منطقة أرض اللواء وغيرها من المناطق المأهولة بالسكان شهدت خلال الفترة الماضية حالة من الشد والجذب بين الملاك والمستأجرين، وذلك عقب أتجاه ملاك العقارات لرفع دعاوى طرد على أكثر من 5000 أسرة من قاطنى هذه المنطقة والذين استأجروا وحداتهم قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 وفى ظل قانون ايجار الاماكن رقم 49 لسنة 1977.
المُلاك والمؤجرون بمنطقة "أرض اللواء" استندوا فى دعاوى الطرد على أن المنطقة لا تخضع لأحكام قوانين إيجار الاماكن وأن العلاقة فيما بين المالك والمستأجر تنظمها أحكام القانون المدني، وذلك لأنها ليست من ضمن المدن ولا تدخل فى الحيز العمرانى للمدن، وبالتالى تخرج من نطاق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977.
هل منطقة أرض اللواء تخضع لأحكام قانون الإيجارات أم القانون المدنى؟
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية فى منتهى الأهمية تشغل قاطنى منطقة "أرض اللواء" وغيرها من المناطق السكنية، تتمثل فى السؤال حول: هل منطقة أرض اللواء تخضع بشكل واضح وصريح لأحكام قانون الإيجارات رقم 49 لسنة 1977 أم تخضع لأحكام القانون المدني؟ ذلك السؤال الذى تناقلته الألسن فى الفترة الأخيرة والإجابة عليه تستتبع أمر تشريد أسر بأكملها أو منحهم الحماية القانونية لبقائهم فى وحداتهم المستأجرة – بحسب الخبير القانونى والمحامى أحمد عبد القادر.
لا شك أن منطقة أرض اللواء وغيرها من المناطق السكنية أثارت الكثير من التساؤلات فى الفترة الأخيرة، حيث إن الأمر أصبح يشغل بال الكثيرين وبالأخص سكان مناطق المعتمدية وأرض اللواء وبعض مناطق الجيزة، وقد امتد هذا الاتجاه ليشمل بعض مناطق محافظة القليوبية مثل منطقة الخصوص على سبيل المثال، إلا أننا كما ذكرنا فى السؤال سالف الذكر هل منطقة أرض اللواء تخضع لأحكام قانون الإيجارات أم القانون المدنى؟، وذلك فى محاولة للخروج من الأزمة الموجودة حاليا بين المؤجر والمستأجر فى تلك المنطقة.
كيف كانت كلمة "مشاهرة" مفتاح سر الخروج من الأزمة؟
فى البداية – من المتعارف عليه قديما وقبل صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والذى أرجع تنظيم العلاقة فيما بين المالك والمستأجر لأحكام القانون المدنى كانت العلاقة بين المؤجر والمستأجر ينظمها أحكام قانون ايجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 والذى أعتاد الناس فى ذلك الوقت على تدوين كلمة "مشاهرة" فى خانة المدة وجرت العادة فى ذلك الوقت على عدم تحديد مدة للإيجار والاكتفاء بكلمة "مشاهرة" – وفقا لـ"عبد القادر".
إلا أنه مع تطور الأمر بشكل كبير واحساس المالك أو المؤجر بالظلم وبأن المستأجر قد تملك الوحدة وزاد من غضب الملاك أن قيمة المرافق التى تسدد للوحدة السكنية أصبحت أكثر وأضعاف أضعاف قيمة الاجرة، الأمر الذى أدى إلى تفكير عدد كبير من الملاك والمؤجرين إلى إقامة دعاوى الطرد على هؤلاء المستأجرين استناد لنص المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 حيث نصت تلك المادة علي:
"فيما عدا الاراضى الفضاء تسرى أحكام هذا الباب على الأماكن وأجزاء الاماكن على اختلاف أنواعها المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الاغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة، وذلك فى عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة – مدنا - بالتطبيق لأحكام القانون 52 لسنة 1975 بإصدار قانون النظام المحلى والادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 حاليا.. ويجوز بقرار من وزير الاسكان والتعمير مد نطاق سريان احكامه كلها أو بعضها على القرى بناء على اقتراح المجلس المحلى المشار إليه... إلخ".
لماذا يعتبر الملاك منطقة أرض اللواء قرية وليست مدينة؟
ومن ثم فإنه لكى تخضع العلاقة فيما بين المالك والمستأجر لأحكام هذا القانون يجب أن تكون الوحدة المستأجرة تقع فى حيز المدن أو عواصم المحافظات، وهذا ما يستند عليه ملاك العقارات بتلك الأماكن حيث يقومون برفع الدعاوى بالطرد تأسيساَ على أن منطقة أرض اللواء هى قرية، وبالتالى تخرج من نطاق تطبيق هذا القانون وترد للقانون العام وهو القانون المدنى وحيث نص القانون المدنى فى مادته 563 على أن:
"إذا عقد الايجار دون أتفاق على مدة أو مدة غير معينة أو تعذر أثبات المدة المدعاة أعتبر الايجار منعقد للفترة المعينة بدفع الاجرة وينتهى بانتهاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين"، وعليه يرفض المالك استلام الأجرة ويقوم بتوجيه إنذار رسمى للمستأجر برغبته فى إنهاء عقد الايجار، يأتى ذلك فى الوقت الذى صدرت فيه أحكام فعلاَ بفسخ العقد وإخلاء العين، مما جعل كافة ملاك الوحدات التى تم استأجرها قديما بهذه المناطق فى السير على هذا الطريق حتى بات ظاهرة تستحق الدراسة والرد عليها.
لماذا "أرض اللواء" تخضع لقانون إيجار الأماكن؟
وفى الحقيقة فإن "منطقة أرض اللواء" لا تخضع لأحكام القانون المدنى، وذلك لنزع فتيل الأزمة بين المالك والمستأجر لتلك المنطقة وغيرها من المناطق المجاورة لها الذين استأجروا واحدتهم قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 فإن أرض اللواء خاضعة لأحكام قانون إيجار الاماكن رقم 49 لسنة 1977 وليس لأحكام القانون المدني.
فقد نصت المادة 47 من القانون رقم 1977 بشأن تأجير وبيع الاماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن: "فيما عدا الأراضى الفضاء تسرى أحكام هذا الباب على الأماكن وأجزاء الاماكن على اختلاف أنواعها المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الاغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة، وذلك فى عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا بالتطبيق لأحكام القانون 52 لسنة 1975 بإصدار قانون النظام المحلى والادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 حاليا، ويجوز بقرار من وزير الاسكان والتعمير مد نطاق سريان احكامه كلها أو بعضها على القرى بناء على اقتراح المجلس المحلى المشار إليه.....الخ"، نصت المادة الأولى من قانون إيجار الاماكن رقم 49 لسنة 1977 على سريان أحكام هذا القانون على عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدنا وهذا هو الاصل العام.
استثناء فى تطبيق قانون إيجار الأماكن
ولكن قد أورد المشرع – الكلام لـ"عبد القادر" - استثناء على هذا الأصل حيث أعطى المشرع الحق لوزير الاسكان فى تطبيق قانون إيجار الأماكن وأحكامه على بعض القرى بناء على اقتراح من المجلس المحلى، ومن ثم فإذا كان الأصل العام هو عدم انطباق أحكام قانون ايجار الاماكن إلا على عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة – مدن - إلا أن هناك استثناء لا يجب أن يغض البصر عنه ألا وهو جواز تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على بعض القرى بناء على قرار وزير الإسكان.
رأى محكمة النقض فى الأزمة
محكمة النقض المصرية استقرت فى أحكامها على أن: "القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الاماكن المؤجرة وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 حدد فى بعض نصوصه الأحكام التى يتوقف تنفيذها على صدور قرار من وزير الاسكان والتعمير من بينها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الاولى من أنه:
"يجوز بقرار من وزير الاسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام الباب الاول منه كلها أو بعضها على القرى بناء على اقتراح المجلس المحلى للمحافظة وكذلك على المناطق السكنية التى لا ينطبق عليها قانون النظام المحلى " وطبقا لهذا النص واعمالا لحكم المادة 144 من الدستور يكون وزير الاسكان والتعمير هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة للفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه".
6 قرارات تفك اللغز لمنطقة "ارض اللواء"
ووفق قرارات وزير الإسكان بشأن سريان أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977على بعض القرى نجد أن منطقة "أرض اللواء" من ضمن الأماكن التى شملتها قرارات وزير الاسكان بخضوع عقود الايجار فى تلك المنطقة للقانون 49 لسنة 1977 وخضوع العلاقة فيما بين المالك والمستأجر لقوانين إيجار الاماكن وليس لأحكام القانون المدنى، وذلك تأسيسا على القرارات التالية:
1-القرار رقم 176 لسنة 1979 والذى جاء منطوقه كالتالي: "تسرى أحكام الباب الاول من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الاماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على القرى التالية بمحافظة الجيزة - قرية كرداسة"، وقد كانت منطقة أرض اللواء تابعة لقرية كرداسة أنداك.
2-ويعد انتقال تبعية منطقة أرض اللواء من قرية كرادسة إلى قرية المعتمدية صدر القرار رقم 474 لسنة 1983 والذى جاء منطوقة كالتالي: "تسرى أحكام الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الاماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على قرية المعتمدية مركز إمبابة بمحافظة الجيزة"، ومن ثم تظل مظلة قانون إيجارات الاماكن رقم 49تلقى بظلالها على منطقة أرض اللواء بموجب القرار 474 لسنة 1983.
3-وبموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 2005 والصادر بتاريخ 26/1/2005 اعتبرت قرية كرداسة مدينة وضمت إليها منطقة أرض اللواء ومن ثم أصبحت منطقة أرض اللواء داخلة فى حيز المدن فقد نص القرار على أن: "تحول قرية كرادسة بمحافظة الجيزة إلى مدينة باسم مدينة كرداسة – (المادة الثانية) - تنشأ الوحدة المحلية لمركز ومدينة كرداسة فصلا عن الوحدة المحلية لمركز أوسيم ويحدد نطاقها على النحو التالي: - مدينة كرداسة (عاصمة المركز) والوحدات المحلية لقرى... أرض اللواء".
4-وقد صدر قرار محافظ الجيزة رقم 1348 لسنة 2005 نفاذا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 2005 المشار إليه مسبقا وقد حمل قرار محافظ الجيزة ذات مضمون قرار مجلس الوزراء باعتبار قرية كرداسة مدينة.
5-القرار رقم 588 لسنة 2016 والصادر من مجلس الوزراء بشأن الغاء الوحدة المحلية لقرية أرض اللواء وضمها كشياخة لحى العجوزة، وبذلك وعلى وجه صريح وجازم تعتبر منطقة أرض اللواء "مدينة" يسرى عليها أحكام قانون إيجار الاماكن رقم 49 لسنة 1977 فقد نص القرار على أن: "تلغى الوحدة المحلية لقرية أرض اللواء الواقعة شرق الطريق الدائرى وتضم كشياخة إلى نطاق حى العجوزة وتنقل تبعيتها الامنية إلى قسم شرطة العجوزة".
6- الإفادة الصادرة من حى العجوزة والتى جاء مضمونها: "أن منطقة أرض اللواء تتبع حى العجوزة وأنها خاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 بناء على قرار محافظ الجيزة رقم 425 لسنة 2009 والفتوى الصادرة من مجلس الدولة برقم 93/26/516".
ملخص حل أزمة منطقة "أرض اللواء"
وبناء على ما تقدم - ومن واقع القرارات المنوه عنها سالفة الذكر فإن جميع عقود الايجار التى حررت قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 بمنطقة أرض اللواء يسرى عليها أحكام قانون إيجار الاماكن رقم 49 لسنة 1977 وليست خاضعة لأحكام القانون المدنى كون أن منطقة أرض اللواء كانت قديما تتبع قرية كرداسة ثم المعتمدية، وتلك القرى صدر لهم قرارات من الجهة المنوط لها اصدار قرار بخضوعهم لأحكام الباب الاول من قانون إيجار الاماكن رقم 49 لسنة 1977.
وأنه وفقا للحيز العمرانى المعتمد لمدينة الجيزة سابقا ومحافظة الجيزة حاليا لم تعد أرض اللواء قرية بل أصبحت تتبع حى العجوزة وفقا للإفادة الصادرة من الحى ومن ثم فإنه يسرى عليها قوانين إيجار الاماكن شأنها شأن أى مدينة.
وبذلك تكون كافة عقود الايجار التى حررت بمنطقة "أرض اللواء" قبل اصدار القانون 4 لسنة 1996 تخضع لأحكام قانون الايجارات رقم 49 لسنة 1977 وليس لأحكام القانون المدنى، ومن ثم فلا يحق للمؤجر أن يقيم دعوى بغية الطرد لعدم رغبته فى تمديد عقد الايجار لعدم تحديد مدة العقد حيث أن المادة 31 من قانون 49 لسنة 1977 والمعدلة بالمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد حددت على سبيل الحصر حالات الاخلاء والتى ليس من ضمنها عدم تحديد مدة العقد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة