الحضارة اليونانية القديمة شأنها شأن كل الحضارات التى سبقتها، تعددت فيها الآلهة، فألهوا الطبيعة وظواهرها وعبدوها حيث جعلوا السماء والأرض والبحر آلهة، بل وجعلوا لكل مدينة آلهتها الخاصة بها، حتى وإن تكررت بعض أسماء تلك المعبودات مع المدن الأخرى، ولم يقفوا عند هذا الحد بل جسدوا تلك الآلهة وجعلوها الإنسان ىف جميع صور حياتها النفسية والجسمانية.
وبحسب كتاب "خلاصة تاريخ اليونان والرومان" للمؤرخ الراحل جورجى زيدان، كان اليونانى القديم يعتقد بثلاثة صفوف من الآلهة وهى السماوية والبحرية والسفلى، وكانوا يظنون أن الأولى تسكن فى أعالى السماء، والثانية فى البحر، والثالثة فى الأماكن المظلمة تحت الأرض، وكان لديهم فضلا عن هذه الآلهة أنواع أخرى من الآلهة السفلى التى كانت تسكن الأحراج والينابيع ومجارى المياه.
فالآلهة السماوية فى التاريخ اليونانى هى جوبيتر وأبولو والمريخ وعطارد وباخس وفلكان ويونيو ومنارفا والزهرة والزهر وديانا وسيرس وفستا، وأعظم هذه الآلهة جوبيتر، وكان اليونانيون إذا حصل رعد أو برق يظنون أن جوبيتر قد غضب عليهم، وكانوا يحتفلون مرة كل أربع سنوات احتفالا شائقا يلعبون ألعابا يدعونها ألعاب الأولمبوس.
ويوضح المؤرخ جورجى زيدان أن اليونانيين كانوا يزعمون أن أبولو ابن جوبيتر، وأنه سائق لمركبة أبيه وهى الشمس تجرها أربعة من الخيل المسرجة تسير بها حول العالم كل يوم، وكان أبولو عندهم ايضا إله الموسيقى والشعر والطب وسائر الفنون الجميلة، ورئيسا على الوحى فى دلفى حيث يأتى من أقصاء العالم ليفتشوا عن حوادث المستقبل.
وكان "المريخ" إله الحرب وعطارد إله اللصوص وباخس إله الخمر، وفلكان إله الحدادين، ويظهر أن هذا الأخير أنفع آلهة الوثنيين، لأنه كان حدادا عظيما يشتغل بنشاط على سدانه.
أما الزهرة فاتخذوها إلهة الجمال، وكانوا يصنعون لها تماثيل على شكل امرأة جميلة لها ابن اسمه كوبيد يزعمون أنه يرمى الناس بالنبال، أما نبتون فكان رئيس آلهة البحر له عربة فى شكل صدفة بحرية تجرها أفراس أذنابها كأذباب الأسماك، فإذا مخرت الأمواج يحيط بها سرب من وحوش البحر يقال لها: تربتون.
أما رئيس الأماكن السفلى، فيوضح الكتاب سالف الذكر، أنه كان اسمه بلوتو، وكان يجلس على عرش من حجر الكبريت فى يده الواحدة صولجان وفى الأخرى مفتاحان، وكان عند اليونانيين فضلا عن هذه الآلهة فئة يقال لها: الجبابرة، نصف أجسامهم إلهية، والنصف الآخر بشرية، ومن هؤلاء الجبابرة هرقل وهو أشهرهم بالقوة.
ويوضح كتاب " المؤثرات الدينية فى الفلسفة اليونانية" للدكتور محمد رزق موسى أبو حسين، أن قدماء اليونان اعتقدوا أن وراء الطبيعة أربع قوى تسيطر على العالم وتشرف على شئونه هى : القدر، والآلهة، والآلهة الصغرى، والأبطال.
القدر
هو إله أعمى قاس لا يرحم فى التاريخ اليونانى، تخضع له الآلهة والبشر وجميع ما فى السماوات والأرض والبحر والدار الآخرة، فالقدر هو تلك الحتمية التى تجرى بمقتضاها أحداث العالم ولا يستطيع زيوس أقوى الآلهة أن يثنى إرادة القدر من اجل صالح الآلهة أو البشر، ويصور القدر والكرة الأرضية تحت قدميه، ممسكا بيديه الصندوق الذى يضم مصير البشر.
الآلهة الكبرى
تروى الأساطير أنه لم يكن هناك فى البدء سوى الفراغ، ومن بعد الفراغ أو الهيولى نشات جايا، أى الأرض موطن جميع الآلهة ومن الفراغ نشأ الظلام ومن الظلام أنجيب الليل نور السماء وضوء النهار.
أما جايا "الأرض" فكان أورانوس او السماء هو أول من أنجبته ليكون زوجها، قد تمخضت عن جايا كل الجبال التى تأوى الحوريات والعرائس، وكذلك البحار وكل الأنهار، وفى مقدمتها أوقيانيوس إله النهر الذى تنبع منه كل الأنهار.
ومن زواج الأرض جايا بالسماء أورانوس جاءت المردة وهم الجبابرة وهم مخلوقات شيطانية غلاظ القلب، محبة للعنف والفوضى وكان أصغرهم كرونوس وأحته ريا وهما والدا زيوس مما أقلق أباهم الأورانوس فألقى بهم فى الجحيم وكلن الأرض استاءت لفعله وعز عليها أن ترى أبناءها سجناء الجحيم فحرضتهم على الثورة على أبيهم، وأمدتهم بمعدن الحديد، ليصنعوا سلاحا، وتزعم المردة كرونوس الذى استطاع أن يتقص لإخوته بأنه عزل أباه أورانوس عن عرشه وتربع مكانه.
الآلهة الأوليمب
آلهة الأوليم
تصور خيال الأغريق أن الآلهة الأولمبية عددها إثنا عشرة ربا وربة من الناحية الرسمية، و14 ربا وربة من الناحية العرفية، وأقد أخرجت الأساطير أورانوس وجايا وكرونوس وريا من عالم آلهة الاوليمب وجعلت من زيوس وبوسيدون وهاديس على رأس ثلاث ممالك تمثل الكون وههى السماء والبحار وعالم الموتى، بينما أسندت لباقى الآلهة الأثنى عشرة مهام أخرى، وهى:
زيوس
زيوس
هو جوبيتر، عند الرومان، حاكم العالم ورئيس سائر الآلهة والبشر، رب السماوات والأرض، حامى النظم وراعى الأمن ومقيم السلام، سيد الأوليمب.
هيرا
هيرا
هى جونر، عند الورمان، وهى شقيقة زيوس وزوجته الشرعية، وكانت الربة المختصة بشؤون النساء والحامية للزواج وللأسرة إلى جانب معبدها فى أولمبيا، عبدت فى مدينة أرجوس فى أسبرطة وكذلك فى جزيرة ساموس بالقرب من شاطئ آسيا الصغرى.
بوسيدون
بوسيدون
هو نبتون، عند الرومان، إله البحار والمحيطات والينابيع والأنهار، له سلطان على العواصف والرياح ويرسل الخراب أو يهب السلامة للملاحين، ويشرف على جميع العمليات البحرية كالصيد والتجارة والبحرية وكان يمسك بالأرض حتى لا تهتز أو ترتجف، فإذا أراد شرا بالناس هز الأرض، فتحدث الزلازل والبراكين.
هاديس
هاديس
هو بلوتو عند الرومان إله العالم السفلى المظلم حيث كانت تذهب أرواح الموتى وفقا لتصور الإغريق، ومن ألقابه أوركوس وديس، وكان إله الموتى لا الموت نفسه المسى عندهم ثناتوس واسم هاديس معناه غير المنظور او الخفى الذى لا تراه العين، وهو أخو زيوس وزوج برسيفونى "عذراء الحنطة" التى اختطفها وضاجعها عنوة.
ديميتر
ديميتر
هو كيريس عند الرومان، إلهة الخصب والزراعة والأرض، وكانت عبادتها موجودة فى بلاد الإغريق منذ زمن بعيد أى قبل قدوم الآخيين كان اسمها أصلا ديو، ثم أضاف إليها الإغريق لفظ ميتر ومعناها ام الأرض أو ربة الأرض، وهى ابنة كرونوس وريا وشقيقة زيوس الذى شغف بجمالها فكان له منها برسيفونا، وأحبها أيضا بوسيدون فأنجب منها أريون.
هستيا
هستيا
هى فستا، عند الرومان، ربة الموقد الذى يوجد فى المنزل أو يتوسط ساحات المدن كرمز للحياة، اعتبر الإغريق الموقد من أهم أجزاء البيت، ولذا اعتبرت هستيا ربة الدار وراعية الأسرة والساهرة على سعادتها وراحتها، وقد غالت الأساطير الإغريقية فى تمسكها بعذريتها حتى تنافس فى طلب يدها كل من بوسيدون وأبوللون ولكنها رفضت، وحاول بريابوس إله الخصب اغتصابها دون جدوى وظلت عذراء من أجل أن تقدم لها الذبيحة الاولى فى اى قربان لكراهيتها الحرب والمنازعات.
هيفايستوس
هيفايستوس
هو فلولكانوس، عند الرومان، رب النار سواء التى تصدر من البراكين أو التى يشعلها الإنسان كما كان أيضا رب الحدادة، يوصف عند هوميروس بأنه ابن زيوس وهيرا، وعند هزبود بأنه بن هيرا التى أنجبته وحدها انتقاما من زيوس الذى أنجب أثينا من رأسه، وهو نادر الظهور فى الأعمال الفنية، وقد وصفته الأساطير بأنه اعرج، وذلك لأن امه هيرا لم تعجبها خلقته المشوهة بعد ولادته فألقت به من السماء فأصيب بكسر فى ساقه.
أثينا
أثينا
هى مينرفا باللاس، عند الرومان، إلهة الحكمة والعقل والفنون وهى بنت زيوس جاء بها سفاحا من الحكيمة متيس، بعد أن ضاق بها ذرعا وخاصة بعد أن أنذر من خطر الإنجاب منها، فقرر أن يتخلص منها، فابتلعها فى جوفه، وما أن فعل ذلك حتى أصيب بصداع فى رأسه، ونودى على إله الحدادة هيفايستوس فشق رأسه بفأسه وسرعان ما قفزت أثينا من رأسه مدججة بالسلاح تصرخ صيحات الحرب، وقد ورث عن امها الحكمة، كما كانت ربة الحرب والنزال وحامية الصناع.
أريس
هو مارس، عند الرومان، إله الحرب عند الإغريق وهو الإله الأوليمبى الوحيد الذى أنجبه زيوس من زوجت الشرعية هيرا، وتصور الأساطير هذا الإله محاط بحاشية تتألف من عدة آلهة وأنصاف آلهة منها إيريس إله الفتنة والشقاق، وديموس إله الذعر، وفوبوس إله الرعب، وإينو وكيرس القتل والموت العنيف، وتروى الأساطير أنه كان عشيق لأفروديتى وأن زوجها باغتهما وهما فى حالة مريبة وفوضعهما فى شبكة حديدية وثاثهما على هذا الحال ليكونا سخرية للآلهة.
أفروديت
أريس
هى فينوس، عند الرومان، وتسمى كوثيريا او إروكينا أو كوبويس، أو بافيا، أو أورانيا، أو بانديموس أو بيلاجيا أو أنادومينى أى الخارجة من المياه هى إلهة الحب والعشق والجمال والتناسل، تروى الأساطير انها خرجت من زبد البحر الذى سقطت فيه الأعضاء المبتورة من جسد أروانوس وتروى أساطير أخرى إنها ابنة زيوس جاء بها سفاحا من ديونى إحدى النيمف، أى بنات المحيط وأحد ألهة إناث البحار والأنهار.
أبوللون
هو أبوللو عند الرومان، رب الشعر والموسيقى والشباب ويسمى ديليوس وهيليوس ولوكيوس وقد ولد مع أخته أرتميس، حيث أنجبته أمها ليتو من زيوس، ولذا يظهر دائما ممثلا مع أمه وأخته أو فى صحبته أخته أرتميس، وعرف أبوللون بأنه رب النبوءات والطهارة والطب والموسيقى وسائر الفنون الجميلة وقد أقيمت له معابد شتى فى كثير من أرجاء اليونان.
أرتميس
أرتميس
هى ديانا، إلهة الصيد عند الرومان، ومن أسمائها القديمة كيبيلى وما وبريتومارتيس وإجروتيرا، أى سيدة البرارى، وهى ابنة زيوس وليتو وتؤام أبوللون، وقد اعتبرها المفكرون والفنانون الإغريق رمزا للكمال والجمال العذرى، حيث فضلت أرتميس أن تعيش عذراء من أن يدنسها ذكر، واهبة حياتها للأدغال والمراعى.
ديونيسوس
ديونيسوس
هو باكوس عند الروما، إله الخمر، وهو ابن زيوس جاء به سفاحا من سيميليا وهى من البشر بنت كاد موس من هارمونيا، وتروى عنه الأساطير أن أباه زيوس قد حقد على أمه فأرسل عليها صاعقة قضت عليها وهى حامل بديونسيوس، وعندئذ انتقل جنينها إلى فخذ أبيه حيث قضى ما بقى من مدة الحمل، ثم وضعه أبوه بجبل نيزا حيث قامت برعايته النيمف ولما اشتد ساعده تعلم زراعة الكروم من سيلين وهو نصف إله وكانت مضحكا للآلهة.
هرميس
هو مركوريوس إله الطرق عند الروما، اشتق اسمه من هرما او هرمايون بمعنى كومة من الحجارة او نصب حجارى، وهو إله مينوى الأصل وعبده البلاسيجيين فى كريت وأركاديا بوصفه ربا للطرق ومرشد المسافرين والتجار، وهو ابن زيوس من الحورية "مايا" ابنة "أطلس" وقد أصبح بوصفه إله المسافرين إله الخط والتجارة والدهاء.
الآلهة الصغرى
إلى جانب الآلهة الكبرى كان هناك عدد كبير من الآلهة الصغرى مثل الرسل والحاشية للآلهة الصغرى مثل: إيريس، رسول الآلهة، وهيبى ربة الشباب والصحة وإيروس الحب الذى جعله هزيود خالق عالم، وجانميد الطفل، وآلهة الريف والمراعى والغابات وعلى رأسها الرب الأركادى، وآلهة المحيطات والبحار وجميعهم اتباعا لبوسيدون ويأتى على رأسهم أمفتريتى، ورباب الفن التاسع وكان لهم تسع إلهات للفن تلهم الفنانين والشعراء: كليو "التاريخ"،ويوتربى "الشعر الغنائى"، وثاليا "للمسرحيات الهزلية"، ومبلومينى "للمآسى"، وتربسكورى "للرقص المصحوب بالغناء"، وإراتو "للشعر الهزلى"، وبولمنيا "للترانيم" وأورانيا للفك وكليوبى للملاحم الشعرية.
الأبطال
أجاممنون
كان الإغريق يقدسون أبطالهم ويرفعونهم إلى مرتبة الألوهية أو أنصاف الآلهة، وترجع الأساطير الفضل إلى الأبطال فى تأسيس حضارة اليونان ونهضتهم، ومن أشهرها أخيل وهو أشجع أبطال اليونان، وباتروكل صديق أخيل الحميم وكان له شأن كبير فى الحرب، وأجاممنون أعظم ملوك اليونان فى عصره، ومينيلاس شقيق أجاممنون وزوج هيلانة التى كان خطفها سببا فى حرب طروادة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة