اختتم معرض «فروت لوجستيكا» العالمى للحاصلات الزراعية فعالياته فى برلين، وبدأت مصر مهامها فى رئاسة الاتحاد الأفريقى من أديس أبابا، وبينما قد يبدو الأمران بعيدين ولا رابط بينهما، فإن فى العمق هناك جسرا عريضا يجمعهما.
خلال فعاليات المعرض الأبرز عالميا فى قطاع الحاصلات الزراعية حققت مصر حضورا ملموسا، عبر جناح ضخم على مساحة 1500 متر مربع بمشاركة 73 شركة مصرية، فى المشاركة العشرين لمصر بالمعرض، أما فى العاصمة الإثيوبية فقد عادت مصر إلى أحضان أشقائها الأفارقة، قائدة للاتحاد الأفريقى، بعد سنوات من العمل الجاد لتلافى آثار التوتر والقطيعة التى حدثت فى العام 2013 بسبب شائعات بعض الدول والجماعات المتطرفة، وفى الوقت الذى تراهن فيه مصر على قطاع الزراعة ضمن خطتها الاستراتيجية الشاملة للتنمية المستدامة، فإن أفريقيا تحضر كحجر زاوية فى تحقيق هذا الرهان المهم.
يقول النائب عبدالحميد دمرداش، عضو مجلس النواب ورئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية: إن رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى للاتحاد الأفريقى بمثابة انطلاق لمصر فى القارة السمراء، خصوصا على صعيد قطاع الزراعة وصادرات الحاصلات الزراعية.
وعن أحوال القطاع وأهمية الالتفات للقارة الأفريقية، وما يمكن أن يمثله التوجه نحو الجنوب من فرص واسعة للتنمية ودعم الاقتصاد، التقينا رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، وكان لنا معه هذا الحوار.
من موقعك كرئيس للمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية ما أبرز تحديات القطاع؟
- فى حقيقة الأمر فإن الصادرات الزراعية المصرية تواجه عددا من التحديات فى مسارها لتحقيق مزيد من النمو، ومنها محدودية الموارد المائية المصرية ومنافسة الدول الأخرى لمصر فى الأسواق الدولية للمنتجات الزراعية الطازجة، ومنها تركيا وإسرائيل وإسبانيا والمغرب، رغم ارتفاع الصادرات الزراعية الطازجة من 3.8 مليون طن إلى 4.1 مليون طن خلال 2017 و2018.
لماذا لم ننضم لاتفاقية «يوبوف» حتى الآن؟
- الاتفاقية صدق عليها رئيس الجمهورية منذ سنوات، ولا بد من الإسراع بالتصديق عليها فى البرلمان، فهى اتفاقية دولية تهدف لحماية الأصناف النباتية، وستدعم القطاع فى مصر، لذا أتوقع أن يصدق عليها مجلس النواب خلال دور الانعقاد الحالى.
ما تأثيرها علينا؟ وهل هى ضد صغار المزارعين فعلا؟
- الاتفاقية لها آثار إيجابية واسعة، أبرزها أننا سنتمكن من زراعة أصناف نباتية جديدة، مثل اليوسفى بدون بذر، لغرض التصدير إلى الخارج، إلى جانب إنتاج أصناف لا نزرعها حاليا من الفاكهة، وعلى عكس الشائع فإنها تفيد صغار المزارعين ولا تضرهم.
ما أسباب انخفاض صادراتنا 100 مليون دولار فى الموسم الماضى؟
- السبب الرئيسى وراء التراجع أن عددا من الدول العربية أصدرت قرارات حظر بحق بعض الصادرات المصرية، نتيجة عدم التزام بعض المصدرين بتطبيق الاشتراطات التى تطلبها تلك الدول، ومنها الكويت، التى تراجعت صادراتنا الزراعية لها بنسبة %50 مسجلة 120 ألف طن بدلا من 240 ألف طن، وهو ما دفع المجلس إلى مطالبة إدارة الحجر الزراعى وهيئة سلامة الغذاء بتفقد المزارع والوقوف على حقيقة الوضع فيها.
هل هناك أسباب معينة للحظر؟ وكيف نواجه تلك الأزمة؟
- فى الواقع فإن ما تعرضت له مصر من قرارات حظر دخول بعض الصادرات الزراعية لبعض الدول العربية يعود إلى الصورة السلبية التى خلقتها بعض وسائل الإعلام الخارجية عن المنتجات الزراعية المصرية، أو بسبب توجهات سياسية لبعض وسائل الإعلام المعارضة لمصر فى الخارج، ما يتطلب الحذر فى التعامل مع ملف الصادرات الزراعية، وضمان جودة المنتج ومطابقته للمعايير، إضافة إلى أهمية وجود علاقات ودية بين الأجهزة الفنية المشرفة على الصادرات فى مصر ونظيرتها فى الدول العربية، لبحث المشكلات التى تعترض انسياب حركة الصادرات الزراعية، حتى نتلافى صدور قرارات حظر مستقبلية بحق منتجاتنا، ويمكن الوصول لهذا من خلال عدد من الآليات المتفق عليها مع الدول العربية، والخليجية بشكل خاص، ومنها أنه حال اكتشاف مخالفة لأحد المصدرين لا تُحظر الصادرات المصرية بشكل كامل، ولكن يقتصر الحظر على الشركة المخالفة فقط.
واتفقنا مع الدول العربية أيضا على حظر الجهة العربية المستوردة للمنتجات الزراعية المصرية حل ثبوت المخالفة، اعتمادا على مبدأ المسؤولية المشتركة للطرفين عن المخالفة، بما يضمن عدم تكرارها، والأهم ضمان شفافية التعامل مع نوع المخالفة، وإخطار مصر بها قبل إصدار قرار الحظر، لاتخاذ إجراءات ضد الشركات المخالفة، بدلا من إصدار قرار حظر كلى للمنتجات المصرية، وهذه الضوابط جاءت ضمن اتفاق للتنسيق المشترك بين مصر والدول الخليجية.
ومتى يُرفع الحظر عن صادرات البصل إلى السعودية؟
- يجب أن يجرى وزير الزراعة زيارة سريعة للمملكة بمرافقة وفد فنى مصرى من الأجهزة المعنية بالرقابة على الصادرات الزراعية، لعقد اجتماع مشترك مع الجانب السعودى، وبحث كل مشكلات التصدير والتوصل إلى حلول فورية لها، من خلال ضوابط عملية يعتمدها الطرفان، لمنع تكرار أية مخالفات، وضمان الشفافية فى إدارة الملف، ودقة القرارات الصادرة بشأنه، لصالح دعم العلاقات المشتركة بين البلدين فى مجال الصادرات الزراعية.
كيف ترى فرصنا فى القارة السمراء بعد رئاسة الاتحاد الأفريقى؟
- فى البداية نبارك لسيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى تولى رئاسة الاتحاد الأفريقى، ونحن على يقين من أن القارة ستشهد عهدا مزدهرا معه، وبدورنا كمجلس تصديرى وشركات ورجال أعمال بالقطاع الزراعى ندعم السياسة المصرية فى التوجه نحو الأسواق الأفريقية، باعتبار هذا التوجه واحدا من ثوابت الدولة المصرية، ونعمل على التوسع فى التصدير الزراعى لتلك الدول، من خلال توفير خطوط لشحن المنتجات المصرية إليها، وضمان انسياب حركة الصادرات والواردات، وتشجيع الاستثمار الزراعى المباشر فيها من خلال تطبيق مبدأ الزراعة خارج الحدود، مع وجود شركات تسويق دولية للمنتجات الزراعية لتلك الدول، سواء بتصديرها إلى مصر أو لمختلف دول العالم.
كيف نضمن نجاح الأمر خاصة مع تعدد معوقات التصدير لأفريقيا؟
- لن ننجح فى هذا إلا من خلال شراكة حكومية حقيقية مع القطاع الخاص، لتشجيع المستثمرين على ضخ مزيد من الاستثمارات فى القطاع الزراعى، وتوفير قاعدة بيانات حول الاستثمار الزراعى فى أفريقيا، لتكون أداة تسهم فى توسيع مساحة العمل والاستثمارات المصرية المباشرة فى دول القارة بضمان الحكومة، أو تحت مظلتها المباشرة، على أن تكون الأولوية للسودان وإثيوبيا، وتوفير خطوط شحن مناسبة، وربط دول القارة ببعضها من خلال خطوط نقل جوى وبحرى وبرى، ولا بد أيضا من التوسع فى فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، خاصة فى دول جنوب شرق آسيا، للاستفادة من توفر خطوط شحن متعددة لتلك الدول، خاصة تايلاند والفلبين، وهو ما يسهم فى مواجهة التحديات المتعلقة بالمنافسة الدولية للوصول لتلك الأسواق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة