة التعليم والمعرفة الذي طبق على مرحلتين شملتا 85 مدرسة، إلى أن الطلبة الذين خضعوا للاستبيان أقروا بأن التنمر الذي يتعرض له بعضهم يتخذ أشكالاً مختلفة تصدرها النعت بالألقاب بنسبة 13.2%، بينما تبلغ نسبة الطلبة الذين يتعرضون للانتقاد 10.3%، أما الذين يتعرضون للسخرية فوصلت نسبتهم إلى 7.3%، وتبلغ نسبة الذين يتعرضون للضرب أو الركل 5.8%، أما النسبة الأقل فكانت من نصيب الطلبة الذين يتعرضون للتنمر الإلكتروني الذي سجل 4.3% من المجموع العام.

وعرضت النتائج أشكال التنمر، إذ استحوذ تخويف الآخرين على 7.5%، تلاه الانخراط في شلل لمضايقة طلبة آخرين 5.3%، أما إزعاج الطلبة الضعفاء فكان الأقل بنسبة 2.2%.

أطراف التنمر

وكشفت دراسة بحثية أجرتها إدارة الدراسات والمعرفة، بالتعاون مع جامعة الشارقة، عن "التنمر لدى طلبة المدارس في إمارة الشارقة"، حصلت "الرؤية" على نسخة منها، أن ثلث الطلبة أى 33.3% بواقع 435 طالباً كانوا طرفاً فى واقعة تنمر، ما يؤكد انتشار هذه الظاهرة في المدارس، إذ تبين أن 14.2% كانوا الطرف المتسبب فى التنمر، في حين 19.1% كانوا الطرف المتلقى لفعل التنمر فى تلك الواقعة.

وبلغ عدد عينة الدراسة ألفاً و308 ما بين طالب وطالبة من المدارس التابعة للمنطقة التعليمية في الشارقة، فيما أظهرت الدراسة أن 23.6% من الطلبة الذين كانوا ضحية لواقعة تنمر أن تلك الواقعة تحدث معهم بشكل يومي. أما عن أشكال التنمر التي يتعرضون لها، فقد تصدرت الألقاب المسيئة أو الشتائم القائمة بنسبة 54.0%، ثم تلاه التنمر «السيبراني» عبر الإنترنت بنسبة 14.4% من الطلبة، وبعده الدفع أو التسبب بالتعثّر والوقوع أو الركل أو الضرب وتلاه التهديد ثم التجاهل والاستبعاد، أما أقل نسبة لأشكال التنمر فكانت سرقة الممتلكات والتي بلغت نسبتها 4.0%.

وأظهرت النتائج أن الذكور أكثر عرضة من الإناث لحالات التنمر اتخذت أشكال التهديد، سرقة الممتلكات والدفع أو الركل أو الضرب، فى حين الإناث أكثر من الذكور عرضة للألقاب المسيئة أو الشتائم.

وتصدر صغر سن الضحية الدوافع وراء التنمر المدرسي، وذلك بنسبة 38.4%، ثم تلتها حجم البنية الجسمانية للطالب بنسبة 25.6%، وكان أقل الدوافع هو ضعف قدرات المتنمر عليه أو الضحية، وذلك بنسبة 19.6% من إجمالي عينة الدراسة.

أما عن ردود أفعال ضحايا التنمر فتصدرها الرد بشكل مماثل بنسبة 32.8%، أما إخبار شخص آخر بالواقعة بهدف الدفاع وطلب المساعدة فسجل نسبة 26.0%، في حين أن ما نسبته 22.8% من الطلبة تجاهلوا الأمر وقاموا بتجنب الأشخاص الذين مارسوا عليهم التنمر، بينما فضل 2.0% من الطلبة البقاء في المنزل في حال تعرضهم لأي سلوك عدواني.

وبحسب نتائج الدراسة فإن 40.7% من الطلبة عينة الدراسة أكدوا أن المعلمين وغيرهم من العاملين بالمدرسة على علم بوقائع التنمر، والإناث يعتقدن بشكل أكبر من الذكور أن المعلمين وغيرهم من العاملين بالمدرسة على علم بذلك.

إنصات لا توبيخ

أكدت المستشارة الأسرية والنفسية، الدكتورة هيام أبومشعل، أن علاج مشكلة التنمر على المستوى الأسرى يتمثل بخلق قنوات تواصل بين الطفل أو المراهق ووالديه، ما يوجد مساحة من الأمن النفسى تشجعه على أن يخبرهم بما يتعرض له من اعتداء أو عنف، وعلى الوالدين أن يستمعا له بإنصات شديد وإبداء التعاطف معه وتوجيهه للحل بعيداً عن اللوم والتوبيخ والانتقاد، مع الالتزام بضبط النفس وعدم نقل حالة الخوف أو التوتر التي يشعران بها له، حتى يشجعا ابنهما على أن يخبرهما بتفاصيل الاعتداء الذي وقع عليه، لافتة إلى أهمية أن يتولى الوالدان إبلاغ إدارة المدرسة والتواصل مع أولياء أمور الطلبة الذين تنمروا عليه لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مع الحرص على تسليط الضوء على تعزيز نقاط القوة لدى ضحية التنمر كالثقة بالنفس وتقدير الذات، حتى يتمكن من مواجهة أي اعتداء مماثل قد يتعرض له مستقبلاً.

وشددت على ضرورة غرس مفهوم مهم لدى المتنمر عليهم، وهو أن طلبهم الدعم هو ليس دليل ضعف، بل هو توازن للقوى بينه وبين الطرف الآخر، لكون التنمر هو عدم تكافؤ بين قوتين إحداهما أكبر من الأخرى.

وأضافت أبومشعل "كذلك لا بد من تعليمه مواجهة حالات الاعتداء التي قد يتعرض لها بأن يتعلم كيف يدفع الأذى عن نفسه في حال حاول أحدهم ضربه فعليه أن يمسك يده ويبعده ومن ثم ينسحب بحزم من المكان ويبلغ إدارة المدرسة".







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة