- نصلى للسجناء الأجانب شهريًا فى السجون المصرية بتسهيلات من «الداخلية» ولدينا مدارس ومستشفيات تخدم المسلمين والأقباط
- «مفوضية اللاجئين» اعتمدت كنيستنا كمركز لإيواء اللاجئين الأفارقة صحيًا وسكنيًا واجتماعيًا
- الكنيسة ليست فوق المجتمع بل جزء منه وتسخر كل طاقتها لخدمة المصريين
بمحبة القس ورقة الطبيب، استقبلنا الدكتور منير حنا مطران ورئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية فى مصر والقرن الأفريقى قبل أيام من الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، إذ كان يمارس مهامه اليومية فى مكتبه فيتابع مكتب الكنيسة لخدمة اللاجئين ويطمئن على استعدادات العيد مستمعًا للصغير قبل الكبير.
فى هذا الحوار فتح مطران الكنيسة الأسقفية لـ«اليوم السابع» أبوابه متحدثًا عن الدور الذى تلعبه كنيسته الصغيرة عدديًا والمؤثرة اجتماعيًا كما يحب أن يصفها وإلى نص الحوار :
ما هى رسالتك لعيد الميلاد المجيد لهذا العالم؟
رسالتى لعيد الميلاد هى رسالة صاحب الميلاد نفسه، فقد جاء المسيح برسالة رجاء ومحبة فالظروف التى ولد فيها المسيح، فقد كانت الأمة اليهودية تعيش فى الظلام فى نواحٍ مختلفة سياسية واجتماعية، فقد كان الرومان مستعمرين اليهود يسلبون كل الخيرات، بالإضافة إلى الظلمة الروحية، فقد ظل اليهود 400 سنة بلا أنبياء وكأن الله توقف عن التحدث إليهم حتى جاءهم المسيح، فقد كانت خطاياهم تحول بينهم وبين الله، تبددت هذه الظلمة بميلاد المسيح الذى جاء بالأمل والرجاء والمحبة.ما هى الفلسفة التى تتبناها الكنيسة الأسقفية فى خدمة المجتمع؟
الكنيسة تعتبر نفسها جزءا من المجتمع فهى ليست فوق المجتمع ولا تحته بل شعب الكنيسة هم أبناء هذا الوطن، فمن المهم جدًا أن ننخرط فى الخدمة الاجتماعية، دور الكنيسة هو تجسيد حب الله فى المجتمع الذى تعيش فيه عن طريق خدمة هذا المجتمع بلا تفرقة بين مسلمين وأقباط ومن ثم نخدم فى محاور متعددة هى الصحة والتعليم والتنمية وخدمات أخرى مثل اللاجئين والسجون.ما هى طبيعة الخدمات التى تقدمها الكنيسة الأسقفية للسجناء؟
كل أسبوع نوفد مجموعة من الخدام للسجن، تقابل السجناء تسمع لهم وتشجعهم وتهون عليهم وعادة تسمح لنا وزارة الداخلية بزيارة السجناء الأجانب لأنهم بلا أهل فى مصر ونحاول أن نقوم بدور أهلهم، ونتلقى من أهلهم الرسائل ونوصلها لهم، وفى بعض الأوقات يرغب أهاليهم فى إرسال هدايا أو نقود وتصل عن طريقنا أيضًا، كذلك فإن وزارة الداخلية مهتمة بالجانب الروحى والنفسى لهؤلاء السجناء فشجعونا على إقامة قداس شهرى لهم داخل أسوار السجن، وأزورهم بنفسى فى الأعياد.
تقدم الكنيسة الأسقفية خدمات متعددة للاجئين فما طبيعة تلك الخدمة؟
هذه الخدمة بدأت فى الإيبارشية هنا بعد حرب الخليج وتحديدًا عام 1991 إذ استقبلت الكنيسة عددا من الفلبينيين والبنجاليين وبموافقة الدولة حولنا بدروم الكاتدرائية لمركز إيواء حتى عادوا إلى بلادهم، بعدها بدأت الحروب الأهلية فى أفريقيا وتوافد اللاجئين علينا ثم نظمنا تلك الخدمة وألحقنا بها مكتب وعيادة وهكذا حتى أصبحت مفوضية اللاجئين تتعاقد معنا على تقديم الخدمات الصحية والإيواء والسكن وغيرها.انخرطت الكنيسة الأسقفية فى مجال الحوار الإسلامى المسيحى منذ سنوات.. فهل لمستم نتائج فعلية؟
نعمل بالتعاون مع مؤسسة مصر الخير منذ عام 2013 فى مشروع معًا من أجل مصر الذى يضم الشيوخ والقساوسة وتحت مظلة مؤسسة بيت العائلة المصرية، واستمر المشروع ثلاث سنوات ولمسنا نتائج إيجابية وشيخ الأزهر أشاد به فى مجلس اللوردات الإنجليزى، ثم فكرنا فى خدمة الشباب وكانوا يعتبرون قضية الحوار مجرد شو إعلامى فانخرطوا فى أعمال مجتمعية مثل الجرافيتى والإسعافات الأولية وتشجير المجتمعات المحلية وشعر الشباب بقيمتهم فى المجتمع وبقدرتهم على التغيير، ومن بين المواقف التى تفرحنى بشكل شخصى هو أن وفدًا من المسلمين جيران الكنيسة هنا طلبوا منى أن أتوسط لأفتح لهم مسجدا صغيرا كانوا يقيمون الصلاة فيه جوارنا، ولكن وزارة الأوقاف أغلقته لأنه أصغر من 60 مترا وبالفعل تحدثت مع وزير الأوقاف وأعاد افتتاح المسجد، وهذا الطلب كان «نيشان» على صدرى وتكريما من أهل المنطقة لى.ما الذى دفع الكنيسة الأسقفية للاتجاه لمجالى التعليم والصحة؟
منذ بداية تواجد الكنيسة فى مصر، لدينا مستشفيان الأول تأسس فى منوف عام 1910، والثانى فى مدينة السادات افتتح فى 2010 أى بعد مئة سنة من إنشاء المستشفى الأول، ولدينا عيادة متنقلة تخدم فى المناطق المحرومة وهدفنا تأسيس مدارس لأن الدولة تحتاج إلى 37 ألف مدرسة وطلبنا تخصيص أراضٍ لإنشاء مدارس على مستوى عالٍ، كذلك هناك مدرستان تابعتان لنا فى المنوفية ابتدائية وإعدادية تخدمان المسلمين والأقباط بل إن عدد العاملين المسلمين أكبر من المسيحيين.
تخدم كمطران لشمال أفريقيا والقرن الأفريقى.. ما طبيعة وجود الكنيسة فى القارة السمراء؟
فى شمال أفريقيا لدينا كنائس صغيرة ولكن تواجدنا الأكبر فى القرن الأفريقى، فنمتلك 141 كنيسة فى إثيوبيا تتبع لرئاستى مباشرة ولإقليم مصر، ونحاول أن نؤسس مشروعات تنموية هناك، فتعانى إثيوبيا من القبلية التى تؤدى للصراع المسلح أحيانًا خصوصًا المناطق المتاخمة للحدود جنوب السودانية، ومن ثم تواجدنا هناك هو وجود مصرى يخدم أهداف الدولة.ما هى أسباب الطلاق فى عقيدة الكنيسة الأسقفية؟
الكنيسة الأسقفية تطلق وتمنح تصريح جواز ثانى للطرف المظلوم، ومن بين الأسباب الزنا والعنف الزوجى وتغيير الدين والأمراض العقلية، والمشكلة هى أن الطلاق يتطلب الحصول على حكم محكمة، ومن ثم فأنا موثق لدى الشهر العقارى أستطيع التزويج ولا أستطيع التطليق، وأتمنى أن تتيح لنا الدولة تأسيس محاكم كنسية نمنح من خلالها أحكاما بالطلاق مثل ما يحدث فى الأردن وهى محاكم تتألف من عدة أعضاء حتى لا يصبح القرار حكرا على شخص واحد.حضرت فى إبريل الماضى اجتماع رؤساء الطوائف المسيحية حول قانون الأحوال الشخصية.. فماذا حدث؟
كان اجتماعًا لإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية، والحقيقة إن كل طائفة خصصت فصلا يضم شرائعها الخاصة، ومن ثم لم يعد القانون «موحدًا»، وفى رأيى المحاكم الكنسية أفضل حل لتلك المعضلة القانونية.
الكنيسة الأسقفية دخلت فى صراع قانونى مع الكنيسة الإنجيلية التى قالت إن كنيستكم مذهب تابع لها.. فما رأيك فى ذلك؟
الكنيسة الأسقفية طائفة مسجلة لدى الدولة المصرية منذ 1839 بينما تأسست الطائفة الإنجيلية بفرمان همايونى عام 1902 أى أن وجودنا يسبق الطائفة الإنجيلية فى مصر، وكل ما حدث أن عام 1980 إنه تم الاستيلاء على مدرسة تابعة لنا، بحجة أننا كنيسة إنجليزية تابعة للاحتلال ولكى نستعيد تلك المدرسة أقنعنا أحد المحامين أن نحرر ورقة صورية نقول فيها إننا تابعون للكنيسة الإنجيلية ورفضت هيئة قضايا الدولة تلك الشهادة عام 1991، بالإضافة إلى أن كل تصاريحنا ومخاطباتنا الرسمية مع الدولة تثبت أننا طائفة مستقلة غير تابعة للكنيسة الإنجيلية، ولكننا مستمرون فى الصراع القانونى، رغم أنه أمر محزن جدًا أن يتم ذلك بين كنيستين مسيحيتين، رغم أن القضايا مازالت منظورة فى المحاكم.كم يبلغ تعداد الكنيسة الأسقفية فى مصر؟
40 ألفا ولدينا 29 كنيسة و22 مؤسسة، وتعدادنا أكبر من الأدفنتست والروم الأرثوذكس، ومع ذلك هم طوائف معتمدة بينما نعانى نحن فى تلك الأزمة.تسمح الكنيسة الأسقفية برسامة المرأة قسيسة.. فلماذا لم تقدم على تلك الخطوة؟
ليس هناك أى أسباب دينية تمنعنا من هذه الخطوة، ولكنى أراعى فكرة أن الكنائس المصرية كلها متفقة على عدم رسامة المرأة فى هذا التوقيت لأسباب اجتماعية، ولا نرغب فى إحداث انقسام كنسى ومجتمعى، فنحن مهتمون بوحدة الكنيسة ولا نريد تعكير وحدة الصف الكنسى.
ما موقف الكنيسة الأسقفية من قضية المثلية الجنسية؟
إذا وجدت شابا مثليا من بين الرعية فى الكنيسة فلا بد أن أرعاه وأقدم له كل محبة لكى أشجعه أن يعيش وفقا للكتاب المقدس الذى يعتبر الشذوذ الجنسى خطية، ومن الواجب علينا ألا نصاب بالفوبيا من المثليين لأن ذلك يجعلنا غير مسيحيين فالمسيح أمرنا أن نحب كل الناس.ما رأيك بشكل عام فى أوضاع المسيحيين فى مصر حاليًا؟
هناك تحسن غير عادى ومن ينكر ذلك ظالم بلا شك، هناك الكثير من الكنائس الجديدة تبنى وتعيين الأقباط فى الوظائف العليا فى ازدياد، وكذلك فى البرلمان فلم يكن لدينا إلا 5 يعينهم الرئيس، أرى أن الرئيس السيسى يؤكد على قضية المواطنة، والدولة قبلت أوراقى لكى أقنن أوضاع كنائس تابعة لى وفى نفس اليوم طعن محامى الطائفة الإنجيلية ضدى وهو أمر أحزننى بشدة.