تحيى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، غدا الاثنين، اليوم الدولى للفتيات والنساء فى العلوم، ويعد العلم والمساواة بين الجنسين أمرين حيويين لتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دولياً، بما فى ذلك خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
فعلى مدى السنوات الـ15 الماضية، استمر استبعاد النساء والفتيات من المشاركة الكاملة فى العلوم أقل من 30٪ من الباحثين فى جميع أنحاء العالم من النساء.
ووفقاً لدراسة أجريت فى 14 دولة، فإن نسبة احتمال حصول الطالبات على شهادة البكالوريوس ودرجة الماجستير والدكتوراه فى العلوم ذات الصلة هى 18% و 8% و2% على التوالى، بينما تبلغ نسبة الطلاب الذكور 37% و 18% و 6%.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت ديسمبر 2015 القرار 212/70 للاحتفال يوم 11 فبراير يوماً دولياً للمرأة والفتاة فى العلوم، وتهدف لدعم وتشجع وصول النساء والفتيات ومشاركتهن فى مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة وتعليم الرياضيات، وأنشطة التدريب والبحث على جميع المستويات.
وكشف تقرير صندوق النقد الدولى لعام 2018، تحت عنوان " النساء والتكنولوجيا ومستقبل العمل"، عن أن هناك نقصا فى تمثيل النساء بالمجالات التى تتزايد فيها فرص العمل، مثل الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ويشير التقرير إلى أن طريقة العمل تتغير بمعدل غير مسبوق. فعن طريق الأتمتة أو التشغيل الآلى وهو مصطلح مستحدث يطلق على كل شيء يعمل ذاتياً بدون تدخل بشرى فيمكن تسمية الصناعة الآلية بالأتمتة الصناعية مثلًا، حتى فى أتمتة الأعمال الإدارية، وأتمتة البث التلفزيونى، وهى عملية تهدف إلى جعل المعامل أكثر اعتماداً على الآلات بدلًا من الإنسان، وتتجه تقنيات الرقمنة والذكاء الاصطناعى وتعلُم الآلة إلى إلغاء كثير من الوظائف ذات المهام الروتينية التى تتطلب مهارات منخفضة ومتوسطة.
وتقدر مخاطر فقدان الوظائف بسبب التشغيل الآلى بمتوسط 11% فى حالة النساء ، مقارنة بنسبة 9% لنظرائهن من الرجال. وعلى ذلك، فبينما يفقد كثير من الرجال وظائفهم بسبب التشغيل الآلى ، تشير تقديراتنا إلى أن 26 مليون امرأة فى 30 بلداً معرضات لخطر فقدان وظائفهن بسبب التكنولوجيا خلال الـ 20 عاماً القادمة. وتخلص دراستنا إلى أن احتمالية أتمتة وظائف النساء تبلغ 70% أو أكثر، وهو ما يعادل وظائف 180 امرأة على مستوى العالم.
وكشف التقرير عن أنه إذا ظل عمل النساء مركزاً فى القطاعات والمهن المعرضة لخطر كبير بسبب التشغيل الآلى ، قد تتلاشى سريعاً كل المكاسب التى تحققت بصعوبة عن طريق سياسات لزيادة عدد النساء فى القوى العاملة بأجر وزيادة أجور النساء لكى تتساوى بالرجال. فالخطر أكبر على وظائف النساء البالغات 40 سنة وأكثر، ومن يقمن بأعمال مكتبية، أو يعملن فى مجال الخدمات والمبيعات. قرابة 50% من النساء الحاصلات على تعليم ثانوى أو أقل معرضات بدرجة كبيرة لخطر أتمتة وظائفهن، مقارنة بنسبة 40% من الرجال. أما النساء الحاصلات على درجة البكالوريوس أو أعلى فهن معرضات للخطر بنسبة 1 %.
فالرجال والنساء فى المملكة المتحدة والولايات المتحدة يواجهون خطر التشغيل الآلى للوظائف بنفس الدرجة تقريباً. وفى اليابان وإسرائيل، نلاحظ أن وظائف النساء أكثر تعرضاً للتشغيل الآلى من وظائف الرجال. أما فى فنلندا، فوظائف النساء أقل عرضة لمخاطر التشغيل الآلى مقارنة بوظائف الرجال.
ورغم أن مشهد التشغيل الآلى للوظائف التى يمارسها الناس موجود فى كل البلدان بوجه عام، فإن احتمالات التشغيل الآلى لوظائف النساء والرجال تختلف اختلافاً كبيراً تبعاً للمكان الذى يعيشون فيه. ويلاحظ أن تمثيل المرأة ناقص حالياً فى المجالات التى تتزايد فيها الوظائف، مثل الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ففى مجال التكنولوجيا، تقل احتمالات وصول النساء إلى مناصب المديرين والمهنيين المتخصصين بنسبة 15% عن الاحتمالات المتوقعة للرجال، بينما تزيد احتمالات توليهن وظائف مكتبية وأعمالاً خدمية بنسبة 19% عن الاحتمالات المتوقعة للرجال، وهى الأعمال التى يؤدين فيها مهاماً أكثر روتينية، مما يجعلهن أكثر عرضة لمخاطر التسريح بسبب تغير التكنولوجيا.
وستحتاج المرأة الآن، أكثر من أى وقت مضى، إلى كسر السقف الزجاجى الذى يعوق ارتقاءها إلى مراكز أعلى. ويشير التقرير إلى أن روتينية مهام العمل تتسبب فى تفاقم عدم المساواة فى عائد العمل بين الجنسين. وحتى بعد مراعاة عوامل مثل فروق المهارات والخبرة واختيار المهنة، نجد أن قرابة 5% من فجوة الأجور بين النساء والرجال ترجع إلى قيام النساء بمهام عمل أكثر روتينية. ويعنى هذا فى الولايات المتحدة أن النساء يخسرن من دخلهن 26 ألف دولار على مدار حياتهن العملية.
وذكر التقرير أن هناك بعض النقاط المضيئة، ففى الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، التى تشهد تزايداً سريعاً فى عدد المسنين، ومن المرجح أن تزداد الوظائف فى القطاعات التى عادة ما تعمل فيها النساء، مثل الصحة والخدمات الاجتماعية – وهى وظائف تتطلب مهارات إدراكية وأخرى فى مجال التواصل الشخصى ومن ثم فهى أقل عرضة للتشغيل الآلى. وسيتطلب التعامل مع متطلبات شيخوخة السكان وجود عمالة بشرية أكثر إلى جانب زيادة استخدام الذكاء الاصطناعى والروبوتات، وغيرها من التكنولوجيات المتقدمة التى تكمل إنتاجية العمالة وتعمل على زيادتها فى مجال خدمات الرعاية الصحية.