حركة الشباب الصومالية، وجماعة بوكو حرام، والسلفية الجهادية، وتنظيم داعش.. أسماء يتردد صداها بين الحين والآخر من قلب أفريقيا لتقف وراء كل جريمة إرهابية تسفك فيها دماء الأبرياء من أبناء القارة السمراء، وهو ما يجعل من مهمة مكافحة الإرهاب ملفاً شائكاً على طاولة الاتحاد الأفريقى، إلا أن الآمل الكبرى فى دور مصر الفعال فى هذا الشأن، وتوليها رئاسة الاتحاد يجعل من دحر الإرهاب هدفاً قابلاً للتحقيق، ما أن صدقت النوايا وتوافرت الإرادة.
وتسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى، ظهر الأحد، رئاسة الاتحاد الأفريقى من نظيره الرواندى بول كاجامى، وذلك خلال القمة 32 للاتحاد التى استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مؤكداً فى كلمته أمام الحضور أن الإرهاب سيظل "سرطاناً خبيثاً يسعى للتغلغل فى أجساد الأوطان الأفريقية ويهاجم مفاصل الدولة الوطنية".
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تضافر الجهود بين دول ومؤسسات القارة السمراء بشكل شامل لمواجهة وتحديد داعمى الإرهاب فى إطار جماعى وكاشف للقضاء على هذا الخطر.
وبحسب خبراء، لم تنتظر مصر توليها رئاسة الاتحاد لتبدأ خطتها الاستراتيجية فى مكافحة الإرهاب، إلا أنها بدأت تحركاتها المكثفة على المستوى الإقليمى والقارى لمحاربة الإرهاب والتطرف بشكل عام وبعض دول الساحل والصحراء بشكل خاص.
وقدمت مصر المركز الإقليمى لمكافحة الإرهاب لتجمع الساحل والصحراء التى أنشأته على أرضها، فى فترة وجيزة، وعلى مساحة 14300 متر مربع، وتم تزويد المركز بكافة التجهيزات السمعية والبصرية، وأحدث الحواسب الآلية، بما يحقق تنسيق التعاون بين الدول الأعضاء فى القضايا محل الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها التصدى للإرهاب وتعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
كما بدأت التدريبات العسكرية والاستخباراتية المكثفة بين وزراء الدفاع والعسكريين الافارقة لنقل خبرات مصر في مكافحة الإرهاب إلى الدول الإفريقية، للسيطرة على الإرهاب في أفريقيا، حتى لا يكون عابرًا للحدود.
وفى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أكد السفير أحمد حجاج، سفير مصر الأسبق فى كينيا، ورئيس جمعية الصحفيين الأفارقة، أن الاتحاد الأفريقى منذ سنوات وهو يضع مكافحة الإرهاب على قائمة أولوياته، ولكن ستزداد هذه الأولوية هذا العام بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسته، مشيرًا إلى أن كل القمم حتى القمة الأوروبية العربية، التى ستعقد فى شرم الشيخ آخر هذا الشهر، وضعت الإرهاب على رأس أولولياتها حتى تتخذ خطوات مشتركة لمقاومة الإرهاب .
وعلق حجاج على كلمة الرئيس السيسى أمام القمة الأفريقية، مؤكداً أنها تعكس عقيدة مصرية راسخة لمواجهة العنف والإرهاب، مشيراً إلى أن منظمة الوحدة الافريقية أنشأت اتفاقية لمقاومة الإرهاب، ولكن يعوقها إحجام الدول الأفريقية على تبادل المعلومات المخابراتية حول العناصر الإرهابية التى تقوم بمثل هذه العمليات، وبالتالى انتشر الإرهاب فى أفريقيا خلال العشر سنوات الأخيرة مثل بوكو حرام فى نيجيريا وحركة الشباب فى الصومال.
وأشار "حجاج" إلى ضرورة زيادة تعاون الدول الأفريقية، ونشر ثقافة مكافحة الإرهاب بين الشعوب، حتى يستيطيعوا مقاومة الإرهاب بالكلمة أو بالإبلاغ فى حالة أى اشتباه.
ولفت "حجاج" إلى وجود مجلس الأمن والسلم الأفريقى وهو الذى يوازى مجلس الأمن الدولى ولكن يعوزه الأداة الفاعلة للتدخل، فهناك ما يسمى بالقوى الأفريقية الجاهزة العسكرية، التى تستطيع التدخل فى أى دولة تتعرض لانتهاكات إرهابية.
بدورها، قالت الدكتور أمانى الطويل، مديرة البرنامج الأفريقى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ملف الإرهاب يقع ضمن أوليات الاهتمام المصرى سواء فيما يتعلق بسنة رئاستها للاتحاد الافريقى، أو فى استراتيجيتها المستدامة، إزاء القارة الأفريقية، وذلك لأن الإرهاب يهدد الأمن القومى المصرى وخصوصا فى مصدره بالحدود الغربية، بما يجرى فى إقليم الساحل والصحراء، وانعكاسته على منظومة الأمن فى البحر الأحمر، خصوصًا وأن تنظيم شباب المجاهدين مازال فاعلًا فى الصومال.
ولفتت "الطويل"، إلى أن مصر فى هذا السياق تنتهج عدد من السياسات أولها توطين السلم وحل النزاعات المسلحة، لأن الدول التى بها الاضرابات السياسية وتتعرض لفشل تكون مرشحة كموطن ميلشيات إرهابية. كما أنها فعالة ونشطة فى كل الجهود السياسة على المستوى الإقليمى والدولى فيما يتعلق بالملف الليبى، بالإضافة إلى تقيمها الدعم الفنى للعديد من الدول الأفريقية وخصوصا فى منطقة الساحل وخصوصًا فيما يتعلق برفع قدرات مكافحة الإرهاب.
وأكدت الطويل أن مصر تسعى خلال فترة رئاستها للاتحاد وربما ما بعدها، إلى تفعيل اللواء الشمالى للاتحاد الأفريقى، وهو اللواء العسكرى المنوط به التدخل السريع فى حل النزاعات المسلحة، وهو المعطل من 2011 لتواجده فى ليبيا، التى عانت كثيرًا خلال هذه الفترة.
وأكدت أمانى الطويل، دعم دول أفريقيا لمصر فى هذا الملف، لأنه مصلحة مشتركة بين مصر وأفريقيا، بكل الاختصاصات سواء من توفير معلومات أو تمويل أو جنود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة