سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 فبراير 1980.. تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل.. وحفاوة فى «تل أبيب» ومليون علم فلسطينى فى القاهرة.. واعتصام مسلح لسعد حلاوة

الثلاثاء، 26 فبراير 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 فبراير 1980.. تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل.. وحفاوة فى «تل أبيب» ومليون علم فلسطينى فى القاهرة.. واعتصام مسلح لسعد حلاوة السادات ومناحم بيجن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الوقت صباحا يوم 26 فبراير-مثل هذا اليوم-1980 حين توجه السفير المصرى «سعد مرتضى» إلى مدينة القدس ليقدم أوراق اعتماده كأول سفير مصرى فى إسرائيل، وكانت القاهرة تشهد أيضًا تقديم «إلياهو بن اليسار» أوراق اعتماده كأول سفير إسرائيلى فى مصر، بعد توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» بين الرئيس السادات ومناحم بيجن رئيس الورزاء الإسرائيلى فى 17 سبتمبر 1978.
 
بشهادة السفير سعد مرتضى فى مذكراته «مهمتى فى إسرائيل» عن «دار الشروق-القاهرة»: «كان التناقض كبيرا بين الترحيب الذى استقبلتنى به حكومة إسرائيل وشعبها، وبين«التحفظ» الذى استقبل به السفير الإسرائيلى فى القاهرة».. ووصف «التحفظ» هو تعبير مخفف للحالة التى كانت سائدة، فبينما كانت «الدبلوماسية الرسمية» تمارس نشاطها، وشهد رفع العلم الإسرائيلى على مبنى فى حى الدقى، كان صراخ وعويل سيدات يرتفع حزنا فى المبنى المجاور، وشاركت النقابات وأحزاب المعارضة المصرية فى إصدار بيان ترفض فيه هذه الخطوة، ودعت نقابة المحامين المصرية وحزب العمل بزعامة المهندس إبراهيم شكرى إلى رفع مليون علم فلسطينى فى مصر، ورفعت النقابة العلم الفلسطينى إلى جانب العلم المصرى فوق مبناها، وتم حرق العلم الإسرائيلى وسط حصار أمنى كبير لمبنى النقابة.
 
كانت المفاجأة الأكبر فى قيام الشاب «سعد إدريس حلاوة».. «مواليد 2 مارس 1947» ابن قرية أجهور الكبرى، مركز طوخ، محافظة القليوبية، بالاعتصام المسلح فى الوحدة المحلية بالقرية، واحتجاز مواطنين فى حجرة بالدور الثانى بمبنى الوحدة، وتحويلها إلى إذاعة عبر مكبر صوت تذيع أغانى عبد الحليم حافظ الوطنية، وخطب جمال عبد الناصر، وتلاوة من القرآن الكريم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وإعلانه أنه لن يفك الاعتصام إلابطرد السفير الإسرائيلى من مصر، مما اضطر وزير الداخلية اللواء النبوى إسماعيل إلى الحضور للقرية، وكان هناك خط ساخن بينه وبين الرئيس السادات لإنهاء هذه المفاجأة بأى طريقة، فأعطى «النبوى» أمرا بتصفية «حلاوة»، وهو ماحدث بالفعل، وقبل موته كتب بدمائه على جدران الحجرة التى كان فيها: «لاإله إلاالله.. تعيش مصر حرة».. وكان سعد أول شهداء مقاومة التطبيع فى مصر.
 
فى مقابل هذا المشهد الرسمى والشعبى الذى عاشته مصر يتذكر مرتضى الحفاوة التى قوبل بها فى إسرائيل، مشيرًا إلى أنه كان يرافقه عدد كبير من زملائه أعضاء السفارة المصرية فى إسرائيل، ووصلوا جميعًا إلى فندق الملك داود، مضيفًا: «بدأ الركب الرسمى المعتاد من فندق الملك داود، ووضع العلم المصرى على السيارة التى كنت أستقلها، وجلس بجوارى مدير المراسم، كما جلس أمامى ضابط الأمن الإسرائيلى، وسارت دراجتان ناريتان فى المقدمة، وتبعتنا سيارة أمن بها حارسان آخران، تليهما سيارة لبعض أعضاء السفارة الذين حضروا معى تقديم أوراق الاعتماد، وتوجه الركب إلى مبنى «رؤساء دولة إسرائيل»وهو اسم الدار المخصصة لرئيس الدولة».
 
يضيف:«عندما نزلت من السيارة شاهدت علم مصر يرفرف عاليًا أمام الدار وإلى جواره علم إسرائيل، واصطف حرس الشرف وعزفت الموسيقى نشيد مصر بلادى بلادى لك حبى وفؤادى»، وبعد ذلك النشيد الوطنى الإسرائيلى«هاتيكثا.. ثم مررت أمام حرس الشرف الذى اصطف لتحية سفير مصر، وتقدمنى مدير المراسم إلى القاعة التى كان الرئيس إسحاق نافون يقف فيها، وأمام مكبر الصوت الذى أعد لى، ألقيت كلمة باللغة العربية، وترجمت فورًا إلى اللغة العبرية، ثم ألقى نافون رده متعمدًا أن يكون بمزيج من العربية والعبرية، وأشاد فيه بالسلام الوليد بين البلدين، ويحكمه الرئيس السادات وشجاعته».
 
يتذكر مرتضى: «بعد ذلك تقدمت لمصافحة نافون وسلمته مظروفا يحتوى على أوراق اعتمادى «سفيرا فوق العادة ومفوضا لجمهورية مصر العربية لدى إسرائيل.. اصطحبنى الرئيس نافون بعد ذلك إلى أريكة وجلست إلى جواره، وكان معنا المستر جوزيف تشيخانوفر مدير عام الخارجية الإسرائيلية فى ذلك الوقت»، إذ كان موشى ديان استقال من وزارة الخارجية وتولى رئيس الوزراء مناحم بيجن عمله، بالإضافة إلى رئاسة الوزراء»..وتبادلنا الحديث باللغة العربية التى يتقنها نافون بالإضافة إلى سبع لغات أخرى، وقدم لى عصير البرتقال احتراما للتعاليم الإسلامية التى تحرم شرب الخمور، ثم صحبنى فى جولة صغيرة داخل قاعات الاستقبال فى دار رؤساء إسرائيل، مشيرًا إلى الأعمال الفنية الجميلة من رسوم وتماثيل منحوتة وزجاج النوافذ الملون التى أبدعتها أيدى كبار الفنانين والمثالين من يهود العالم، إسهامًا منهم فى تجميل مقر رئيس دولة إسرائيل».
 
يضيف «مرتضى»: «عند خروجى من الدار شاهدت جمعًا من الناس ينتظرون خارج المبنى لمشاهدة السفير المصرى الجديد بعد تقديم أوراق اعتماده،وعدت إلى فندق الملك دواود حيث أقمت حفل استقبال صغيرًا، كما تقضى العادات المرعية، ودعوت إليه نفرًا من رجال المراسم الإسرائيلية من رئاسة الدولة ومن وزارة الخارجية، بالإضافة إلى زملائى فى السفارة، وعدنا بعد ذلك إلى تل أبيب».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة