بينما يتجمع أكثر من 600 شخص بينهم أكثر من 35 من قادة الدول و50 من وزراء الخارجية و30 من وزراء الدفاع، لمناقشة التحديات العالمية، فى النسخة 55 من "قمة ميونيخ للأمن"، هناك سؤال يطرح نفسه وهو: كيف يمكن تنسيق جهود عالمية فى عالم يبدو فيه اللاعبون الرئيسيون غير راغبين فى الالتزام باتفاقات وولاءات ملزمة؟.
أجندة مؤتمر ميونيخ للأمن 2019
أجندة مؤتمر ميونيخ للأمن 2019، الذى ينطلق غدا الجمعة، ويشارك فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى، تعج بالكثير من القضايا الأمنية، على رأسها أسئلة مقلقة بشأن النظام العالمى، وانسحاب قوى كبرى من اتفاقات دولية حاسمة، وما يتعلق بفراغ القيادة، الذى يبدو أن الولايات المتحدة تتجه لتركه فى ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذى يبدى مزاجا متقلبا حيال الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة منذ وصوله إلى البيت الأبيض فى يناير 2017.
يركز مؤتمر ميونيخ للأـمن، على التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا والعلاقات عبر الأطلسى ومستقبل الاتحاد الأوربى. وقد أعرب فولفانج إيشينجر، رئيس المؤتمر الأمنى الأكبر فى العالم، عن قلقه بشأن مستقبل النظام الدولى الليبرالى مشيرا إلى تحديات جديدة مثل القومية المتنامية وكراهية الأجانب، تهدد قواعد النظام الدولى.
وأصدر المؤتمر تقريره السنوى تحت عنوان "اللغز العظيم: من يجمع القطع المتناثرة" الذى يتناول فى مائة صفحة الموضوعات المتعلقة بالوضع العالمى. وبحسب الإذاعة الألمانية يقول إيشينجر فى التقرير إن الوضع مقلق للغاية ويضيف أن "عهدا جديدا من المواجهة بدأ بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، ويتزامن مع فراغ فى السلطة بالنسبة للنظام العالمى الليبرالى".
والولايات المتحدة الأمريكية فى ظل رئاسة ترامب لا تبدى اهتماما كبيرا بالاتفاقيات الدولية، وتضع علامة استفهام على منظمات مثل حلف شمال الأطلسى- الناتو والأمم المتحدة. وبالفعل هناك حالة من القلق تهيمن على قادة الناتو بشأن احتمال انسحاب الولايات المتحدة من أحد المبادئ التأسيسية للمنظمة، وهى المادة 5 التى تتمثل فى الدفاع الجماعى.
والأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تريد لعب دور الزعامة فى العالم الحر، بحسب التقرير. وعوض ذلك هى تظهر "حماسة كبيرة محيرة مقلقة لرجال أقوياء". وبالنسبة إلى الحلفاء الأطلسيين من الصعب عليهم تقبل أن يشيد ترامب بزعماء غير ليبراليين.
يمثل التنافس المتصاعد بين القوى الثلاثة عامل قلق دولى قوى يهيمن على القمة. فالتوترات تتأجج بين واشطن وبكين حاليا فيما يرتبط بقضايا الاقتصاد والتجارة. فيما تعتبر الصين وروسيا فى تحالفهما خصما للغرب، إلا أنهما تراقبان بعضهما البعض فى منافسة جيوسياسية. وبين روسيا والولايات المتحدة تبقى المنافسة على التسلح، وقد أعرب رئيس المؤتمر عن آماله أن يتيح المنتدى الفرصة للمسؤولين الكبار فى الولايات المتحدة وروسيا لإجراء محادثات حول مستقبل معاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF)، التى أعلنت واشنطن مؤخرا انسحابها منها مما يهدد بصراع تسلح نووى بين القوتين.
وبينما بريطانيا مرهقة بقوة فى أزمة البريكست، فهل تتولى ألمانيا على عاتقها مسئولية جمع الأجزاء المتناثرة للنظام العالمى المفكك؟، يذكر التقرير أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت وهة تتطلع إلى مشاركتها فى مؤتمر ميونيخ الدولى للأمن، إنها تعتزم العمل من أجل الحفاظ على المؤسسات الدولية. وهذا ما يزال على الأقل يحتل مكانة هامة "كما كان عليه الوضع أيام الحرب الباردة". ودعا وزير الخارجية الألمانى، هايكو ماس قبل مدة قصيرة إلى تشكيل "تحالف متعدد الأقطاب". لكن صعوبة تحقيق هذه الأهداف تظهر انطلاقا من التعاون مع فرنسا، الشريك الأهم لألمانيا فى أوروبا.
وسيناقش خبراء من جميع أنحاء العالم مستقبل الحد من التسلح والتعاون فى مجال السياسة الدفاعية. وسيتم بحث التقاطع بين التجارة والأمن الدولى، وكذلك تأثيرات تغير المناخ والابتكارات التكنولوجية على الأمن العالمى.
وبالإضافة إلى مناقشات البرنامج الرئيسى، تشهد القمة أكثر من مائة حدث جانبى تكميلى، ويشمل هذا موائد مستديرة حول الأمن السيبرانى والطاقة والصحة والتهديدات العابرة للحدود والتكنولوجيا والدفاع الأوروبى. العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية، بما فى ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا ومنظمة حلف شمال الأطلسى، يستخدمون المؤتمر كمنبر للمناقشات وحلقات العمل المستديرة التى تجمع صناع القرار الدوليين من مختلف المجالات أو يناقشون أحدث نتائج الأبحاث حول القضايا الحالية فى سياسة الأمن الدولية.
وتشارك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مرة أخرى بعد تغييبها فى قمة 2018. ومن بين رؤساء الدول ورؤساء الحكومات المشاركين، بالإضافة إلى الرئيس السيسى، يشارك الرئيس الأفغانى محمد أشرف غانى وممثل عن الحكومة الصينية وممثلين آخرين عن حكومات غير أوروبية.
ويتوقع أن يشارك أكبر وفد أمريكى على الإطلاق فى القمة، حيث يحضر مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكى، والقائم بأعمال وزارة الدفاع باتريك شاناهان. وسيترأس وفد الكونجرس الأمريكى أعضاء مجلس الشيوخ ليندسى جراهام وشيلدون وايتهاوس وروجر فيكر ويكر وجيمس إنهوف، جنبا إلى جنب مع رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى.