تقضى أغلب أوقاتها بالمكوث فى حجرتها البسيطة المتواضعة، حتى يحين الليل لتؤوى إلى الفراش، تبذل مجهودًا مضاعفًا لتتغلب على مشقة الحياة وتوفر احتياجاتها، رغم أنها لا تستطيع أن تخدم نفسها أو وجود معين يلبى لها طلباتها، فهى تعيش بمفردها بين خضرة الطبيعة، لمدة تقارب 25 عامًا، مع زوجها المسن، بعزبة الكلايلة بكفرعابد، التابعة لمركز طوخ، بمحافظة القليوبية، قضت فيها زهرة شبابها وهرمها دون أن تتألم أو تشكو.
حجرة المعيشة للأسرة البسيطة
تلك هى من طباع الأم المثالية، تكرس عمرها من أجل أولادها، دون أن تنتظر منهم شيئًا، فضلت أن تعيش طيلة حياتها بين أحضان الزراعات فى حجرة بسيطة بها كل الأدوات البدائية، تحقق طموحاتها مع زوجها المسن الذى يحتاج إلى رعاية، حتى لا تشكل عبئًا على أحد من بناتها المتزوجات فى بيوتهن المتواضعة، لا تعرف البوتاجاز أو تشاهد التلفاز، أو وسائل إنارة تضىء لها وحشة الليل التى تمر عليهم، والسبب أنها لا تملك أموالاً لبناء منزل صغير على قطعة أرض زراعية، ورثتها عن أمها أو استطاعتها الحصول على ترخيص البناء.
مع مرور السنين وكبر سنها باتت صحة هذه السيدة فى التدهور مثل زوجها المسن، خاصة فى أوقات الشتاء وليالى البرد القارسة وإصابتها بورم فى القدم، التقى "اليوم السابع" السيدة نجدة عبدالعزيز، صاحبة 57 عامًا، لرصد همومها وأحلامها الضيقة البسيطة، والتى هى فى متناول الجميع.
السيدة نجدة تعمل فى أحد الحقول
تبدأ السيدة "نجدة" حديثها بحمد الله على نعمه الكثيرة، وأفضاله عليها، حيث تعتبر أنه رغم كبر سنها التى تقارب 60 عاما، إلا أن صحتها أغلى ما لديها أو ما تملكه فى الوقت الحالى، حيث تخرج منذ ساعات الصباح الأولى ساعية لرزقها فى توزيع الخبز على منازل المحيطين بها، مقابل أجر بسيط نظير التوصيل، وتعود متأخرًا إلى حجرتها لتقضى وحشة الليل على أضواء القمر وإشعال بعض النيران حتى يجىء نور الشروق لتكرر نفس يومها.
السيدة نجده تروى معاناتها للزميل أحمد جودة
وتقول السيدة إن أصعب الأوقات التى تمر عليها تكون فى فترة الشتاء، خاصة فى أوقات الأمطار، حيث تقضى معظم مشاويرها بالسير على قدميها لمسافات بعيدة، بالإضافة إلى صعوبة المواصلات والانتقالات بين القرى والمناطق المجاورة بسبب ضيق الطريق، وندرة مرور سيارات "الميكروباص"، فتضطر إلى الاستيقاظ مبكرًا والمشى نحو 3 كيلو يوميًا ذهابًا وعودة، لافتة إلى أنها تضطر تحمل هذا المشوار رغم أنها تجد صعوبة فى حركتها لإصابتها فى القدم، ولكن لقلة حيلتها لا تستطيع فعل شىء.
وتواصل حديثها قائلة: "الحياة صعبة بس بنكافح، وعمرى ما استسلمت ولكن الظروف بتبقى أقوى مننا فى بعض الأحيان بتفقدنا قوتنا، زوجى يحتاج إلى رعاية وبحاول أكون سنده فى آخر أيامه دون أن يشعر بإهمال منى، وبناتى بحاول ميكنش عبء عليهم، كل واحدة ليها مسئوليتها وأزواجهم وأولادهم، كل اللى بتمناه أجدد المكان اللى قضيت عمرى فيه، مقدرش اتنقل لمكان آخر".
السيدة المكافحة مع زوجها المسن
أما الزوج الطوخى محمد سعد، صاحب 85 عامًا، يقول إنه رغم ضيق المعيشة إلا أن الله أنعم عليه بالصحة وإطالة عمره بدون أمراض مزمنة، مضيفًا: "زوجتى دايما تتولى رعايتى، حتى وهى تعبانة تقوم على راحتى، وتذهب معى إلى الطبيب وتدخر من أموالها التى تتحصل عليها العلاج اللازم، حيث إن معاشى تكافل وكرامة لا يكفى لبضع أيام فقط".
جانب من اللقاء مع الأسرة البسيطة
يردف الزوج فى كلمات متقطعة تعبر عن الحسرة: "نفسى أرجع لشبابى تانى، عشان أقدر أبنى لبناتى وزوجتى منزل ملائم يليق بهم، تحملوا معى العناء وشقاء الحياة، لم ألحظ يومًا علامات الضيق أو الغضب طوال حياتى، لكن لم يكن بمقدورى فعل شيء، خاصة أن عملى بالزراعة لم يجلب لى مزيدًا من المال، الأيد قصيرة والحمد لله على نعمة الستر".
للتواصل مع الحالة الإنسانية: 01143099747
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة