يبدو أن هزيمة داعش على يد قوات التحالف الدولى فى العراق وسوريا تمثل أزمة جديدة للدول الغربية، ففى حين يرى البعض أن الكابوس قد انزاح تقريبًا، لكن هناك توابع تتمثل فى أولئك الذين يرغبون فى العودة إلى بلدانهم بعد سنوات قضوها فى معاقل التنظيم الإرهابى، غير أن ما يعقد الأمور أكثر أن أغلب أولئك هم من النساء اللائى فررن من بلدانهن ليتزوجن وينجبن من عناصر إرهابية.
وخلال الأيام الماضية حظيت قضية الشابة البريطانية شميما بيجوم، التى عرفت بعروس داعش، باهتمام وسائل الإعلام الدولية حيث تطالب بالعودة إلى بلدها مع رضيعها بعد أربعة أعوام قضتها فى سوريا وقد تزوجت هناك بأحد عناصر داعش وعمرها وقتها 15 عاما، فى حين لم تبد ندما مطلقا على الانضمام للتنظيم.
وردًا على هذا الزخم قالت وزارة الداخلية البريطانية، إنه تم تجريد "عروس داعش" من جنسيتها البريطانية، مشيرًا إلى أنه تم سحب الجنسية من بيجوم ضمن 100 آخرون انضممن للتنظيم الإرهابى، إذ تسلمت عائلتها خطابًا الثلاثاء، يفيد بأن وزير الداخلية ساجد جاويد أصدر أمرًا "بتجريدها من الجنسية البريطانية" اليوم الثلاثاء.
لكن شميما ليست الوحيدة، فهدى مثنى، الشابة صاحبة الـ24 التى تحمل الجنسية الأمريكية، تتوسل من أجل فرصة ثانية والسماح لها بالعودة للانضمام إلى أسرتها فى ولاية ألاباما الأمريكية. وعلى النقيض من العروس البريطانية، فإن الأمريكية التى تزوجت من ثلاثة من مقاتلى داعش وشهدت عمليات إعدام، باتت تشعر بالندم، ذلك بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
واستسلمت "مثنى" الشهر الماضى، إلى قوات التحالف، وتقضى أيامها كمعتقل فى مخيم للاجئين شمال شرق سوريا. وقد انضمت إليها فى مطلبها، كيمبرلى جوين بولمان (46 عاما)، وهى تمتلك جنسية مزدوجة حيث تحملى جنسيتى للولايات المتحدة وكندا.
وتقول صحيفة الفايننشال تايمز إن الدول الأوروبية تواجه تحديات جمة بشأن استقبال مواطنيها الذين التحقوا بتنظيم داعش فى سوريا، وتشير إلى أن قضية شميما تعكس المصاعب الأمنية والسياسية والقانونية التى تواجهها الدول الأوروبية وهى تناقش مسألة عودة مئات المقاتلين السابقين فى صفوف تنظيم داعش وأنصاره.
وتصاعد التوتر بشأن الموضوع بعد تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، التى طالب فيها الدول الأوروبية، خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وبلجيكا باستقبال المقاتلين السابقين وعائلاتهم، بعدما قضت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على آخر جيوب التنظيم شرقى سوريا.
ولكن الدول الأوروبية المعنية، حسب التقرير، لا ترى الحل بالطريقة التى يعرضها ترامب ويطالب بها. فقد عبرت فرنسا، الإثنين الماضى، عن استعدادها للنظر فى قضية مواطنيها حالة بحالة، وقالت إنها لن تستجيب لطلب الرئيس الأمريكى بترحيل المقاتلين السابقين وعائلاتهم فورًا.
وبالفعل أتخذت بريطانيا موقفًا أكثر تشددًا، إذ قال وزير الداخلية، ساجد جاويد، إنه لن يتردد فى منع عودة البريطانيين الذين دعموا تنظيم داعش فى الخارج.
ويذكر التقرير أن دراسة أجريت عام 2016 أحصت ما بين 3900 إلى 4300 من مواطنى دول الاتحاد الأوروبى التحقوا بصفوف داعش، أغلبهم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا، وعاد 30% منهم إلى بلدانهم.
ويضيف التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة تحتجز من 800 إلى ألف مقاتل أجنبى فى سجونها بينهم بريطانيون وأمريكيون وفرنسيون وألمان، ونحو 4000 من أقاربهم أغلبهم نساء وأطفال، فى مخيمات.
وتشكل عودة المقاتلين السابقين وعائلاتهم مخاوف لدى السلطات الأمنية فى الدول الغربية، إذ يرى مسئولون أمنيون تحدثت إليهم الصحيفة أن هؤلاء المقاتلين السابقين "تلقوا تدريبات وحصلوا على مهارات وقدرات تجعلهم يشكلون خطرًا أمنيًا محتملاً".
كما تخشى السلطات الغربية من غضب شعبى من السماح لهؤلاء المقاتلين السابقين بالعودة خاصة الذين لم يعبروا عن الندم، إذ أن شميما قالت لوسائل الإعلام إنها لم تندم على السفر إلى سوريا.
وتقول نيويورك تايمز أن عددًا قليلاً من الأمريكيين، ما لا يقل عن 59 سافروا إلى سوريا للانضمام إلى داعش، ذلك وفقًا لبيانات تتبع برنامج جورج واشنطن للتطرف.
وقد تم ترحيل جميع الرجال الأمريكيين تقريبًا الذين تم أسرهم فى المعارك، ولكن لم يتضح سبب عدم معرفة بعض النساء الأمريكيات وأطفالهن، الذين يبلغ عددهم نحو 13 على الأقل.
وبينما رفضت متحدثة باسم مكتب التحقيقات الفيدرالى التعليق على حالتى مثنى وبولمان، لكنها قالت إن العملاء يعملون عادة على إقامة قضية جنائية ضد أى أمريكى ينضم إلى تنظيم داعش، باعتباره منظمة إرهابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة