ربما لم تثير رواية بريطانية الجدل فى المنطقة العربية والعالم الإسلامى، مثلما أثارت رواية "آيات شيطانية" للروائى البريطانى من أصل باكستانى سلمان رشدى، بعدما أصدر قائد الثورة الإسلامية الشيعية فى إيران، ومؤسس دولتها الإسلامية، الخمينى فتوى بإهدار دم صاحبها بحجة أنها تحمل إساءة للنبى محمد وللمسلمين.
وتمر اليوم الذكرى التاسعة والعشرين، على قيام الزعيم الديني الإيراني علي خامنئي بإعلان تأييده لفتوى أصدرها سلفه الخميني بإهدار دم سلمان رشدي، وذلك فى 26 ديسمبر عام 1990، لكن هذه الفتوى أثرت على الكاتب البريطانى الذى تعرض للمطاردة من المتطرفين، وهدد بالقتل أكثر من مرة، إلا أنها حققت مبيعات عالية جدا فى المنطقة، بل وجعلت تلك الفتوى الرواية سالفة الذكر من الروايات الأكثر طلبا فى العقود الثلاثة الماضية.
ويرى الكاتب والمفكر الجزائرى، أمين الزاوى، أنه حين أطلق الخميني على أمواج إذاعة طهران فتواه، كان ذلك في الرابع عشر من فبراير (شباط) العام 1989، ضد الروائي البريطاني ذي الأصول الهندية سلمان رشدي مطالباً برأسه، لم يكن يتصوّر ما يحدث الآن، إذ القراء يلتحمون بنصوص الروائي والشعب الإيراني الباحث عن الحرية ينفصل عن الأفكار المحنطة التي تريد العودة بالمواطنة الإيرانية إلى زمن "الأمة".
وأضح "الزاوى" فى مقال له نشر بعنوان "وأخيراً.. انتصر سلمان رشدي على نظام الملالي بإيران" أنه حين أصدر الخميني فتواه مطالباً بإهدار دم الروائي سلمان رشدي على خلفية صدور رواية (آيات شيطانية) 1988، كان ذلك في عز تألق نجم "الخميني" الذي صنعه الغرب بدقة، إذ بهذه الفتوى أملى على "الجميع" قراءة خاصة للرواية التي أُوِّلَتْ من قِبل المتدينين المتطرفين، واعتبروها استهزاءً بالنص القرآني وبشخصية الرسول محمد، وأخرجوها من حيزها الفني، ولكي يعطي لنفسه حجماً من خلال إثارة "غوغاء الدين" ضد الروائي رصد لـ"قطف رأسه" قيمةً ماليةً كبيرةً وصلت إلى ثلاثة ملايين والنصف مليون تقريباً (3.3 مليون دولار).