"حرب نجوم باردة" بين بكين وواشنطن.. وسلام "الكوريتين" صعب
ترامب و"بريكست" ومظاهرات "السترات الصفراء" نتاج لهيمنة الجانب المظلم على العالم
كونى مياكى
وأضاف الباحث اليابانى، كونى مياكى، رئيس معهد السياسة الخارجية، فى إطار شرحه لإستراتيجية Indo-Pacific أو ما تعرف باسم "الهندى الباسيفيك" إن الشرق الأوسط وآسيا يشكلان مسرحا واحدا سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو حتى العسكرية.
وأوضح رئيس معهد السياسة الخارجية، فى طوكيو، وهو مدير البحوث لشئون الأمن القومى والوطنى فى معهد كانون للدراسات العالمية وأستاذ زائر فى جامعة Ritsumeikan، فى تصريحات خاصة لليوم السابع أنه من الناحية العسكرية، ترتبط أمريكا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل وثيق، فالقيادة الأمريكية فى المحيط الهادئ، أصبح يطلق عليها القيادة الأمريكية فى "الهندى الباسيفيك" ومقرها فى هاواى، كما يغطى الأسطول السابع النصف الغربى من المحيط الهادئ ومعظم المحيط الهندى، فضلا عن الأسطول الخامس والذى يوجد فى المنامة، وهو ما يعنى أن البحرية الأمريكية لطالما وجدت فى منطقة الباسيفيك وستظل.
الباحث اليابانى مع اليوم السابع
أما من الناحية الاقتصادية، فالخليج يعد مصدر الطاقة الأول بالنسبة لدول شرق آسيا، فضلا عن وجود معاملات تجارية تزيد من الترابط بين دول الشرق الأوسط ومنطقة "الهندى الباسيفيك"، مشيرا إلى أن هذا يزيد من التعاون بين المنطقتين ويجعلهما مرتبطتان.
وكانت إدارة الرئيس دونالد ترمب، مصطلح "الهندى الباسيفيك Indo-Pacific" لوصف المنطقة الاستراتيجية الأكبر بالنسبة للمصالح بآسيا؛ وهو ما يفرض ضرورة الحفاظ على المصالح بهذه المنطقة، والتوفيق بين الاختلافات التى تشهدها حدود المحيط الهندى والهادئ، وما يمكن القيام به بتلك المنطقة الهائلة.
وأضاف نائب المدير العام السابق لمكتب الشرق الأوسط فى وزارة الخارجية اليابانية، قائلا: إن الدول المشتركة فى هذه الاستراتيجية ربما يكون بينها تعاون اقتصادى وعسكرى، ولكن ليس بالضرورة تعاون سياسى نظرا لتعدد الدول المشاركة فيها، فمثلا هناك الهند، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا وكذلك الصين، لهذا من الصعب الاتفاق على خط سياسى موحد. وأوضح أنه من الناحية الجغرافية، مصر جزء من هذه الاستراتيجية بسبب وجود قناة السويس والبحر الأحمر، أما من الناحية السياسية، فالقاهرة مرتبطة بهذه الاستراتيجية بسبب قربها من الخليج.
الباحث اليابانى مع محررة اليوم السابع
وعن أبرز التحديات التى تواجه استراتيجية "الهندى الباسيفيك"، قال "مياكى" إن الاستراتيجية واجهت تحديات كبيرة خلال الـ50 عاما الماضية، فمثلا عندما كانت تشهد منطقة الشرق الأوسط أى أحداث سياسية كبيرة تؤثر على واردات النفط، كان يمثل ذلك ضغوطا على آسيا نظرا لتوقف حركة النقل. أما التحدى الثانى، فكان الثورة الإسلامية فى إيران. ثم تلا ذلك، حرب الخليج، وبعدها غزو العراق. وأعتبر أن ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط يؤثر بالضرورة على آسيا.
وأضاف الباحث اليابانى أن العالم ينال نصيبه من التغيرات الاجتماعية والسياسية، وليس منطقة الشرق الأوسط وحسب، لاسيما مع تنامى مد الشعبوية والقومية والخوف من الأجانب، والتمييز، واصفا هذه الحركات بالـ"الجانب المظلم". وأوضح أن هذا الجانب أصبح منتشرا، حتى أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب نتاج لهذا الجانب، وليس صانعه.
وأعتبر كذلك مياكى أن دعوة رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى أيضا نتيجة لهذا الجانب المظلم، موضحا أن فرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد كذلك تأثرت بهذه المشاعر التى يروج لها مجموعات قليلة من الناس، مثل الرجال البيض غير المتعلمين فى الولايات المتحدة، ومثل اللندنيين فى المملكة المتحدة الذين يرغبون من مغادرة التكتل الأوروبى، ومثل القائمين على مظاهرات "السترات الصفراء" فى فرنسا.
وأضاف أن هذه الحركات تتفق فى كراهيتها للمهاجرين والمسلمين والمؤسسات بوجه عام، مشيرا إلى أنها موجودة فى جميع أنحاء العالم، ولكن الزعماء الذين يستطيعون التصدى لهذه الأفكار، ينجحون مثل شيزو آبى، رئيس الوزراء اليابانى، على حد قوله، على عكس الرئيس الفرنسى السابق، فرانسوا هولاند والحالى، إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء بريطانيا السابق، كاميرون الذين فشلوا فى السيطرة على هذه الحركات.
كونى مياكى مع محررة اليوم السابع
أما عن مبادرة الصين "الحزام والطريق"، وتأثيرها على استراتيجية "الهندى الباسيفيك"، قال رئيس معهد السياسة الخارجية اليابانى، إن الصينيين وحدهم هم من يستطيعون شرح هذه المبادرة، واصفا إياه بـ"الشعار" للترويج لمشاريع أو أفكار موجودة بالفعل باعتبارها مشاريع جديدة، نافيا أن تشكل تهديدا على الاستراتيجية. وأوضح أن الصين تتبنى سياسة بحرية عدائية، ويجب أن تظل الخطوط البحرية مفتوحة لجميع البلدان.
وأوضح رئيس معهد السياسة الخارجية اليابانى، أن الصين تواجه خطر الدخول فى منعطف اقتصادى خطير، حيث يواجهون أزمة "فخ الدخل المتوسط"، والتى تعنى تباطؤ النمو فى اقتصادات الدخل المتوسط بما يمنعها من خلق المزيد من الزخم الاقتصادى، الأمر الذى يؤدى فى نهاية المطاف إلى تراجع إجمالى الناتج المحلى للفرد. ولا يمكن مواجهة هذا الفخ إلا بالإصلاح والانفتاح الاقتصادى والابتكار وتطبيق التكنولوجيا الحديثة، مثلما فعلت طوكيو، بحسب قوله.
كونى مياكى الباحث اليابانى
وعن الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، قال رئيس معهد السياسة الخارجية اليابانى، أنه يعتبرها "حرب النجوم الباردة" بينهما، موضحا أنها "باردة" لأن الصين لن تتحدى الولايات المتحدة عسكريا، كما أن الأمريكيين لن يغزو أبدا بكين، مثلما فعلت اليابان وفشلت، لأن حجم الصين فى حد ذاته يفرض تهديدا بحيث لا يمكن السيطرة عليها كلها. وعن تسميته لها بـ"حرب النجوم"، فشرح أن الصراع أشبه بسلسلة الأفلام الشهيرة، حيث تتألف من 9 حلقات على الأقل، والحلقة الأولى بالنسبة للحرب بين بكين وواشنطن هى كوريا الشمالية، فما يحدث فى هذا الملف يعتمد بشكل كبير على العلاقة بين البلدين. أما الحلقة الثانية فهى الحرب التجارية، والثالثة يمكن أن تكون قضية بحر الصين الجنوبى، والرابعة يمكن أن تكون جزر سينكاكو المتنازع عليها بين اليابان والصين، والخامسة المحيط الهندى، وتايوان، وغير ذلك من الحلقات.
وعن تهديد كوريا الشمالية للمنطقة، وإمكانية إحلال السلام بين الكوريتين وتوحيد الشعبين، استبعد رئيس معهد السياسة الخارجية اليابانى، إمكانية حدوث ذلك، لاسيما مع وجود الصواريخ قصيرة المدى لدى بيونج يانج قائلا: إن وجود هذه الأسلحة يمثل تهديدا مباشرا على طوكيو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة