يبدو تداول السلطة فى دولة قطر لا يعرف سوى الانقلاب والسطو على السلطة، حتى ولو كان بين أفراد الأسرة الواحدة، ولعل ما حدث فى مثل هذا اليوم عام 1972 عندما تولى الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى مقاليد الحكم فى دولة قطر بعد انقلابه على ابن عمه الشيخ أحمد بن على آل ثانى.
ويأتى نظام الحكم فى إمارة قطر ملكية مطلقة تحكمها عائلة آل ثانى، حيث كانت أسرة آل ثانى حاكمة فى قطر منذ عام 1825، لكن منذ استقلال الإمارة فى مطلع السبعينيات، لا تعرف سوى الانقلاب على الحكم.
وبحسب كتاب "أسرار قناة الجزيرة والثورات العربية حقائق صادمة ومثيرة"، إنه عندما استقلت قطر عن بريطانيا عام 1971 م، كانت المشيخة تحت حكم الشيخ أحمد بن على أل ثانى، الذى أطيح به بانقلاب عسكرى نفذه ابن عمه الشيخ خليفة بن حمد أل ثانى، وقام خليفة بتوطيد حكمه من خلال تسليم مفاصل الدولة لأولاده، إلا أنه لم يكن أن الضربة ستأتيه من حيث لا يحتسب من ابنه البكر حمد.
ويوضح الكتاب، وكان حمد أكبر أولاد خليفة، وكان أفشلهم فى الدراسة ما دفع الأب إلى إخراج الابن من المدرسة قبل أن ينهى الثانونية العامة، أرساله إلى كلية ساندهيرست العسكرية فى بريطانيا، ولم يتمكن حمد من إنهاء الدراسة فى الكلية، حيث فصل منها بعد تسعة أشهر ليعود لقطر برتبة جنرال، ليصبح قائد للجيش وواليا للعهد عام 1971.
فى هذه الأثناء كانت دخلت الشيخة موزة، كزوجة رابعة للشيخ الصغير حمد بن خليفة، الذى ارتبط ببنات عمومته، وبدل أن تعيش موزة على الهامش كما خطط لها حماها، نسجت خيوطها حول الشيخ الشاب غير المتعلم، الطامح بخلافة والده الذى بدا وكأنه لن يموت، وهنا خطط للانقلاب عليه.
وجاءت بداية حكاية انقلاب حمد على أبيه خليفة، بداية من يوم 27 يونيو 1995، حيث كان الشيخ خليفة يغادر قطر إلى أوروبا فى رحلة استجمام كعادة شيوخ الخليج الذين يهربون من حر الصيف إلى برودة أوروبا، ولم يكن خليفة يعلم أن حفل الوداع الذى أجرى له فى مطار الدوحة كان الأخير، وأن الابن حمد قبل يد والده أمام عدسات التليفزيون، وقد انتهى من وضع خطته للإطاحة بأبيه واستلام مقاليد الحكم.
وفى صبيحة اليوم، قطع تليفزيون قطر إرساله لإعلان البيان رقم واحد، وعرض صور لوجهاء المشيخة وهم يقدمون البيعة للشيخ حمد خلفا لأبيه، وقالت مصادر مقربة من الشيخ خليفة حينها، إن ما تم جرى دون علمه بما جرى.
وتمخض الانقلاب عن اعتقال 36 شخصا من المقربين من الشيخ خليفة، وتم الزج بهم فى سجن بوهامور، وكانت تلك بداية الانهيار الجديد فى الأسرة الحاكمة، بحسب وصف المؤلف، وذلك بعدما تم اكتشاف مؤامرة لقلب نظام الحكم الجديد يتزعمها ابن عم الشيخ خليفة، ووصفت تقارير عن مصادر مطلعة داخل العائلة القطرية، أن الشيخة موزة كانت عراب هذه الانقلابات فى الأسرة وقد نفذتها اعتمادا على رأس حربة من أبناء العائلة، هو حمد بن جبر آل ثانى وزير الخارجية القطرى السابق.
من جديد عادت الانقلابات إلى أسرة "خليفة" هذه المرة، كانت على يد الابن، الذى قوى عوده، ورأى أن والده قد قضى فى السلطة 18 عاما، وحان وقت رحيله، بانقلاب عسكرى وليس تنازلا عن السلطة، هذا ما أكده المراقبون والإعلاميون المتابعون لشأن هذه الدولة الغريبة التى ينقلب فيها الأبناء على آبائهم.
خرج حمد ليعلن تنحيه عن الحكم، وتنازله لنجله "تميم"، لكن المراقبين والإعلاميين، والذين راقبوا ما يحدث فى الداخل القطرى أدركوا ما يدور، لقد كان انقلابا جديدا، استطاع الابن الشاب أن يسيطر على مقاليد كل شىء فى الداخل القطرى.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن هؤلاء المراقبين أشاروا وبشكل واضح بأصابع الاتهام إلى الشيخة "موزة" لدورها فى هذا الانقلاب، وتسليم السلطة إلى الابن، سعيا لسلطة أكبر، خاصة فى ظل تحجيم الشيخ حمد بن خليفة لطموحاتها، وهو ما بات واضحا للجميع بعدها وكيف تعاظم دورها بإزاحة زوجها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة