أدى الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، خطبة الجمعة، بمسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث أوضح معنى القوة عند الإنسان المصرى عبر تاريخه، قائلا: "المصرى ما تمكن عبر تاريخه من رعاية العلم ومدارسه وبناء الحضارة إلا عن طريق قوة نفسية خارقة، مشيرا إلى أن للإنسان المصرى مع معنى القوة تاريخ طويل وممتد، مما يمكن معه تلخيص مفاتيح المصرى فى كلمة واحدة وهى أنه إنسان قوى".
وقال الأزهري، إن عشرات من الأمواج العاتية التى ظهرت وأرادت لهذا الوطن شرا فتجلى الله بالتوفيق على شعب مصر العظيم بكسر المكائد، فالمصرى تنجلى الكربات من حوله وهو كالصخرة الثابتة، مضيفا أن القوة مبدأ شرعى كريم رسخه الله تعالى فى نفوس الناس ليواجهوا به الأزمات والشدائد وأمواج التشكيك والإحباط والحزن، إذ لا يتمكن الانسان بمواجهة ذلك إلا بالقوة.
وأشار الأزهرى، إلى قصة ذو القرنين فى القرآن الكريم مستشهدا بقوله تعالى "قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا، قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما".
وأكد أن الشرع الشريف يبنى فى نفوس الناس معنى القوة وتراكمت على المصرى أمواج من المكائد عبر التاريخ، فأدرك أن دوره وريادته ونجاحه لا يمكن أن يستمر إلا إذا كان ممتلئا باطنه بمعنى القوة، متسائلا كم من دولة وأمة وكم من هجمة شرسة جاءت على أرض مصر فمكن الله أرض الكنانة من دحرها، فخرج التتار وما تركوا مملكة ولا أمة من قلب آسيا إلا اجتاحوه ودمروا الحضارة ومراصد الفلك والمكتبات ومزقوا الجيوش، ولم ينهزم جيش قط من جيوشهم، إلا أنهم عندما اقتربوا من أرض الكنانة مصر أيد الله المصريين بالقوة والسداد، وكان من أدوات الحرب النفسية عند التتار شائعاتهم بأنهم جيش لا ينهزم قط فخرج المصريون فانزلوا أول هزيمة بجيش التتار.
ثم تكرر ذلك مع الصليبيين وأمواج الاستعمار المختلفة، ولازال المصرى قادر على دحر كل ذلك.
وتابع: القوة تنقسم إلى عدة مستويات قوة فى النفس، وقوة فى الارادة تجعله قادر على أن يخترق التحدى، وقوة فى العقل والعلم والمعرفة تجعله قادر على بناء الذات.
ثم طرأ علينا فى السنوات الاخيرة فكر دينى منحرف انجرف فى فهم الوحى ومقاصد الشريعة فحول الشرع من المسار الذى أراده الله له الذى يكون حفظًا للأنفس والعقول وللدين والأعراض وصناعة للحضارة، فأطلت أمواج التطرف من الجماعات التكفيرية فانحرفوا بالهدى الشريف، وخرجوا على الناس بالتكفير والجاهلية وترويع الآمنين، وخطاب دينى قبيح مظلم، ثم سلكوا مسلك التفجير والاغتيال وترويع الآمنين، والأدهى أنهم يرتكبون جرما وراء جرم، ويزهقون الأرواح ثم يدعون أن هذا الجرم دين.
وقال إن قوة المصرى تأبى على الاختراق ضد من يتلاعبون بوعيه، فهو قادر على الثبات النفسى فى ظل أمواج التشكيك والتزييف، والمصرى لم يزل عبر تاريخه قوى ثابتا واثقًا قادرا على اختراق الامواج وأن يطفأ نيران التكفير والتضليل أن يستعيد ذاكرته ويحفظ وطنه ويصنع مستقبله، قال تعالى "ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدينا ويشهد الله على مافى قلبه"، موضحا أن هذا النمط من البشر الذى حذر الله منه إنما يستعان على مواجهته بقوة نفسية وبقوة روحية وعقلية لمواجهة انخداع قوله المعجب فى تأويل الآيات والأحاديث وترويجها ترويجًا باطلًا.
وجه رسالة قال فيها: أتشرف بتوجيه رسالة إلى كل أم مصرية وسيدة وإلى كل شاب وطفل وإنسان على أرض الكنانة " إن العهد بكم وإن سنة الله فيكم أنه إذا جاءت على أرض الكنانة موجة تستهدفها وتريد لها الشر وتستهدف التلاعب بوعى الإنسان أو تدخل على الإنسان تشويشا فى ذاته ومؤسساته ووطنه فإن الله يتجلى على الانسان بمدد روحانى وفيض ربانى يملأ القلوب يقينا وثباتًا، صدا للتزييف وحماية لشعب مصر العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة