أطلقت الهيئة العامة لقصور الثقافة الصالون الثقافى الأول بالأقصر تحت عنوان "مستقبل الثقافة المصرية فى ضوء المتغيرات العالمية"، وقد حاضر به الشاعر حسين القباحى مدير بيت الشعر بالأقصر الذي استهل كلامه قائلا: لكى نعرف المستقبل الثقافى فى مصر لابد أولا من فهم مكوناتها الأربع الأساسية.
المكون الأول: الحضارة المصرية القديمة، والتى تعرف بالحضارة الفرعونية، فى هذا المكون تقدم مصر نموذجا إنسانيا من التعايش الحضارى بين الديانات وأبرز مثال على ذلك معبد الأقصر، الذى يقع فى نطاقه مسجد أبو الحجاج معانقا الكنيسة.
المكون الثانى: وهو المكون القبطى، وفيه أيضا قدمت مصر نموذجا جديدا بأن أستقبل المصريون الدين الجديد، وعلى الرغم من اضطهاد الرومان للمسيحيين فى ذلك الوقت واستمرار عبادة إيزيس حتى القرن الخامس الميلادى؛ إلا أن المصريين اللذين التحقوا بالدين الجديد شكلوا رافدا مهما للثقافة المصرية وخاصة بعد اعتراف الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية كدين جديد.
المكون الثالث: وهو المكون الإسلامى الذى أعطى المصريين لغة جديدة وهى العربية، وهى من اللغات السامية التى تضم التركية القديمة والعبرية القديمة والأوردية والفارسية، وهناك دراسات كثيرة تؤكد أن اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية) من اللغات السامية، خاصة وأن قواعدهما النحوية والإعرابية تكاد تكون متطابقة.
ولكن فى بادئ الأمر لم يتقبل المصريون العربية وأجادوا العربية بعد تقريبا 200 عام من دخول الإسلام وخاصة بعد تعريب الدواوين فى عهد عبد الملك بن مروان. بعدها ظهر الشعراء والأدباء والكتاب المصريين مثل بهاء زهير وصاحب معجم لسان العرب. وهضم المكون العربي الجديد الحضارة المصرية وأنتج نموذجا جديدا بعيدا عن الجمود الفكرى.
المكون الرابع: هو المكون العربي، ولمصر مواقف كثيرة دافعت فيها عن العروبة مثل موقعة حطين وعين جالوت وغيرها، وأبرزت شخصيات مؤثرة مثل العز بن عبد السلام وغيره.
ويضيف القباحى: يجب معرفة الطارئ الذى وفد على مصر فى عهد محمد علي، فما قبله حيث حدث تراجعاً كبيراً فى عهد العثمانيين حيث إفراغ سليم الأول لمصر من الحرفيين والصناع والأطباء المهرة. وفى عهد محمد علي اكتشف الفارق بين مصر وأوروبا خاصة فى الجيش، فتواصل مع أوروبا وأرسل البعثات إلى مصر فظهر التأثير الأوروبى على مصر، وأصبحت مصر إمبراطورية كبيرة فى الصناعة والتجارة والترجمة وغيرها من المجالات.
وتابع، أن فكرة التناطح مع أوروبا لوجود مكون آخر كانت تتأرجح بين الصعود والهبوط. فهذا المكون الذى يمثل عنصر مهم فى الحضارة المصرية أضيفت عليه المعارف وشبكات التواصل فظهرت لغات تسمى الكونية، وكذلك تأثير أخر إلى الجانب الأوروبي هو الجانب الآسيوي الذى يمثل قوة عظمى معرفية.
لذا لابد من المحافظة على المكونات الأساسية المصرية بالإضافة إلى الاستعانة بالمكونات الفكرية التى نستفيد منها من الحضارات الأخرى.
وعلى الجهات الفاعلة المؤثرة فى الثقافة المصرية أولها التعليم والثانى وزارة الثقافة وهيئات الإعلام والأوقاف والأزهر فهم لديهم أخطر دور فى الحفاظ على المكون الثقافى المصري ودعمه، خاصة ونحن فى مرحلة بناء مصر من جديد، فنحن فى حاجة إلى ثورة معرفية تبنى المفاهيم مرة أخرى.