منذ جلوسه على سدة كرسي مارمرقس، أولى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية خدمة الرعاية الاجتماعية عناية خاصة إذ أطلق سلسلة من المشروعات والبرامج لخدمة المحتاجين وإخوة الرب بالشكل الذى يضمن لهم الحصول على مساعدات مادية وعينية وصحية بشكل كريم.
خصص بابا الإسكندرية شهر ديسمبر من كل عام للاجتماع بالأساقفة والكهنة والخدام العاملين في مجال الرعاية الاجتماعية فعقد هذا الشهر اجتماعات مع كهنة الوجه البحرى وكهنة الوجه القبلى وكهنة القاهرة من أجل الوقوف على ما قدمته الكنيسة من مساعدات فى العام المنصرم ، كذلك كرم البابا الايبراشيات التي حققت نجاحًا ملموسًا في هذا الملف.
في الوجه البحري تم، تكريم ثلاث إيبارشيات وهم ايبارشية البحيرة تحت رعاية المطران الأنبا باخوميوس وإيبارشية بورسعيد تحت رعاية نيافة المطران أنبا تادرس وإيبارشية طنطا تحت رعاية المطران أنبا بولا لتميزهم بالإهتمام بمجال التعليم.
البابا تواضروس أوضح لليوم السابع فلسفة مشاريع الرعاية الاجتماعية تلك وقال: من ستة سنوات بدأنا استراتيجية محددة لبرامج الخدمة الاجتماعية فهى تشمل المساهمة فى زواج البنات، ودعم التعليم الجامعى وما قبل الجامعى وحالات المرض، والعمليات والفحوصات، بدأنا فى السنة الأولى بكنائس القاهرة ثم عممناها على القاهرة الكبرى ثم وجه بحرى والقناة ثم وجه قبلى كله، هذه المنظومة تدار بالرقم القومى، بحيث يتم تسجيل بيانات متلقى الخدمة، وهو ما يمنع أى صورة من صورة الاحتيال، ويقدر الاحتياجات الرعوية من خلال حصرها ومعرفتها بدقة، وبعد أن انتهينا من حصر متبرعى الكنائس بدأنا العمل على خدمة المؤسسات الخيرية، وأصبح لدينا خطة واضحة لمواردنا ومن يعمل عليها ومن يحتاج لها، وجعلنا المؤسسات الخيرية كشركاء للتنمية يعملون تحت مظلة أسقفية الخدمات.
وكشف البابا تواضروس عن أرقام توضح حجم ما تقدمه الكنيسة من مساعدات فقال: فى القاهرة فقط ساهمنا بما يزيد عن 11 مليون جنيه فى تزويج الفتيات فى 10 شهور، أى أكثر من مليون جنيه شهريًا، وهى أرقام كبيرة، وبالتوازى مع ذلك حالات العلاج الدوائى التى بلغت 12 مليون إضافة للعمليات الدقيقة مثل زرع قوقعة الأذن وفص الكلى التى تخطت 20 مليون، وهى مجرد دليل على حجم العمل، إضافة إلى مساهمات الأطباء وتبرعاتهم.
وضرب البابا مثلا : هناك برنامج يسمى «بنت الملك»، وهو دفتر توفير للفتيات من عمر 14 سنة، حتى تصل سنا مناسبة للزواج فتجد مبلغ يساعدها على الزواج بكرامة، وهى أموال تستثمر فى البنوك ومكاتب البريد، أما مساهمتنا فى التعليم فهى برنامج «علم ابنك»، وهو عبارة عن مجموعات تقوية بأعداد قليلة تعقد فى الكنائس لمساعدة الأسر البسيطة على تعليم أبنائها، وهى أنظمة نحولها من المساعدة النقدية إلى التنمية.
أما بالنسبة لمشروعات المكتب الباباوى، أشار البطريرك: حين بدأت خدمتى كبطريرك، أردت أن أشجع الأساقفة على إنشاء المدارس والمستشفيات، لأنها تخدم المجتمع كله، وهى مساهمة صغيرة جدا من الكنيسة جوار جهود الدولة، فأسسنا كيانا هو المكتب الباباوى للمشروعات، ونعنى أنه يحظى باهتمامى المباشر، وأنشأناه من خمس سنوات، وأصبح المكتب همزة وصل بين الكاتدرائية والإيبراشيات، فكلما جاءنا متبرع سألناه «تحب تبرعاتك تروح فين؟» فيجيب: مبانى الكنائس، أو علاج أو زواج وغيرها، وضمن المكتب صندوق يؤسس مدارس أو عيادة أو مستشفى.
فيما قال القمص بيشوي شارل سكرتير البابا للرعاية الاجتماعية، أن المكتب يتبنى أربعة برامج بشكل رئيسي الأول هو كشوف البركة إذ رأى البابا تواضروس أن يضع كافة عائلات الرعاية الاجتماعية أو إخوة الرب على قاعدة بيانات موحدة قوامها وأساسها الرقم القومى للفرد، لأنها التفصيلة الوحيدة التى لا تتكرر مرتين، وندخل كافة بيانات عائلات الرعاية الاجتماعية على مستوى الكرازة فى مصر، ونلتزم بسرية هذه البيانات، لأنها تتضمن سيرة ذاتية وبحث حالة كامل عن تلك الأسر، وبدأ عام 2013 بتشجيع البابا تواضروس بفكره الإدارى، لأنه رأى أنه من غير اللائق أن يتجول إخوة الرب على الكنائس يطلبون العطايا بشكل ينتقص من كرامتهم.
واستكمل سكرتير البابا: بدأنا المرحلة الأولى عام 2013 بكنائس القاهرة وأدخلنا معظم الحالات، وفى نهاية العام التقى البابا بالآباء الكهنة المسئولين عن خدمة الرعاية الاجتماعية، وعرضنا عليه نتائج الخطة الخمسية وشجع البابا المشروع وأعطانا دفعة لنبدأ العام الثانى، مضيفا: فى بداية 2015 بدأت المرحلة الثالثة، وأدخلنا إيبراشيات وجه قبلى وبحرى ومحافظات القناة، ونظمنا مؤتمرات لشرح الفكرة، وفى نهاية العام تمكنا من ضم أغلب عائلات الرعاية الاجتماعية على برنامج موحد للخدمة.
وواصل: الكنيسة تهدف من ذلك إلى تطبيق مبدأها "الكنيسة جسد واحد" ولا بد من أن يصل الدم لكل أعضاء الجسم، وحين جمعنا كافة كنائس الجمهورية تبين لنا الكنائس المحتاجة من الكنائس التى يمكنها مساعدة المحتاج، والمجمع المقدس أوصى أن إيرادات الكنائس توزع على النحو التالى: 30% لخدمة الرعاية الاجتماعية، و30% للإدارة والمرتبات و30% للمبانى، و10% للطوارئ، والـ30% المخصصة للفقراء لها الأولوية فى كل شىء، وبعدما تم تسجيل كل العائلات على قاعدة البيانات، قسمنا الكنائس إلى 3 درجات "أ" و "ب" و "ج"، الكنيسة "أ" صاحبة وفرة الموارد، والكنيسة "ب" مواردها متوسطة، والكنيسة "ج" مواردها قليلة والمحتاجين بها كثر، فقررنا أن تساعد الكنيسة "أ" صاحبة الموارد الكثيرة، الكنيسة "ج" قليلة الموارد، وذلك من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية، وتوصلنا أيضا للمناطق الأكثر احتياجا والأقل وصولا للخدمات، وحددنا بدقة من يحتاج أكثر من غيره.
واستطرد: السنة الرابعة فى خطتنا الخمسية خصصناها للتعامل مع الهيئات والمؤسسات والجهات المانحة وكبار المعطائين من شعب الكنيسة لنتواصل معهم وننظم هذه العملية عبر البرنامج، ونعمل تحت رعاية البابا شخصيا وبالتنسيق مع أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية عبر نظام عنقودى منظم، ومن خلال بحوث الحالة نحصر بإحصائيات معينة عدد الحرفيين فإذا كان أمامنا رجل أعمال يحتاج لحرفة معينة نوفر له من خلال البرنامج.
وتابع: شعارنا هو الآية التى تقول "كل من سألك أعطه"، وفعلا نحن نعطى كل السائلين ولكن على قدر حاجته وأهميتها بالنسبة له، ونحن نقدم نظاما موحدا يضمن تقديم كافة أنواع العطايا والمعونات، وبحث الحالة يوضح الإصابة بالأمراض، وطبيعة المؤهلات أو الحرف وعدد العاطلين فى الأسرة لكى نقدم الأدوية للمرضى ونوفر فرص عمل للعاطلين، وأصبح لدينا خطاب موحد صادر من المقر الباباوى يوزع على كافة الإيبراشيات تملأ فيه البيانات برقم الأسرة والرقم القومى والكنيسة التابعة وحجم المساعدة ويسمى نموذج طلب المساعدة ومن الممكن أن يطلب السائل نقدا أو دواء أو وظيفة، وتوفر الكنيسة العلاج أو مصاريفه دون أن نحدد كيفية المساعدة، فهناك إيبراشيات بها مثلا خمسين حالة فيروس سى، تعمل الكنيسة على توفير العلاج نفسه أو ثمنه وحين تشترى الكنيسة الأدوية بالجملة تحصل على خصومات ونوفر أموالا ونسهل الأمور.