فكرت فى رحلة متعتها فى شقائها، أن تسلك دربا للمشى الطويل لمدة أيام، وسط الطبيعة الساحرة حيث جبال شاهقة على الجانبين، وطيور وحيوانات نادرة حولك هنا وهناك، فتنجو من صخب الحياة فى المدينة، وتعود بنفسك إلى صفائها وهدوئها، هذا النوع من الرحلات البيئى أصبح له عاشقين يبحثون عنه ويقطعون الأميال من أجله.
دروب المشى السياحية أو الـhiking هى أحد أوجه السياحة المستدامة، التى تسعى كل الدول حاليا إلى التوسع فيها وتنميتها، تماشيا مع توجهات منظمة السياحة العالمية ومع متطلبات السوق العالمية، ودروب المشى تندرج ضمن سياحة المغامرة التى أصبحت هواية فئات كبيرة من الشباب حول العالم.
مصر الزاخرة بشتى الأنواع السياحية دخلت هذا المجال فى العام 2014 بدرب سيناء الطريق الذى يأخذك إلى قمم جبال سانت كاترين مرورا بجبل موسى والوادى المقدس، هذا الطريق الذى سلكه الحجاج المسلمين منذ قديم الأزل إلى مكة، والمسيحيين إلى القدس، والذى حاز على جوائز عديدة وذاع صيته عالميا.
درب سيناء نجح فى تنمية المنطقة المحيطة عبر الحفاظ عليها بيئيا وتوفير فرص عمل للبدو فى المنطقة الذين أصبحوا مسئولون عن كل الخدمات السياحية بهذه المنطقة، ويعملون كدليل للرحلات ومرشدين سياحيين يشرحون تاريخ المنطقة، ويقدمون خدمات للسياح مثل الطعام، وهذا هو السياحة المستدامة التى تبحث مصر التوسع فيها.
وبعد نجاح مشروع درب سيناء وقيام وزارة السياحة بالترويج له فى بورصة لندن خلال نوفمبر الماضى، تم تدشين درب جديد على طريق البحر الأحمر، وأطلق عليه درب البحر الأحمر والذى سيكون أول مسار للمشى لمسافات طويلة فى مصر، والذى سيكون بطول 170 كيلومتر ويستغرق 10 أيام والذى يُظهر أفضل الجبال خارج الغردقة.
المسار خضع لتطوير كبير بالتعاون مع الجهات المختصة، وبدايته قريبة من مطار الغردقة تيسيرا على الراغبين فى خوض المغامرة، والوصول إلى واحدة من أجمل مناطق الحياة البرية فى مصر والشرق الأوسط، ويتم إدارته بالكامل من قبل بدو المنطقة، وهدفه هو تعزيز نوع جديد من السياحة فى المنطقة تحديداً سياحة المغامرات المستدامة التى تخلق فرص العمل والفرص التى يمكن من خلالها معرفة البدو التقليدية ومهاراتهم وسبل عيشهم فى المنطقة.
الطريق يوفر فرصة للباحثين عن المغامرة التمتع بأجمل بقاع مصر حيث جبال البحر الأحمر المتنوعة الأشكال والألوان، حيث يمر بجبال شايب البنات وقمة جبل أبو دخان، وجبل أم عناب ومشاهدة حياة برية نادرة التنوع، ومن الأشجار الشائعة فى وديان المنطقة الســـنط، وشجيرات الســــواك؛ وشجرة (هجليج، أو إجليج )، وثمارها عبارة عن توت قرمزى صغير الحجم، عصيرى، مقبول كطعام.
ومن الطيور اللصيقة بالمنطقة الجبلية، الرخـمـــة المصرية، أو (أنــــوق)، وتعرف أيضا باسم (دجاجة الفرعون)؛ وطائر (حجل الصخر). أما الوديان، فهى ملتقى أنواع عديدة من الطيور المهاجرة، تتخذها محطة للراحة، ولالتقاط الغذاء.
ومن الحيوانات المتميزة التى تعيش فى جبال الصحراء الشرقية، التيس البري؛ ويُعَـــدُّ ملك الجبال حقاً، وهو أيضا معرَّض لخطر الانقراض. إنه لا يبارح أعالى الجبال إلا مرة واحدة باليوم، ليشرب من مياه الوديان.
أما عن القيمة التراثية للمنطقة فبطول الطريق تلاحقك حكايات التاريخ عمن سبقوك إلى هذا الدرب، فهنا أثار الرومان فى كل ما حولك، حيث أول مدينة رومانية المونس كلوديانوس، والتى كانت عبارة عن محجر للرخام فى الإمبراطورية الرومانية، وضمت العديد من المبانى والمنازل الخاصة بالملك، إضافة إلى الغرف والبيوت الخاصة بالعمال الذى كانوا يعملون على استخراج وتقطيع الرخام، كما ضمت المدينة معبدا رومانيا كبيرا.
درب سيناء ودرب البحر الأحمر يضعان مصر على طريق المنافسة العالمية فى مجال سياحة المغامرة الواعد، خاصة أن دروب المشى فى الشرق الأوسط محدودة وأشهرها درب الأردن ودرب المسيح فى فلسطين، ويحققان أحد أهم اهداف وزارة السياحة فى نشر ثقافة السياحة المستدامة، وتوفير فرص عمل للبدو فى مناطق معيشتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة